01-نوفمبر-2017

يُبرز منتدى الشباب العالمي تناقضات النظام المصري (موقع المنتدى)

"نريد أن نتكلم" أو "We Need to Talk"، هو الشعار الذي اختاره النظام المصري لما يزعم أنه أكبر تجمع دولي للشباب من حول العالم، تحت رعاية الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، والذي من المزمع عقده خلال الفترة ما بين الرابع والعاشر من تشرين الثاني/نوفمبر الجاري، بمدينة شرم الشيخ.

تحوّل هاشتاغ "#weneedtotalk" من أداة لتسويق منتدى الشباب الذي يدشنه السيسي خلال أيام، إلى انتقاد انتهاكات نظام السيسي في مصر

ورغم الانتقادات المستمرة لانتهاكات النظام المصري بحق معارضيه، ووضعية حقوق الإنسان في البلاد في ظل حكم السيسي، حتى دفعت بعض الدول لوقف التعاون مع الشرطة المصرية؛ إلا أنّ السيسي قرر أن يُحمّل منتدى الشباب، شعارات أُخرى إلى جانب "نريد أن نتكلم"، من بينها الحوار والسلام والتنمية.

اقرأ/ي أيضًا: جيش السيسي الإلكتروني.. تسريبات وفضائح فيسبوكية 

ومن شعاره الأساسي، اختار منظمو المنتدى وسم (هاشتاغ) "#weneedtotalk" للتسويق للمنتدى على مواقع التواصل الاجتماعي، لكن سرعان ما استغله المعارضون للنظام، وتداولوا عبره تدوينات وتغريدات مناوئة للنظام، حتى بات الوسم أداةً دعائية معكوسة الأثر، لتسويق انتهاكات النظام المصري. 

كل رجال القصر للترويج للسيسي

في نيسان/أبريل الماضي، أعلن السيسي عن المنتدى الدولي لشباب العالم، على أن يُعقد في تشرين الثاني/نوفمبر 2017. ومن حينها بدأ السيسي بتوجيه الدعوات في أغلب المناسبات والمحافل الدولية التي حضرها، لزعماء وقادة دول العالم، لحضور المؤتمر.

ووفقًا لموقع المنتدى، فإن عباس كامل، مدير مكتب السيسي، هو المشرف العام للمنتدى. ولمنصبه، وما كُشف من تسريبات، بات عباس كامل معروفًا بنفوذه الكبير داخل الدولة المصرية. وتعيينه على رأس فريق عمل المنتدى، يكشف عمّا يُحمّله السيسي على هذا المنتدى من آمال، والتي على الأغلب تتلخص في الترويج للرجل دوليًا بعد سلسلة "منتديات الشباب" المحلية التي أجراها على مدار السنتين الأخيرتين.

بالإضافة إلى عباس كامل، هناك ضمن القائمين على المنتدى، مدير مكتبه، المقدم أحمد شعبان، أحد الوجود البارزة داخل القصر الجمهوري. وسبق أن أشارت تقارير إلى المسؤولية المباشرة لأحمد شعبان في التعامل والتنسيق مع الأذرع الإعلامية للسيسي. وتداولت معلومات عن أنّه نفسه المسمى بـ"ابن الدولة" الذي ينشر مقالات بصفة دورية بصحيفة اليوم السابع المصرية.

ومن المتوقع كالعادة أن يشهد المؤتمر بذخًا شديدًا في الصرف عليه وعلى تجهيزاته، الأمر الذي يعد مناقضًا للمنطق الذي يُروج له السيسي دائمًا بأن مصر دولة فقيرة، ودعواته المتكررة للتقشف وتحمل "الظروف الصعبة" للبلاد. ووفقًا لتصريحات منسق عام المنتدى، فإن حوالي ثلاثة آلاف شخص من حول العالم، سيحضرون المنتدى، ستستضيفهم مصر على نفقتها.

عجائب تناقضات النظام

بات من المعروف للجميع ما تشهده مصر من الثالث من تموز/يوليو 2013، من انتهاكات جسيمة للحقوق والحريات، وقمع غير مسبوق لأي صوتٍ معارض، وفرضٍ للوصاية من قبل النظام على المجتمع بكل مكوناته. وقد تعددت وكثرت التقارير الحقوقية التي انتقدت التدهور البيّن للحالة الحقوقية في مصر، وصار الأمر من باب المُسلّمة التي لا شية فيها.

عرفت الحملة الدعائية لمنتدى الشباب العالمي أخطاءً تصل لدرجة الجريمة التي يُعاقب عليها القانون!

