20-نوفمبر-2019

أوراق فرعونية

كتب عالم الفيزياء الفلكية البريطاني فريد هويل (1915 - 2001): "هناك خمسة سطور إذا ما نُشرت، سيكون من شأنها أن تدمر حضارات". قد تكون هذه السطور التي يقصدها هويل جزءًا من بعض النصوص "الخطيرة جدًا" تلك التي اختفت دون سبب، أو تم تصعيب فكها، أو حُرّفت بشكل ممنهج عبر التاريخ.

ألهمت الكتب الممنوعة إمبرتو إيكو في روايته "اسم الوردة" التي سردت قصة حصلت في القرون الوسطى

"كتاب توث" الذي يشرح كيفية السيطرة على الأشعة الكونية، إلى جانب "مخطوطة فوينتش" 1404-1438 التي خلص "أرشيف دراسات بحوث فوينتش" إلى أنه لم يتم فك رموز هذه المخطوطة حتى اليوم بالرغم من محاولات علماء التعمية في فهم محتواها، وإنما الشيء الوحيد الذي اتضح يتلخص في أن المخطوطة تشرح كيفية استخدام الطاقة النجمية.

"فوينتش" المنسوبة إلى "روجر بيكون" كانت قبل بضعة عقود على مرأى من الجميع، إذ عرضت للبيع مقابل 160،000 دولار في مكتبة نيويورك لسبب بسيط: لم يتمكن أحد من فك شفرتها.

اقرأ/ي أيضًا: إعادة ترميم أقدم مكتبة في العالم

لم يكشف هويل أكثر مما ذكره إزاء السطور الخمسة إلى أن توفي عن 86 عامًا متهمًا بالزندقة، لنظرياته حول أصل الحياة على كوكب الأرض، وتأكيده على أن الانفجار الكبير الذي أدى إلى نشوء الكون لم يحدث مطلقًا. من الجدير بالذكر أن هويل هو الذي أطلق ساخرًا مصطلح "بيغ بانغ" خلال لقاء له مع إذاعة بي بي سي.

"على الرغم من أن بعض النصوص لم يتم انتزاعها من عامة القراء، إلا أن هناك أفراد يرغبون بعدم تداولها تمامًا"، هذا هو رأي الفيلسوف الفرنسي جاك دريدا (1930-2004) حيال موضوع الكتب الممنوعة أو المحرمة التي ألهمت العديد من الكتاب، مثل الكاتب والروائي الأمريكي هوارد لافكرافت (1917-1937) الذي استخدم في عدد من رواياته "كتاب العزّيف أو: نيكرونوميكون" وهو كتاب خيالي منسوب إلى شاعر عربي اسمه عبد الله الحظرد. يتحدث "العزّيف" عن أسرار الأشعة وعمليات السحر الكوني.

أيضًا ألهمت الكتب الممنوعة الفيلسوف والروائي الإيطالي إمبرتو إيكو (1932-2016) الذي سرد في روايته "اسم الوردة" قصة حصلت إبان القرون الوسطى تسرد المؤامرات التي أحيكت حول مكتبة عظيمة تحتوي أعمالًا مدونة بخط اليد، وهي نسخ فريدة يحتفظ بها رهبان في دير مغمور.

ضمن إطار آخر، يعتبر "كتاب تحوت" من أهم الأعمال الأسطورية، وهو عبارة عن سلسلة علمية مكتوبة على أوراق بُردة تم نسخها سرًا، يتراوح عمرها من عشرة وحتى عشرين ألف سنة. تحتوي الأوراق على أسماء الفراعنة المصريين، بالإضافة إلى تضمنها أسرارًا من عوالم مختلفة يُزعم أنها تعطي "قوة هائلة" لمن يقرأها، لا سيما أنها تتحدث عن أسباب امتلاك السلطة على الأرض والمحيطات والأجرام السماوية، كذلك فإنها تحتوي أسرار الكلام بمنطق الحيوانات بغرض التواصل معها وتسخيرها. حسب الكاتب الإيطالي ماريو إنفليزي في مؤلفه "الكتب الممنوعة".

"كلمات السلطة" تم الإعلان عن دفن هذا الكتاب عدة مرات، بما في ذلك بواسطة محاكم التفتيش، لكنه عاود الظهور على مر التاريخ ولا يستبعد أنه قد أصبح الآن في يد بعض المجموعات التي تمتلك أسراره وتستخدمه. يتميز "كلمات السلطة" بخاصية أوراقه المقاومة للنار. كذلك فإن مخطوطة "ماذرز أو: الفجر الذهبي" تعتبر أيضًا واحدة من أهم الأوراق السرية في التاريخ، وهي مدرجة ضمن قائمة النصوص المُدانة، وفقًا لإنفليزي.

في منحى آخر، يعتبر ماريو إنفليزي أن أكبر تدمير معرفي في التاريخ هو تدمير مكتبة الإسكندرية، 48 قبل الميلاد، فقد كانت المكتبة تضم أقسامًا للعلوم الطبيعية والرياضيات، موزعة ضمن سبعمائة ألف وثيقة، وقد أدى تدميرها إلى فقدان مخطوطات المؤرخ والمنجم بيروسو صاحب نظرية "الربع الشمسي النصف دائري"، وهي نظرية تصوّر الصراع الحاصل بين أشعة الشمس والقمر.

اختفت مئات الآلاف من الأعمال والبيانات العلمية التي من المؤكد أنها كانت ستغير حياتنا ورؤيتنا للعالم

كذلك كانت "مخطط آخر للأهرامات" من بين المخطوطات التي تم إخفاؤها، إلى جانب أعمال فيثاغورس وسليمان وهرمس، والتي كان بعضها في قبو سري داخل الأهرامات المصرية، حسب إنفليزي.

اقرأ/ي أيضًا: العالم من منظور السحر

على مر القرون، تمت إضاعة مكتبات عظيمة، مكتبة القسطنطينية، ومكتبة الخلفاء في القاهرة، ومكتبة الإسلام في طرابلس ليبيا، أيضًا مكتبة الخلفاء في قرطبة، وغيرهم. لقد اختفت مئات الآلاف من الأعمال والبيانات العلمية التي من المؤكد أنها كانت ستغير حياتنا ورؤيتنا للعالم.

 

اقرأ/ي أيضًا:

أمبرتو إيكو.. عن الكتب التي لا نقرؤها

"ظل الريح".. حكاية المدينة مدفونة في مقبرة كتب