09-نوفمبر-2017

من مؤتمر إعلان ترشح خالد علي للانتخابات الرئاسية في 2018 (رويترز)

"باسم الأمل، باسم الحرية، باسم العدالة الاجتماعية ابدأ خطابي في إعلان موقفي من انتخابات رئاسة الجمهورية 2018. بهذا الشعب وقدرته على التغيير يأتي هذا الإعلان إيمانًا منّا بقدرتنا وقدرة الشعب المصري على مقاومة هذا المصير، وصنع بدائل لمستقبل أفضل". بهذه الكلمات افتتح المحامي الحقوقي المصري، خالد علي، خطابه الذي أعلن فيه ترشحه لانتخابات الرئاسة، وذلك صباح يوم الإثنين الماضي السادس من تشرين الثاني/نوفمبر 2017، من مقر حزب الدستور.

برؤية غير مكتملة، وبكوادر غير فعالة، أعلن المحامي الحقوقي المصري خالد علي، خوض الانتخابات الرئاسية في 2018

في خطابه، هاجم خالد علي بشكل ضمني مستتر، النظام المصري الحالي، بالتعليق على اقتباسات سابقة لعبد الفتاح السيسي، أو بالإشارة لبعض والملفات التي إما فشل النظام في إدارتها، أو أثار بسببها غضبًا شعبيًا كبيرًا، مثل ملف سد النهضة وقضية تيران وصنافير. بالطبع لم ينس خالد علي الإشارة إلى قمع الحريات والانتهاكات التي تتعرض لها حقوق الإنسان في ظل النظام الحالي.

اقرأ/ي أيضًا: بعد الحكم ضد خالد علي.. التنكيل والمكايدة في القمع عند نظام السيسي

ومع إعلانه خوض الانتخابات القادم في حزيران/يونيو 2018، إلا أن خالد علي لفت إلى أنّ "المقاطعة ستكون الخيار الأفضل" في حال لم تكن هناك ضمانات حقيقية لنزاهة العملية الانتخابية.

رؤية غير مكتملة وكوادر غير فعّالة

من إعلان ترشح خالد علي للرئاسة، وما تلاه من تصريحات للشخصيات المرتبطة بالحملة، أو من أعلنوا دعمهم لها، مثل هالة فودة المتحدثة الرسمية باسم الحملة، أو خالد داوود رئيس حزب الدستور؛ يُمكن ملاحظة عدم وجود خطة واضحة حتى الآن للفترة المقبلة للإعداد للمعركة الانتخابية.

ولم يُجب أحد من الحملة الانتخابية لخالد علي أو المرتبطين بها على الأسئلة المتعلقة بأدوات الحملة ووسائلها لمواجهة التحديات، والترويج لخالد علي، في ظل مناخ سياسي لا يسمح بأي ممارسة أو حراك على الأرض. كما لم يتطرق أحد إلى نقطة تأمين أفراد الحملة ومتطوعيها من الملاحقات الأمنية، وهو أمرٌ وارد جدًا في ظل حالة القمع غير المسبوقة التي تعرفها مصر منذ الثالث من تموز/يوليو 2013. 

وهو أيضًا أمر يُثير مخاوف قطاع من الشباب المتحمس للتغيير في مصر، من أن يُشارك في حملة خالد علي، خاصة وأن علي نفسه، وقبل ساعات من مؤتمره الصحفي، أعلن عن مداهمة قوات الأمن للمطبعة التي كانت تقوم بطباعة الأوراق الخاصة بالمؤتمر والدعاية الانتخابية، ومصادرة هذه المطبوعات وتمزيقها. ليبرز سؤال هام: إذا كان المرشح الرئاسي نفسه غير آمن من قمع النظام، فكيف يشعر المؤيدون له والمتطوعون في حملته بالأمن الشخصي؟

 

 

وخلال حديثها مع التلفزيون العربي، طالبت هالة فودة، المتحدثة باسم حملة خالد علي، بـ"فتح المجال العالم" كأولوية في الوقت الراهن، لكنها في المقابل لم تحدد ملامح محددة تعبر عن هذا المطلب، ولم تحدد كذلك الضمانات التي اشترط خالد علي توافرها لخوض الانتخابات، ولم توضح كذلك خطوات الحملة في حالة ثبت الحكم الصادر بحقه بالحبس ثلاثة أشهر، ما يعني منعه من الترشح.

وبالتواصل مع أحد المحامين في حملة ترشح خالد علي، والذي فضل عدم ذكر اسمه، قال لـ"ألترا صوت"، إن عدم وضوح الرؤية بالشكل المرجو، وعدم وجود إجابات شافية على الأسئلة المثارة والمتعلقة تحديدًا بالخطة المستقبلية؛ هو أمرٌ مرتبط بانتظار القرار النهائي للمحكمة في قضية خالد علي، والذي وفقًا للمصدر "سيحدد الكثير من الأمور". مع العلم بأنّ المحكمة أجّلت البت في قضية خالد علي لكانون الثاني/يناير القادم.

