25-يناير-2018

سخرية واسعة من انتخابات المرشح الوحيد في مصر (مجدي فتحي/ Nur Photo)

اتخذ رئيس أركان القوات المسلحة المصرية الأسبق، الفريق سامي عنان، خطوة تبدو أنها أربكت المشهد السياسي ولم تكن محسوبة أو مخططًا لها من كل الأطراف، وذلك بإعلان ترشحه لانتخابات الرئاسة القادمة تزامنًا مع مؤتمر "حكاية وطن" برعاية عبدالفتاح السيسي، ليصرّح السيسي خلال المؤتمر أنه "لن يسمح للفاسدين بالاقتراب من كرسي الرئاسة".

اعتبر بعض النشطاء أن بيان القوات المسلحة والإجراءات التعسفية ضد عنان هي بمثابة تأكيد على حجم التدخل الصارخ في نزاهة سير العملية الانتخابية

واعتبر البعض هذا التصريح تلميحًا يُقصد به الفريق سامي عنان، وما هي إلا أيام قليلة فعلاً حتى أصدرت القوات المسلحة المصرية بيانًا في ظهر يوم الثلاثاء 23 كانون الثاني/ يناير 2018 تضمن اتهامات وما اعتبر مخالفات قانونية ارتكبها الفريق عنان، وفي اليوم نفسه ألقت قوات الأمن القبض على سامي عنان للتحقيق معه فيما نُسب إليه من اتهامات.

ونشرت خمس منظمات حقوقية بيانًا مشتركًا يستنكر استبعاد الفريق عنان من الانتخابات الرئاسية بهذه الطريقة وأعربت عن قلقها إزاء تدخل وانحياز أجهزة الدولة ومؤسساتها للرئيس السيسي، مشيرة إلى منع الفريق أحمد شفيق من الترشح للرئاسة ووضعه قيد الإقامة الجبرية، ومحاكمة العقيد أحمد قنصوة عسكريًا وحبسه لمدة 6 سنوات، وأن مثل هذه الإجراءات تعزز دوافع العنف والإرهاب.

هاشتاغ #مينفعش_تترشح_عشان

اعتبر بعض الناشطين والفاعلين في المجال السياسي وبعض المدونين على مواقع التواصل الاجتماعي، أن بيان القوات المسلحة والإجراءات التعسفية ضد الفريق عنان هي بمثابة تأكيد جديد على حجم التدخل الصارخ في نزاهة سير العملية الانتخابية وفرض وصاية على خطاب المرشحين المحتملين، ما جعلهم يدشنون على موقع التواصل الاجتماعي تويتر وسمًا/ هاشتاج #مينفعش_تترشح_عشان، ودونوا من خلاله بسخرية وتهكم عن بعض الحالات التي تمنع من الترشح للرئاسة.

دشن نشطاء على تويتر وسم #مينفعش_تترشح_عشان، ودونوا من خلاله بسخرية عن بعض الحالات التي تمنع من الترشح للرئاسة حاليًا في مصر

كتبت إحدى المدونات أن "الشخص الذي يرشح نفسه في انتخابات الرئاسة في أي دولة يكون مرشحًا محتملًا، إلا في مصر، فهو سجين محتمل!".

تويتر

كما نشر البعض مقطعًا من الفيلم الأمريكي الكوميدي The Dictator (2012) الذي يقوم فيه بطل الفيلم بأداء دور حاكم عربي ديكتاتور، أهوج يأخذ كل ما يريد بالقوة والسلاح، ويتلخص المشهد في مشاركة هذا الحاكم الديكتاتور في سباق للجري مع عدائين آخرين إلا أنه يطلق النار على كل من يقترب منه في السباق، لينتهي السباق به فائزًا أوحدًا مسجلاً رقمًا قياسيًا جديدًا، في إسقاط بين هذا المشهد والسباق الرئاسي الحالي.

تويتر

وما كان مثيرًا للسخرية أيضًا هو إعلان أمين حزب مصر العروبة الديمقراطي (الذي يتزعمه الفريق عنان) بمحافظة المنوفية استقالته من الحزب ومبايعته للرئيس السيسي، وذلك فور إعلان خبر القبض على الفريق عنان!

تويتر

ونشرت مدونة صورة تهكمية من إحدى الألعاب الشعبية القديمة في مصر والمعروفة باسم "بنك الحظ" حيث سحب أحد اللاعبين ورقة فوجد عليها "لقد ترشحت للرئاسة، إذهب للسجن حالاً"، كما نشرت شبكة الحدود الساخرة خبرًا بعنوان "السيسي يكلّف إدارة السجون باستقبال طلبات الترشح للرئاسة!". وتوقع البعض في إطار السخرية السوداء أن تكون نتيجة الانتخابات الرئاسية القادمة كالآتي عبد 32% الفتاح 41% السيسي 27%.

تويتر

اقرأ/ي أيضًا: خالد علي من أجل إرباك النظام لا إسقاطه

السوشيال ميديا تدفع خالد علي نحو الانسحاب

انقسمت الآراء على مواقع التواصل بعد القبض على سامي عنان بين مؤيد لاستكمال جمع التوكيلات للمرشح الرئاسي المحتمل خالد علي لاستيفاء شروط الترشح ومعارض لخوض السباق الرئاسي القادم من الأساس في ظل تلك التضييقات الأمنية والتنكيل بباقي المرشحين، خاصة أن خالد علي أعلن في وقت سابق ضرورة وجود ضمانات حقيقية لنزاهة وشفافية العملية الانتخابية وإلا المقاطعة ستكون الخيار الأقرب.

