28-أكتوبر-2018

متضامنة مع الناشط السعودي المعتقل رائف بدوي أمام السفارة السعودية في عمان (أ.ب)

ألترا صوت - فريق التحرير

أثار اغتيال الصحفي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في إسطنبول زوبعة إعلامية ودبلوماسية غير مسبوقة. حتى من كانت تعدهم السعودية حلفاء من ساسة الدول الغربية لم يستطيعوا السكوت أمام هول الحدث الإجرامي. هذا في جزء منه عدم تحمل لعنجهية وعلانية الجريمة بحق خاشقجي، إن لم يكن بالضرورة موقفًا إنسانيًا أخلاقيًا متعلق بمبادئ مطلقة.

استهجن العالم المشاهد المصورة التي كان يبثها تنظيم داعش لضربه أعناق المعارضين والمتمردين على سلطته الإجرامية. في ذات الوقت هذه منهجية سعودية معتمدة وعلانية منذ عشرات السنين!

إذًا على الرغم من عدم اكتراث كثير من "الدول الكبرى" بجرائم السعودية في حربها ضد اليمن، نظرًا لصفقات الأسلحة أو أوجه الاستفادة الأخرى، من بيها الرشاوى والصفقات التجارية والاستخبارية السرية، إلا أن مملكة آل سعود وتصرفات نظامهم عادا ليشغلا حيز الضوء مجددًا من باب التورط العميق في جرائم موصوفة وعلانية، فقتل خاشقجي كان أقرب للجريمة المتلفزة أكثر من أي شيء آخر، فهو ليس ناصر بن السعيد الذي اختطف في عتمة بيروت، ولا مرقد الروائي السعودي ومهندس النفط عبد الرحمن منيف الذي خرب ونكل بجثمانه بأصابع المخابرات السعودية في ليل لاعتماد صاحبه "الكلمة" في شرح  مسار آل سعود ولعنة نفطهم على أصقاع الحجاز ونجد وغيرها من أقاليم جزيرة العرب.

اقرأ/ي أيضًا:  بالأدلة والتفاصيل.. كيف تستدرج السعودية معارضيها في الخارج؟

ما معناه، انعدام الإمكانية لحصر الإجرام السعودي في حالة خاشقجي، على فداحتها، وهنا بعض الزوايا التي تضيء على قتامة الجرائم التي مارسها، وما زال، النظام السعودي. 

1- حرب اليمن الإجرامية

 منذ قرابة 4 سنوات لم تتوقف آلة القتل السعودي في اليمن، جوًا وبرًا وبحرًا. مارست السعودية القتل بحق النساء والأطفال العزل، وبالتدمير العشوائي للأحياء السكنية، كما قطع الإمدادات الغذائية والدوائية. وصولًا إلى تنبه الأمم المتحدة لحجم الكارثة التي تقترفها السعودية وحلفها الحربي في اليمن، من ضمنه الإمارات بالتأكيد، إذ حذرت المنظمة الأممية منتصف الأسبوع الفائت من أن الأحوال في اليمن ذاهبة نحو وجود 13 مليون قتيل، إما بالنيران وإما بالتجويع والمرض والحصار، داعية في الوقت عينه إلى ضرورة وضع حد لليد السعودية المطلقة ضد اليمن بصفقات التسليح الإنجليزية والفرنسية والأمريكية. 

2- الاعتقال التعسفي والإخفاء  والتعذيب والإعدام للنشطاء والصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان، وحتى رجال الدين

تعد هذه الممارسة التعسفية غير الإنسانية وغير الشرعية جزءا مؤسسًا من عقيدة القمع السعودي، ليمكن القول أنها مورست في جميع مراحل حكم آل سعود، وإن كانت اليوم في ظلال الملك سلمان وولي عهده، ابنه محمد، قد شهدت انفجارًا لم يسبق أن تم التوصل إليه. 

3- اعتقال الناشطات النسويات والتنكيل بهن، والتمييز العنصري ضد المرأة بالمجمل

 لجين الهذلول، إيمان النفجان وعزيزة اليوسف. ما هذه السماء إلا لنساء طالبن بالتعامل معهن بشكل آدمي، وليس كبشر أدنى مرتبة من غيرهن لمجرد هويتهن الجندرية والجنسية, هذه مجرد 3 أسماء لناشطات نسويات نكل بهن النظام السعودي شر تنكيل، كما العشرات غيرهن في الفترة الأخيرة، والقائمة تطول. بينما السخرية تستمر بالترويح والاحتفاء بالسعودية عبر الإعلام المأجور على أنها مملكة صديقة للمرأة، وهذا فقط لمجرد السماح للمرأة بقيادة مركبة بذاتها، في الوقت الذي أصبح العالم فيه لا يعتبر القيادة مجرد حق طبيعي أو مهارة اعتيادية، بل أيضًا هجرها ليفكر ويعمل على تصنيع مركبات ذاتية القيادة. 

4- ضرب الأعناق

استهجن العالم المشاهد المصورة التي كان يبثها تنظيم الدولة الإسلامية – داعش، من معاقله في العراق وسوريا حين كان يضرب أعناق المعارضين والمتمردين على سلطته الإجرامية. لكن لم ينتبه أحد، ربما، أن الإعدام  بضرب الأعناق إنما هو منهجية معتمدة وعلانية في مملكة آل سعود منذ عشرات السنين.  