تعتيم إعلامي

يرى مراقبون أن اختيار توقيت إطلاق الحملة الانتخابية لخالد علي، ومكان الإعلان، لم يكونا مناسبين كفاية، فمن جهة المكان وهو مقر حزب الدستور، لم يستوعب بما فيه الكفاية الصحفيين والراغبين للانضمام للحملة، بسبب ضيقه، ومن جهة التوقيت، فقد تزامن الإعلان عن الترشح مع أحداث إقليمية غطت على إعلان خالد علي في وسائل الإعلام.

تقف المادة 142 بالدستور، عائقًا أمام ترشح خالد علي، إذ تشترط حصوله المبدئي على تأييد 20 برلمانيًا أو 25 ألف مواطن

لا يُنكر ذلك حالة التعتيم التي واجهها إعلان خالد علي عن ترشحه للرئاسة، خاصة من وسائل الإعلام المصرية المؤيدة للنظام، والتي تجاهلت تمامًا إعلان علي، وخصصت في المقابل الكثير من ساعات بثها في تغطية منتدى الشباب العالمي.

هل يتكرر سيناريو حازم صلاح أبو إسماعيل؟

عقب الثورة المصرية في 2011، برز اسم حازم صلاح أبو إسماعيل، كممثل لشريحة كبيرة من الشباب المنتمي للتيار الثوري في الإسلام السياسي. شعبية أبو إسماعيل جعلت البعض يجزم بفوزه في انتخابات الرئاسة 2012. لكن أوراقه الانتخابية لم تُقبل بذريعة أن والدته تحمل الجنسية الأمريكية، وعلى إثر ذلك تناقضت ردود الأفعال، بين ما اعتبر ذلك حماية لمدنية الدولة من مُرشح إسلامي، وبين من اعتبره تعمّدًا لاستبعاد المرشح من داخل الدولة.

اقرأ/ي أيضًا: "علشان تبنيها".. حملة جديدة لدعم السيسي في الانتخابات القادمة

ورغم الاختلافات الواقعة بين حالتي حازم أبو إسماعيل وخالد علي، إلا أنّ ثمة تشابهًا مُحتملًا سيتحدد أكثر مع تقرير مصير خالد علي من الترشح للرئاسيات. ورغم أنّ خالد علي، حتى الآن، لا يمثل تهديدًا شعبيًا مُؤثرًا على النظام الحالي كما كان الحال مع حازم صلاح أبو إسماعيل، إلا أن المعتاد من النظام المصري الحالي هو إخماد أي صوت مُعارض، يُحتمل ولو بنسبة ضئيلة أن يُمثّل تهديدًا له. وعليه يُطرح تساؤل هام، مفاده هو إذا جاء حكم المحكمة لصالح خالد علي، فهل سيستطيع تجاوز عقبات إستيفاء الشروط المطلوبة للترشح؟

تشترط المادة 142 من الدستور المصري لقبول الترشح للرئاسيات، أن يتحصل المُرشح على تزكية من عشرين عضوًا في البرلمان على الأقل، أو أن يحصل في المقابل على تأييد 25 ألف مواطن مصري ممن لهم حق الانتخاب، من 15 محافظة على الأقل، بواقع ألف مؤيد من كل محافظة على الأقل.

ومع وجود هذه المادة، يُخشى أن تمثل عقبة أمام طموح خالد علي، الذي لم يستطع بعد جمع خمسة آلاف توقيع لتأسيس حزبه "العيش والحرية"، فضلًا عن أنّ حصوله على تزكية 20 من نواب البرلمان هو أمر مُستبعد، في ظل برلمان يُؤيد السيسي عن بكرة أبيه.

ما الفرق بين انتخابات 2014 و2018؟

سبق لخالد علي أن امتنع عن الترشح لانتخابات 2014، واصفًا إياها بـ"المسرحية الهزلية"، ليطرح تساؤل تردد بين أوساط الشباب، مفاده: ماذا تغير خلال تلك السنوات ليعلن خالد علي الترشح لانتخابات 2018؟

يرى البعض أن انتخابات 2014 جاءت رديفًا لانقلاب عسكري يسعى لانتزاع الشرعية عبر صورة انتخابية، في حين ما تغير الآن أن النظام لم يعد بحاجة لانتزاع شرعية له، بعد أن ثبّت قدميه في السلطة داخليًا وخارجيًا، عبر علاقات متعددة قائمة على المصلحة، مع الدول الكبرى.

في حين يرى البعض أن ترشح خالد علي بمثابة خلخلة لحالة الركود السياسي، يرى آخرون أنه تكريس لشرعية النظام الحالي في مصر

أصحاب هذا الرأس، يميلون إلى كون ترشح خالد علي لا يستهدف الفوز في الانتخابات، بقدر ما يستهدف فتح المناخ العام وتحريك الركود السياسي، وبث بعضٍ من الأمل في النفوذ للعودة لعمل سياسي أكثر حرية، بوجود بديل للنظام متمثل في خالد علي.

لكن على الجهة الأخرى، وأيضًا من داخل المعارضين للنظام، يرى آخرون أنّ ترشح خالد علي ليس إلا تكريسًا لشرعية النظام الحالي، الذي لم تنف انتخابات 2014 كونه جاء بانقلاب عسكري، مع إمعان في القمع والانتهاكات.

 

اقرأ/ي أيضًا:

تمديد السيسي لنفسه.. اسأل عن التوقيت!

"الهيئة الوطنية" تزاحم الإشراف القضائي على الانتخابات في مصر