مع ذلك، يُبرز منتدى الشباب العالمي عجيبة من عجائب تناقض النظام المصري، وهي تضمنه جلسات حول حقوق الإنسان وحرية الصحافة والتعبير. في الوقت الذي يُدين فيه نصف العالم تقريبًا اعتقال صحفيين في السجون المصرية، وحجب مئات المواقع الإلكترونية لأنها ليست على هوى النظام تمامًا! وقد أثار ذلك سخرية ممزوجة بغضب، لدى مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي.

اقرأ/ي أيضًا: "عاوزينه للآخر".. كتائب السيسي الالكترونية تحرجه من جديد

 

بعيدًا عن حقوق الإنسان التي يبدو أنه من غير المنطقي بأي حال أن يفرد النظام المصري لها جلسات نقاش ومحاورة، إلا إن كانت له رؤية حولها تتمثل في تصريحات السيسي مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في باريس.. بعيدًا عن ذلك، عرفت الدعاية للمؤتمر خطأً يصل لدرجة الجريمة بنص القانون، متمثلًا في الإعلان التلفزيوني الذي يُصوّر شبابًا من مختلف الجنسيات يتسلقون الهرم الأكبر. 

وتسلق الأهرامات جريمة في القانون المصري تصل درجة عقوبتها للسجن ثلاث سنوات. وفي كانون الثاني/يناير 2016، ألقت السلطات المصرية القبض على شابٍ ألماني تسلق الأهرامات، وأعادته إلى بلاده مع منعه من دخول مصر مدى الحياة.

خطأ آخر وقع فيه منظمو المنتدى، وهو وضع صورة لمسلحي سرايا القدس، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي بغزة، ضمن مقطع فيديو يتحدث عن الجماعات الإرهابية. ولم يسبق أن أصدرت محكمة مصرية حكمًا قضائيًا بوضع حركة الجهاد أو جناحها المسلح على قوائم الإرهاب، كما أنه سياسيًا ليس ثمة احتكاك مباشر بين مصر وحركة الجهاد يستدعي إدراج صورة لمسلحيها ضمن مقطع فيديو يتحدث عن الإرهاب، إلا أن يكون خطأً ينم على الأغلب عن جهل لدى القائمين على المنتدى العالمي!

هجوم "السوشيال ميديا"

خلال مؤتمر صحفي جمع السيسي وماكرون في العاصمة الفرنسية باريس، نفى السيسي وجود معتقلين سياسيين في السجون المصرية، رغم أن الإحصائيات تُشير لوجود أكثر من 40 ألف معتقل سياسي في السجون المصرية. كما قلل السيسي من الاهتمام العالمي بالحالة الحقوقية في مصر. وقال أمرًا استغربه كثيرون، وهو: "نحن لسنا أوروبا. نحن في مكان آخر من العالم"، وكأنه يُبرر لوجود القمع وانتهاكات حقوق الإنسان.

في المقابل، وفي سياق عجائب تناقضات النظام، استخدمت الدعاية للمنتدى جملًا مثل "احتياج العالم للتغيير والإنسانية وللحوار والسلام"، وأُخرى عن نبذ العنف وما إلى ذلك، دون أن تلتفت إلى الانقسام المجتمعي الذي تعرفه مصر منذ الثالث من تموز/يوليو 2013، والذي كرس له نظام السيسي، وهو ما ينفي عن مصر حالة "الحوار والسلام"، ودون أن تلتفت كذلك للعديد من المشاهد التي يبدو السيسي فيها منفعلًا من سؤال ما، أو رافضًا من الأساس لأي حوار.

من عجائب تناقضات النظام، أن يتضمن منتدى الشباب جلسات حول حقوق الإنسان في حين تشهد مصر أسوأ عصورها في حقوق الإنسان

كان ذلك كفيلًا لإثارة مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي في مصر، بعد أن باتت المتنفس الوحيد لهم للتعبير عن آرائهم بشبه حرية، فهي الأخرى تطالها يد الرقابة الصارمة للنظام المصري.

واستغل النشطاء وسم "#weneedtotalk" الذي أطلقه القائمون على المنتدى، في هجمة مرتدة، استطاعت حتى الآن أن تحقق نتائج إيجابية لصالح المعارضين لنظام السيسي.

 

 

 

 

 

 

 

اقرأ/ي أيضًا: 

رسائل السيسي غير المضحكة في مؤتمر الشباب

ليس من بينها الرئاسة.. 5 مناصب محتملة للسيسي لو لم تحدث ثورة يناير!