اقرأ/ي أيضًا:  انتهاكات السعودية بحق المهاجرين الإثيوبيين.. سرقة وتعذيب وترحيل قسري

5- العقوبات المستوردة من العصور الوسيطة بحق المعارضين والتعذيب الروتيني

 يتعرض المعارضون والنشطاء وأصحاب الرأي في السعودية لأشكال بائدة، حتى من بعض المعاجم والقواميس، من أصناف التعذيب والتنكيل والحط من الكرامة الإنسانية، ناهيك عن مخالفتها لكل ما قيل في حلبة القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني. وإلا، ماذا يعني الحكم على الناشط رائف بدوي إضافة لـ10 سنوات من الاعتقال لأن يكتوب بـ10 آلاف جلدة؟! إضافة لهذه الحالة هناك مئات الحالات من المعتقلين السياسيين الذين يتعرضون للتعذيب الممنهج كأنه خبزهم اليومي، وهذا صنف أبشع وأكثر جرمية من التعذيب العقابي حتى، فهو تعذيب لأجل التعذيب، روتين يومي وفعل اعتيادي لجلادي النظام السعودي، كأنه فن لأجل الفن!

تعد العقوبات المستوردة من العصور الوسيطة بحق المعارضين والتعذيب الروتيني من أبرز سمات منهجية القمع السعودي الرسمية

6- التمييز العنصري الديني

 يعتقد العالم أن التمييز العنصري كان مرتبطًا بأفريقيا الاستعمارية فقط، أو في حالة إسرائيل الاستعمارية أيضًا، لكن ما يتم في السعودية هو حقًا تمييز مركب متعدد الطبقات والاتجاهات. بالإضافة للتمييز العنصري ضد المرأة وضد العمالة الوافدة وضد أهل أقاليم وقبائل سعودية بعينها، هناك أيضًا التمييز الديني واضطهاد السعوديين الذين يعتقدون بالمذهب الشيعي من الإسلام. إذ شهدت الأعوام الأخيرة تصعيدًا للقمع المنظم والعلني بحق هؤلاء، وصولًا للإعدامات العلنية بحق قادة دينيين ومجتمعيين من بينهم.  

7- التعتيم الإعلامي و"صفر" حرية صحافة وانعدام الوصول للمعلومات

يمكن القول وفق المأثور الشائع بسحبه على الحالة السعودية، أن ما يحصل في السعودية يبقى في السعودية، تعبيرصا عن حالة الظلام المعلوماتي الذي تفرضه أيادي النظام، فلا صحافة مستقلة ولا حرية تعبير ولا حق لوسائل الإعلام الدولية بالتغطية إلا لما يريده أهل السلطة، إضافة أن منصات السوشال ميديا، التي توبها عشرات آلاف الحسابات المخابراتية للترويج للنظام السعودي، هي فضاءات مراقبة بصرامة، ولا بد أن يتعرض أي مستخدم "يسيء" استخدامها من وجهة نظر النظام السعودي وأجهزته القمعية ومخبريه لواحدة من العقوبات الواردة أعلاه، ناهيك عن "عقوبة" الإخفاء القسري والاغتيال كما الحالة الأخيرة التي شهد عليها العالم مع الصحفي السعودي المقتول جمال خاشقجي. 

8- تمويل الإرهاب واحتضانه

منذ نشاة تنظيم القاعدة في أفغانستان شكلت السعودية مموله وراعيه الأبرز، وكان هذا بالتواطؤ مع سياسات بريجنسكي في واشنطن، لينقلب سحر واشنطن عليها لاحقًا وبيد طفلة صفقاتها المدللة، أي مملكة آل سعود. بعيدًا عن التقارير الإنجليزية والأوروبية، وقفزًا عن اعترافات عشرات الإرهابيين من تنظيم القاعدة وغيره من أخوات التنظيم في التكفير والتفجير بأدوار السعودية في تنقلاتهم وتمويلهم والتخطيط لعلمياتهم، بل وطلبها، يستكفى بالإشارة السريعة لمجريات قانون جاستا، ودعاوى أهالي ضحايا 11 أيلول/سبتمبر المنظورة أمام القضاء الأمريكي ضد السعودية. عوضًا عن عشرات الملايين من الدولارات التي أنفقتها السعودية للتملص من الإدانة، وهو الأمر الذي لم يفلح. كما أن السعودية مارست التهديد بالإرهاب طويلًا، كان آخر هذه التهديدات لكندا، حين هددتها السعودية بهجمات شبيهة بما حصل في "غزوة مانهاتن" الممولة سعودية والتي اشترك في تنفيذها عشرات السعوديين الذي كانوا على صلة مباشرة برجال النظام. وهذا لأن كندا انتقدت جانبًا من الممارسات القمعية السعودية التي أشير إليها أعلاه.  

 

اقرأ/ي أيضًا:  

أدلة إضافية ضد مملكة الإرهاب.. تدريبات على "غزوة مانهاتن" بأموال السعودية

"هيومن رايتس ووتش" تدين الاعتقال التعسفي في السعودية.. عبث بلا ضوابط!