22-أغسطس-2019

من طبل الصفيح (IMDB)

مما لا شكّ فيه أنّ الرواية مصدر إلهام لكثير من المخرجين، إن كان ذلك في عالم السينما أو المسرح. ومن الأمور التي لا تقبل الجدل أنّ عملية تحويل أي عملٍ أدبي إلى مادّة سينمائية ليست بالأمر السهل إطلاقًا. فبينما ينجح البعض في تحويلها من حبر على ورق إلى أفلام سينمائية تترك بصمتها في عالم السينما، بشكلٍ لا يمسّ بالعمل الأصلي، يفشل آخرون في ذلك. وكما أنّ هناك أفلامًا أضافت للرواية المبنية عليها قيمةً إضافية، نجد أنّ هناك أفلامًا أخرى شوّهت ما بُنيت عليه.

نستعرض لكم أربعة أفلام مبنية على روايات عالمية لكتّاب من أجيال مختلفة.


1. طبل الصفيح

عام 1959، أصدر الروائي الألماني غونتر غراس (1927-2015) روايته الأولى تحت عنوان "طبل الصفيح"، لتكون الجزء الأول مما سيُعرف لاحقًا باسم "ثلاثية داينتسيغ": "طبل الصفيح (1959) و"القط والفأر" (1961)، و"أعوام الكلب" (1963). نُقلت رواية غراس عام 1979 إلى الشاشة الكبيرة بتوقيع الألماني فولكور شلوندورف، بعد سنواتٍ من الجدل والصخب حول الرواية، وصل إلى حدّ منعها واستهداف كاتبها شخصيًا.

في الفيلم الذي حمل عنوان الرواية، نقف حيال ما هو مُهمل أو مخفي من التاريخ الألماني، بعد الحرب العالمية الثانية تحديدًا، وذلك عبر "أوسكار" بطل الفيلم وراوي حكايته الذي نقع عليه داخل مصحٍّ عقلي يُحاول جاهدًا كتابة سيرة حياته ومعه عائلته وكلّ من يعرفه في مدينة داينتسيغ الألمانية – البولندية. سنعرف أنّ أوسكار توقّف عن النمو في الثالثة من عمره، وظلّ يكبر دون جسده الذي ظلّ على حاله. وحين يبلغ سنواته الثلاثة هذه، ستهديه أمّه طبل صفيح، لينضمّ بعدها، بفعل امتلاكه للطبل، إلى فرقة الأقزام، قبل أن تندلع الحرب العالمية الثانية، ويدخل الجيش السوفييتي ألمانيا. يقول أوسكار وهو يكتب حكايته أنّ والده تخلّص من شعار الحزب النازي قبل دقائق من اقتحام الروس للمنزل، ولكنّه، أوسكار، عاد ووضع الشعار في يد والده الذي سارع لابتلاعه، ليموت مختنقًا بشعار حزبه.


2. العمى

بعد ثلاث سنواتٍ فقط من صدور روايته "العمى" (1995)، حصل الكاتب والروائي البرتغالي جوزيه ساراماغو على (جائزة نوبل للآداب، 1998) لتبلغ شهرته ذروتها، التي يدين بجزء كبير منها لهذه الرواية.

في 2008، قبل عامين فقط من وفاة جوزيه ساراماغو، حوّل المخرج البرازيلي فرناندو ميريليس الرواية إلى فيلم سينمائي لا يقلّ أهمّية عن الرواية. هكذا، سنتابع في الشريط حكاية مدينة يعيش سكّانها حياة طبيعية جدًا، قبل أن يكتشف أحد سكّانها إصابته بالعمى. سيتّجه نحو الطبيب مباشرةً ليخبره بفقدانه بصره، وأنّه لم يعد يرى شيئًا سوى مساحات بيضاء كبيرة عكس ما يراه الضرير في الأحوال العادية، أي اللون الأسود. لن يهتمّ الطبيب بالأمر، ولن يعرف بأنّ المريض نقل إليه العدوى، ليفقد هو الآخر بصره، ومن بعده سكّان المدينة جميعًا، باستثناء زوجة الطبيب. تحوّلت المدينة فجأة إلى ملاذٍ لكلّ من فقده بصره، وسارت في الشوارع أفواجًا منهم حوّلت المدينة إلى ساحة فوضى ضخمة تطلّبت تدخّل الجيش دون فائدة، لينسحب الجيش بعد وقت قصير، تاركًا وراءه هؤلاء البشر لمصائرهم.


