14-يوليو-2016

نذير إسماعيل/ سوريا

لست الأنثى الخارقة التي تخبئ تحت وسادتها رسائل لا تنتهي، أو يضج هاتفها بأرقام ومسجات كثيرة، أو أن أرشيف ذاكرتها ممتلئ بالمُغامراتِ المجنونة؛ أنا فاشلة جدًا في إتمام كل الأشياء كما يجب، أقضي وقتي أكتب، أو أرسم أو أقرأ، لا شيء مما أفعله يستحق الحديث، وإن كنتُ جيدة في كتابتهِ الآن فأنا أشعر بالعجزِ التام في أن أرويه.

أنا فاشلة جدًا في اقتناصِ لحظات السعادة أيضًا، وحتّى في الكتابة عنها، رغم أنني أعتقد بمعرفتي لكنهها جيدًا، أنا أعرف أشياء كثيرة عن السعادة والفرح، فساتين العيد، صخب الأسواق، طلاء المنازل، الأثاث الجديد، صالونات الحلاقة المزدحمة، الحناء، المحلات الغنية وآخر التنزيلات، القيمرية، اﻷموي، الحميدية، باب توما، بزر دوار الشمس، تمر هندي، توت شامي، بوردرز، مكتبة دبي، كابتشينو كراميل، أو قهوة تركية بدون سكر!

أشياء كثيرة لكني حقيقة لا أعيشها كما يجب، بالمقابل أنا أعرف أيضًا أعراض اﻷزمات التنفسية وآلام الكلى الحادة، ومشاكل مرض نقص المناعة الوراثي، وقضايا الشرق اﻷوسط، وظلمات السجون، والحروب والسير في المسيرات أو وراء الجنائز، وقصص العلاقات الفاشلة، وإجهاض الحمل، والأطفال المفقودين أو المولودين قبل اﻷوان! هذا لا يعني أني أفهم الحزن أكثر، أنا أتعثّر بمفاهيمي للأشياء، حتى لا تعود الكلمات واضحة بالنسبةِ لي: فرح، حزن، خيبة، سعادة، رقص، غناء، رمضان، عيد، سوريا، عراق، غزة.. إلخ.

هذه لعبة جيدة، ومن الجيد أيضًا ألا نكون أذكياء غالبًا. أنا غبية! في الحقيقة، نحن جميعنا أغبياء، لكن الغباء يأتي بمستويات متفاوتة، والذكي فينا هو الذي يمتلك نسبة غباء أقل من غيره!! مؤخرًا حاولت الشذوذ عن هذه الفكرة المُحبطة والكتابة عن الفرح كأنه شيء جميل لكني أيضًا فشلت! 

ممممممم أنا أيضًا لا أنام، صحيح نسيت أن أكتب عن هذا الأرق الشعوري المُزمن، الكثير من المهدئات تحت وسادتي، ولأنها صديقة حميمة لم أتعاطها أبدًا، مرة قالت لي أمي: أنتِ تخافين تفويت الدهشات لذلك لا تنامين! حقيقة ليس هذا السبب الوحيد لسهري الدائم، أنا فقط لا أجد ما يدفعني للنوم، الأوقات لدي متشابهة ولا جديد، لذلك اعتدت على البقاء أطول وقت ممكن دون أنْ أنام، الصباح بالنسبةِ لي حالة شعورية مُختلفة، أنا أكره المساءات الثقيلة، المُصطنعة، الباردة، أحب النهارات الشقية التي تأتي لأن أحدًا لم يدعها، تأتي فجأة لتباغتنا: هيييه أنا هنا! النهارات المليئة بأشياء غريبة، ككتابة نص جديد أو قراءة خبر عاجل عن الثمن المقدر لساعة خليفة المسلمين، أو سماع أغنية قديمة لفيروز كنت قد نسيت وجودها أصلًا: "يا حلو شو بخاف إني ضيعك"، أو مُتابعة أحوال الطقس في موقعِ إخباري: "سيكون الجو حارًا جدًا وجافًا نهارًا وتزداد درجة الرطوبة بحلول الليل"، أو قراءة شريط المسجات في قناة سخيفة جدًا: "مهندس 25 عامًا يبحث عن زوجة 45 عامًا!"، أو ربما تجربة اسمي مع أسماء عديدة لا أعرفها لأشاهد فقط نسبة النجاح!

قررت في النهاية الاعتماد على الحظ أكثر وقراءة اﻷبراج يقول بُرجي اليوم: ستتحسن الأوضاع، أمامك سفر طويييييييييييل، لن تعاني كثيرًا، أحداث كثيرة ستقتحم عالمك هذا الشهر وستسيطر عليك، فتصبّر! اقتنعت بهذا رغم أني قرأت برج العقرب، وأنا مُتيقنة تمامًا أنه ليس برجي!

اقرأ/ي أيضًا:

شارع اللاجئين

صور من حلب الغربية