تزداد قضية الأبنية المهددة بالانهيار خطورة في لبنان، فبعد تعرض 3 مباني للسقوط في خلال ثلاثة أشهر، فتح الملف على مصراعيه في نقاش مدني وبلدي حول مصير 16 الف مبنى مهددة بالوقوع. وهو رقم مخيف في بلد لا شيء يؤمن فيه حياة الفقراء أو يحميهم. فحتى البيوت التي يسكنون فيها آيلة في أي لحظة للسقوط فوق رؤوسهم وتهدد أطفالهم بالموت. فمن المسؤول عن حماية هؤلاء، لا سيما أن الحكومة مشغولة في قانون انتخاب يضمن للأحزاب حصصها في المجلس النيابي وكل يغني على ليلاه.

بعد تعرض 3 مباني للسقوط خلال ثلاثة أشهر، فتح الملف على مصراعيه في لبنان حول مصير 16 الف مبنى مهددة بالانهيار

ويعود شبح مبنى فسوح، الذي سقط في العام 2012 وسط الأشرفية في ليلة ماطرة وذهب ضحيته 26 شخصًا إلى الظهور وسط مخاوف من أن تزداد الأمور سوءًا، إذ أن الأمطار لا تزال تتساقط في لبنان، والبنى التحتية في بعض مناطق بيروت، كالضاحية الجنوبية وقصقص والمصيطبة وعائشة بكار وغيرها لا تزال تعاني من اهتراء مزمن.

أقرأ/ي أيضًا: مباني بيروت التراثية.. ذاكرة للنسيان!

وبعد إخلاء مبنى العيتاني بسبب تعرضه للانهيار في بداية العام الجاري، تم إخلاء مبنى آخر في منطقة المتحف وهو مبنى "الشدياق"، وتحاول القوى الأمنية إجبار الأهالي على ترك بيوتهم بسبب خطورة المباني، لكن من دون أي خطة بديلة. وبرز مبنى السباعي منذ أيام، كواحد من عوامل تعقد الملف بلديًا وحكوميًا. حيث سعت القوى الأمنية إلى إخلاء المبنى في برج البراجنة، من دون أي أفق للأهالي الذين رفضوا الإخلاء. ومن بين جميع سكان المبنى، أخلت مُستأجرة واحدة فقط بيتها، بعدما أُصيب ابنها البالغ من العمر ست سنوات بحالة من الهلع و"الوسواس" بسقوط المبنى على رأسه وهو نائم.

يرفض سكان مبنى السباعي إخلاء شققهم على الرغم من خطر الموت لعدم ثقتهم بالحكومة والبلدية

ويصرّ باقي السكان على الاعتصام في بيوتهم، بعدما رفضوا الامتثال لأوامر محافظ جبل لبنان وبلدية برج البراجنة القاضية بضرورة الاخلاء. وتقود الحراك سيدة تدعى أم حسين، التي أكدت أنها لا تثق بالطروح المقدمة للسكان والقاضية بإخلاء البيوت 3 أشهر على أن يعودوا بعد ترميم المبنى. لكن كل هذا لا يصدقه السكان، حيث يخافون من تكرار سيناريوهات قديمة/جديدة. فإخلاء مبنى في حي اللجا منذ أشهر، كان بنفس الطرح. وإلى اليوم لم يقبض السكان تعويضاتهم المؤقتة ولم يعودوا إلى بيوتهم أيضًا.

أقرأ/ي أيضًا: "عشوائيات بيروت"... وجه المدينة الخفي

لكن مع ازدياد خطورة هذه المباني، يطرح الناشطون في مجال الهندسة المعمارية عبر مواقع السوشيال ميديا أسئلة مشروعة حول دور البلديات والحكومة لمناقشة الملف على مستوى لجان وزارية، وتأمين خطط بديلة ومدروسة تضمن للسكان حقوقهم وتنقذهم من الموت الذي يتربص بحياتهم. لا سيما أن حوادث كثيرة لا تزال في أذهان اللبنانيين، بعد سقوط مباني ووقوع ضحايا والمآسي لا تزال حاضرة في الذاكرة.

هذا بينما يعد بعض الناشطين المدنيين عريضة لوزارة الداخلية المعنية بإخلاء المباني بضبوط محررة عبر المخافر، يطلبون فيها بإنشاء خلايا طوارىء لدراسة الأبنية المهددة ووضع سكانها وتأمين استراتيجية تحقق الأمن والعدل لهم، فليس من المنصف أن يجد هؤلاء أنفسهم في الطريق، وطبعًا سيفضلون الموت في بيوتهم على أن يموتوا على نواصي الطرق بعد أن لفظتهم ظروف مساكنهم المتهالكة منذ الحرب الأهلية اللبنانية وما تبعها وتفرع عنها من حروب، جنيًا إلى جنب مع بنية متكاملة من الفساد والبيروقراطية وقلة الحيلة.

أقرأ/ي أيضًا:

الجفاء بين الكاميرا وبيروت القديمة

مشروع دراجات هوائية في بيروت.. احتكار العاصمة؟