12-سبتمبر-2021

ألمانيا بحاجة ماسّة إلى المزيد من الأيدي العاملة الشابة (Getty)

ألتراصوت- فريق الترجمة 

أعلنت رئيس الوكالة الاتحادية للعمل في ألمانيا، ديتليف تشيل، في 24 آب/أغسطس الماضي، إن بلاده بحاجة ماسّة إلى ما لا يقل عن 400 ألف مهاجر سنويًا من العمال الماهرين، وأنّه لا ينبغي لأي حكومة ألمانية أو تضع عراقيل أمام الهجرة ورفض استقبال الأجانب.

 يتوقّع باحثون أن يكون النصيب الأكبر من المهاجرين الجدد القادمين إلى ألمانيا من أوكرانيا ومن دول غرب البلقان

الأسباب التي استعرضها تشيل تتعلق بتعويض النقص المتسارع في الأيدي العاملة الماهرة الشابة في ألمانيا، والعمل على تلبية حاجة السوق المتزايدة للعمّال، في مختلف القطاعات. فقد أشار تشيلر إلى أن النقص يهدّد معظم الأنشطة الاقتصادية الصناعية والخدمية، سواء على مستوى الرعاية الصحية والتمريض أو الأعمال اللوجستية أو حتى المجالات الأكاديمية.

"العمال ينفدون"

وقال تشيلر في تصريحاته التي أثارت موجة من الجدل في ألمانيا، إن من يقفون في وجه الهجرة ويطالبون بإغلاق الأبواب أمام المهاجرين من العمال المهرة والمحترفين، لن يستطيعوا إنكار حقيقة أن العمّال في ألمانيا "ينفدون"، وأن ذلك سيكون له أثر سلبي وخيم على الاقتصاد على المدى البعيد.

متوسط العمر في ألمانيا من ضمن الأعلى عالميًا (Getty)

وبحسب تقديرات أعلن عنها تشيلر، فإن عدد العمال ينخفض بمعدل 150 ألف عامل في العام، وذلك بسبب التطورات الديمغرافية والتغيرات الاجتماعية في ألمانيا، مشيرًا إلى أن التراجع في عدد العمال سيكون أكثر فداحة في السنوات المنظورة المقبلة، مطالبًا الحكومة الألمانية بالاستعداد لهذه السيناريوهات ووضع حلول لها.

للتنافس لا بدّ من المزيد من العمّال

عالم الاقتصاد الألماني، هيربرت بروكر، أكّد في حديث مع مع دويتشه فيله العام (عام 2019) أن ألمانيا "تعتمد على المهاجرين"، وقال إنه بحلول العم 2060، سيكون اقتصاد ألمانيا وقدرته على المنافسة معتمدًا على هذه الأيدي العاملة من المهاجرين، مشيرًا إلى أنهم سيساهمون في إحداث نقلة نوعية في مستقبل ألمانيا، على مستوى القدرة التنافسية في أوروبا والعالم، وعلى صعيد التنوّع والسلم الاجتماعيين.

وأوضح هيربرت بروكر بأن معدل الخصوبة في ألمانيا يعد من بين الأخفض في العالم، وما يزال يتراجع بشكل كبير جدًا منذ السبعينات، بالتزامن مع زيادة في متوسط الأعمار، وهذا يعني أنه في حال إغلاق الأبواب أمام الهجرة، فإن عدد العمّال في ألمانيا ستراجع بنسبة 40 بالمئة بحلول العام 2060. والحلّ في نظر بروكر أيضًا هو رفع عدد المهاجرين الذين تستقبلهم ألمانيا سنويًا إلى 400 ألف مهاجر، للحفاظ على مستوى معقول ومريح من الأيدي العاملة في ألمانيا وبما يضمن عدم تراجع قدرتها التنافسية.

وتبلغ نسبة المهاجرين في ألمانيا حاليًا (أرقام 2019) حوالي 25% من السكان، بما يشمل المهاجرين الجدد والمهاجرين من الجيل الأول أو الثاني. وفي حال تم رفع نسبة المهاجرين الذين يدخلون ألمانيا للعمل والاستقرار فيها بواقع 200،000 إلى 400،000 شخص سنويًا، فبحلول العام 2030 ستبلغ نسبة من يقطنون ألمانيا من أصول أجنبية حوالي 30 إلى 40% على الأقل.

تحتاج ألمانيا إلى المزيد من الأيدي العاملة الشابة (Getty)

ما هي الدول المستهدفة؟

إلا أن بروكر يتوقّع أن يكون النصيب الأكبر من المهاجرين الجدد القادمين إلى ألمانيا من أوكرانيا ومن دول غرب البلقان، وذلك لأن الهجرة من الدول التي شملت في الجولة الأولى من توسعة الاتحاد الأوروبي لم تعد مغرية. صحيح أن بلغاريا ورومانيا وكرواتيا تمثل موردًا مهمًا للمهاجرين والعمال المهرة لألمانيا، إلا أنه لا يمكن الاعتماد على هذه الدول، وذلك لأن معدل الدخل فيها يشهد تحسنًا كبيرًا، عدا عن أن عددًا كبيرًا من العمال المهرة فيها قد هاجروا بالفعل إلى ألمانيا. وهذا يعني أن الاعتماد سيزداد، فيما يتعلق بالهجرة، على الدول الأخرى المحاذية للاتحاد الأوروبي، وخاصة أوكرانيا ودول غرب البلقان، مثل البوسنة والهرسك، وكرواتيا، وصربيا، وكوسوفو، حيث السكان هنالك ما يزالون يرغبون بالهجرة إلى دول أخرى بحثًا عن فرص عمل أفضل لزيادة معدل الدخل.

يرى بروكر في الهجرة ضرورة للمجتمعات المتقدمة كي تحافظ على التنوّع الثقافي والعرقي فيها

ويرى بروكر في الهجرة ضرورة للمجتمعات المتقدمة كي تحافظ على التنوّع الثقافي والعرقي فيها، حيث يشير إلى أن الجاليات الأجنبية في ألمانيا حاليًا لم تعد تتألف بشكل أساسي من الأتراك والإيطالين ويوغوسلافيا السابقة، وأن النسبة الأكبر من الطلاب الذين يدرسون في ألمانيا حاليًا هم من الصين.

 

اقرأ/ي أيضًا: 

كيف يبدو مستقبل ألمانيا وأوروبا بعد رحيل أنجيلا ميركل؟

تحركات قانونية لشركة جوجل بخصوص حماية الخصوصية وقانون خطاب الكراهية في ألمانيا

ألمانيا: بدء عمليات تطعيم الأطفال بلقاح فايزر المضاد لكوفيد-19