01-يوليو-2018

إدواردو ليما ليما/ البرازيل

اسمي عائشة، أو آيشا، كما تحب أن تناديني السيدة التي أقيم عندها وتدعى وعد.

كما أنها سيدة صغيرة، في ريعان شبابها

عمري الآن مجمد مثل قطعة آيس كريم وضِعت في الثلاجة مطولًا. بالمناسبة أنا أحب المثلّجات، والمشروبات الباردة، وأجيد صنع الحلويات، والفطائر المحشوة بالزبيب والكراميل، لكن سيدتي الصغيرة تفضل مربى اليقطين المنزلي، تأكله بنهم.

ذات مرة لمحتها من خلف الباب، تعانق صورةً بأصابعها وذراعيها، قالت لي - الحبّ لا يكون بالشوكة والسكين! اغلقي الباب.

جئتُ بصفة مستأجرة، والآن أنا مقيمة مجبرَة. أعمل كموظّفة في قسم الاتصالات فهي لا تجيب على مكالماتها، تقول -الكلماتُ بنات الآلهة يجب ألا تمنح للهواء، كما لو أنّها هدية.

رئيسة قسم الاستقبال، أدبّر الحجج لإلغاء المواعيد مع الناس. تقول في ذلك - الناس عبء كليلٍ طويل-. تحب اللقاءات القصيرة التي تحدث بالصدفة، تعتقد أنّ -الصدفة ابنة القدر، لكنها أكثر نزاهة منه-ولا أوافقها أنا أحبهم، لا يمكنني أن أنظر للمرآة وألمح وجهي وحده، بالمناسبة إنها تكره المرايا - المرايا سكاكين العين-.

وأدير المكتب التنفيذي للخطط والمشاريع. طالبة هندسة أذهب عنها للجامعة وأقضي وقتًا ممتعًا، أعود لأحدثها عن الأشكال الهندسية والمجسمات، بينما تستغرق ساعات لتروي لي تاريخ الأدب العربي ونشأته وتطوره.

ربة منزل جيدة أذهب للتسوق وأطبخ الطعام الذي لا يؤكل ربعه،

دومًا ألمحها تتسلل للمطبخ إنها ماهرة وتحب ألا تظهر ذلك.

تخبئ في صناديقها صورًا لأطفال عديدين. تقول إنهم-المخلوقات الأكثر صدقًا على وجه الأرض وما عداهم سرب من الأقنعة- أنا لا أحبذ ضوضاءهم البتة.

مستشارة لا بأس بها في أمور السياسة، إلا أني أشتم ترامب ورفقاءه معها ونحن نلتهم الموالح والمكسرات.

مدربة رقص بارعة في الحركات البهلوانية، نرقص على أنغام هندية وغربية تحبها.

منسقة ملابس مصففة شعر خبيرة تغذية ومصلحة اجتماعية قارئة ومستمعة ومدونة ملاحظات جيدة.

لم تسبب لي أي أذى لكني ومنذ ثلاثة وعشرين عامًا أحاول الهرب، أستغل نومها الطويل، وأمضي، أجوب الشوارع وأنا أغني، آكل الآيس كريم.

ألقي السلام على الناس في الأزقة ومن الشبابيك وعلى السطوح.

أتصل بأقربائي أفتح أحاديثَ بلا قيمة.

أعود منهكة للغرفة الصغيرة

أشغل الأضواء.

 

وعد أمام المرآة

تشعر بوعكة في معدتها

تحمل دواوين الشعر والأدب.

 

أكسر المرايا بأول شيء تراه عيني

أحمل حقيبتي أخرج مرآتي الصغيرة

أتفرس في الوجه الذي يلبسها

لا يوجد أثر لعائشة

وعد تصرخ مجددًا

 

أهم لأحدثها

لا أستطيع، لا كلمات في جوفي، أدرك أني استهلكتها كلها، أطفئ الأضواء، تخرج وعد من المرآة، أعانقها، ونعود معًا وجهًا وجسدًا واحدًا، بعد كل محاولاتي الفاشلة، صرت على يقين أننا سنبقى دومًا متشابهتين رغم الاختلاف، وصرت أشك في الأمر، هل تسكنني عندها، أم العكس؟ وهل علينا أن نعترف أنه بداخل كل منا ضد، نتعايش معه ونعيش به؟

 

تقول -الشك كارثة، وما زلنا نصرّ أنه دعابة-

وأنا أعتقد أنها على حقّ.

 

اقرأ/ي أيضًا:

إيلاهي راهرونيا: الاستيقاظ في هيئة فراشات

نرى الزمنَ في ضجيج المياه