لم تشر ممارسات الدولة المصرية إلى أي نوايا حسنة لتحقيق النزاهة الانتخابية بل ظهر تدخل القوات المسلحة في سير العملية الانتخابية إضافة إلى عدم وقوف مؤسسات الدولة على مسافة واحدة من كل المرشحين، وانحيازها الفج إلى السيسي، ما يجعل الانتخابات القادمة تفتقر إلى الجدية والشفافية والشروط العادلة، وهو ما دفع شريحة كبيرة من مؤيدي خالد علي لتدشين وسم/ هاشتاج #انسحب_يا_خالد مطالبين علي بالانسحاب من الانتخابات القادمة، وحمل الوسم انتقادات لممارسات بعض أعضاء حملة خالد علي، ومطالب واضحة بضرورة الانسحاب من العملية الانتخابية التي تحولت إلى مهزلة كاملة على الرغم من محاولات إضفاء نوع من الجدية ومحاولات خوض المعركة الانتخابية لنيل القليل من الحقوق وفتح المجال العام وتشكيل جبهة قوية للمعارضة المصرية.

دشنت شريحة واسعة من مؤيدي خالد علي هاشتاج #انسحب_يا_خالد مطالبين علي بالانسحاب من الانتخابات القادمة وهو ما حصل إيمانًا بأنها تمثيلية لا أكثر

وعقدت الناشطة السياسية إسراء عبد الفتاح استفتاءً على صفحتها على موقع فيسبوك لمعرفة رأي الناس إذا كانوا مع قرار انسحاب خالد علي من الانتخابات الرئاسية أم مع الاستمرار في استيفاء شروط الترشح، صوّت على الاستفتاء أكثر من 3500 شخص، 87% منهم صوّتوا من أجل الانسحاب من الانتخابات الرئاسية.

اقرأ/ي أيضًا: هل يصلح خالد علي رئيسًا للجمهورية؟

خالد علي ينحاز للشباب.. والسيسي وحيدًا بلا منافسين

أصيب الوسط السياسي بحالة من الارتباك والشكوك حول قرار خالد علي بشأن الانتخابات الرئاسية في ظل الضغوط الممارسة عليه في كلتا الحالتين؛ إن أعلن انسحابه أو أعلن استمراره.

انعقد المؤتمر الصحفي لحملة خالد علي وجاء الخطاب متوازنًا، واضحًا، شارحًا الوضع القائم والضغوط التي واجهتها الحملة والتضييقات الإدارية والأمنية أثناء جمع التوكيلات من المؤيدين في المحافظات المختلفة، خاتمًا حديثه بالانصياع إلى رأي الأغلبية من شباب الحملة الذين ارتأوا الانسحاب من الانتخابات الرئاسية القادمة خيارًا أفضل في ظل سعي السلطة الحثيث لإفساد العملية الانتخابية وتسميمها.

هكذا أصبح الرئيس السيسي هو المرشح الوحيد حتى الآن وتتحول الانتخابات الرئاسية إلى استفتاء مُطالب فيه السيسي بالحصول على موافقة 5% على الأقل من أعداد الناخبين المقيدين بقاعدة البيانات، ما لم يظهر مرشح آخر قبل غلق باب تقديم أوراق الترشح، حيث تنص المادة رقم 36 من قانون الانتخابات الرئاسية على أن "يتم الاقتراع لانتخاب رئيس الجمهورية حتى لو تقدم للترشح مرشح وحيد أو لم يبق سواه بسبب تنازل باقي المرشحين وفى هذه الحالة يعلن فوزه إن حصل على 5% من إجمالي عدد الناخبين المقيّدة أسماؤهم بقاعدة بيانات الناخبين فإن لم يحصل المرشح على هذه النسبة، تعلن لجنة الانتخابات الرئاسية فتح باب الترشح لانتخابات أخرى خلال خمسة عشر يومًا على الأكثر من تاريخ إعلان النتيجة ويجرى الانتخاب في هذه الحالة وفقًا لأحكام هذا القانون".

ويعلّق المصور الصحفي حسام الصياد عضو حملة خالد علي، أنه لا يرى الانسحاب هزيمة إنما انتصارًا لكل القيم والمبادئ التي طالما تبناها، كما كسب خالد علي ثقة الناس بخروجه من السباق الرئاسي، حسب تعبيره، وأضاف: "الخيار كان صعبًا، وأي سياسي آخر غير خالد، ربما استمر في ترشحه بدوافع برجماتية، ولكن خالد انحاز للشباب، ولم يسمح لنفسه أن يزج بهم في معركة عفنة".

وتضيف الصحفية سولافة مجدي، عضوة حملة خالد علي أيضًأ، أنها شعرت بالانكسار والخيبة واليأس على الرغم من كونها إحدى المصوتين على قرار الانسحاب الصعب، على حد وصفها، وقالت إن "عزاءها الوحيد في القلوب الطاهرة المؤمنة بمبادئ ثورة يناير".

ويضيف في ذات السياق، الصحفي محمد صلاح متهكمًا إن "السيسي أصبح مضطرًا أن يُخرج المرشح الذي أخفاه في دُرج المكتب كي ينافسه ويصنع انتخابات شكلية، أو أن يخوض الانتخابات وحيدًا ويحصد 3 مليون صوت في الاستفتاء".

 

 

اقرأ/ي أيضًا:

لماذا لا أدعم ترشح خالد علي وأجده مثيرًا للسخرية؟

هل يتكرر سيناريو حازم صلاح أبو إسماعيل مع خالد علي؟