3. عداء الطائرة الورقية

أنهى خالد حسيني (1965) روايته الأولى "عداء الطائرة الورقية" (2003) في الوقت الذي كانت فيه الطائرات الأمريكية تدكّ بلاده، أفغانستان. ولم يكن الطبيب المقيم في الولايات المتحدة الأمريكية يعرف أنّ روايته هذه ستكون واحدة من أكثر الروايات مبيعًا في أمريكا، بمبيعات قدّرت بنحو 12 مليون نسخة. وأنّها ستكون أيضًا واحدة من أهمّ الروايات التي تُزيح اللثام عن ثقافة مجهولة قادمة من بلادٍ طردت السوفييت لتعيش تحت رحمة الحركات المتطرّفة.

الرواية انتقلت عام 2007 إلى الشاشة الكبيرة، بتوقيع الأمريكي مارك فورتسر، لتقدّم للمشاهد حكاية أمير الذي هاجر مع والده إلى مدينة سان فرانسيسكو الأمريكية بعد الغزو السوفييتي، قبل أن يعود مجددًا إلى أفغانستان حين يحلّ الإسلام مكان الشيوعية، بهدف إعادة تصحيح خطأ ارتكبه في صغره بحقّ صديق عمره حسن. سيكتشف أمير هناك أنّ حسن قُتل على يد عصابات طالبان برصاصة اخترقت راسه، وأنّ له ابن صغير يعيش في ملجئ للأيتام، بمعنى أنّ فرصة تصحيح خطأه لا تزال قائمة. في دار الأيتام، يعرف أمير أنّ أحد أمراء الحرب قد تكفّل بابن صديقه، وفي طريقه إليه، يلتقي بزميل سابق له بات الآن عنصرًا في حركة طالبان، وبعد معركة طويلة معه، يتمكّن من استعادة الفتى والعودة به إلى أمريكا، حيث سيكتشف أنّ حسن لم يكن صديقه، وإنّما شقيقه غير الشرعي.


4. ذهب مع الريح

أصدرت الروائية الأمريكية مارغريت ميتشل (1900-1949) روايتها الأولى وكذلك الأخيرة "ذهب مع الريح" عام 1936، ومما قبل حول الرواية انّها احتاجت لكتابتها نحو 6 سنوات كاملة، وأنّها لم تكتب شيء بعدها على الإطلاق. ولكنّ هذه الرواية التي جاءت بجزئين، كانت كفيلة بصنع شهرة ميتشل داخل الولايات المتحدة وخارجها، وتخليد اسمها كواحدةٍ من أبرز الروائيين الأمريكيين.

عام 1939، تحوّلت الرواية إلى فيلمٍ سينمائي من إخراج فيكتور فليمنغ، وحصد الفيلم شهرة كبيرة جدًا باعتباره مأخوذ ومبني على رواية مارغريت ميتشل التي دارت حول انعكاسات الحرب الأهلية الأمريكية بين الشمال والجنوب على المزارعين الجنوبيين بشكلٍ خاص، والمواطنين الأمريكيين بشكلٍ عام. ستحكي ميتشل عن انهيار المجتمع الاقطاعي، وتحرير العبيد، وفرض قوانين وقيم جديدة أفرزتها الحرب. وفي المقابل، تضع الروائية الأمريكية وسط كلّ هذه التفاصيل حكاية فتاة جنوبية تقع في حب شاب من عائلة إقطاعية، دون أن يكترث بها. لن تستلم الفتاة بسهولة، وستتزوج شقيق زوجته لتظلّ قريبة منه، إلى أن يُقتلا، زوجها وحبيبها، في الحرب الأهلية.

 

 

اقرأ/ي أيضًا:

فيلم "Parasite".. الطفيليات البشرية

عندما يرن الهاتف.. نماذج من السينما العالمية