10-سبتمبر-2021

تهدد هذه التقنية بإحداث زعزعة في عالم الدعاية التسويق (CodeSpaces)

هل تساءلت يومًا كيف يمكنك أن تجني المال عبر الإنترنت؟ هنالك العديد من الطرق، التي تحتاج إلى الكثير من الجهد والوقت والتضحية، وغير المتاحة للكثيرين، خاصة إذا كان الأمر يتعلق بإنتاج محتوى للسوشال ميديا وتطويره والمثابرة عليها، حتى جمع أعداد كافية من المتابعين، إلى حين إيجاد الفرصة لجني المال عبر المنصات نفسها أو عبر عروض الدعاية. أما اليوم، فيبدو أن عالم الإنترنت سيسلك فجًا خطيرًا وجديدًا، عبر الترويج لتقنيات "التزييف العميق" أو (Deep Fake)، وتطبيع تقبل الناس لها حول العالم، وذلك بحيلة بسيطة، دفع الناس أنفسهم للمشاركة في هذه التقنية وتطبيقاتها.

سيظهر وجهك، وأنت في بيتك أو وراء مكتبك، في العديد من الدول، وللعديد من الأغراض، بصوت قد لا يكون صوتك، وبملابس وهيكل خارجي ليس لك، بمقابل مالي

أما الطريقة المقترحة، فهي إتاحة الفرصة للراغبين بجني بعض المال السهل والسريع، بتأجير "وجوههم"، أو تضمينها، لصالح شركات الدعاية والتسويق، الذي يرغبون في استخدام وجوه حقيقية، وتوظيفها عبر تقنيات الذكاء الاصطناعي والتزييف العميق، للترويج لمنتجاتهم.

وهكذا، سيظهر وجهك، وأنت في بيتك أو وراء مكتبك، في العديد من الدول، وللعديد من الأغراض، بصوت قد لا يكون صوتك، وبملابس وهيكل خارجي ليس لك، بمقابل مالي معلوم.

الفكرة ليس مجرد اقتراح، بل هي مطبقة بشكل عملي حاليًا، عبر شركة "آور وان" (Hour One)، وهي شركة ناشئة تستخدم صور الأشخاص من أجل إنشاء شخصيات جديدة مختلفة كليًا، عبر تقنيات الذكاء الاصطناعي، والتي يمكن توظيفها في مقاطع فيديو ترويجية أو تعليمية أو دعائية للمنظمات والشركات في مختلف القطاعات حول العالم. وتعد هذه الشركة واحدة من بين سلسلة من الشركات الناشئة الأخرى، التي تسعى إلى إحداث تغيير جذري في طريقة إنتاج المحتوى الرقمي على الإنترنت، وبطريقة لن تكون بدون تبعات مباشرة وغير مباشرة على المجتمع وعلى سوق العمل.

شركة "آور وان" ليس الشركة الوحيدة التي تعمّم تطبيقات التزييف العميق (Deep Fake) وتطبع استخدامها في النطاق العام، ولأغراض عملية شرعية، بالمزج من محتوى حقيقي ومحتوى متخلّق عبر تقنيات الذكاء الاصطناعي. فقد عمدت بعض الشركات إلى استئجار وجوه شخصيات مشهورة، من ممثلين وممثلات، من أجل استخدامها في مثل هذه المقاطع. لكن الفريد في شركة "آور وان" هو أنها لا تطلب أن تكون الشخصية مشهورة، إذ يمكن لأي شخص أن يتنازل عن حقوق استخدام وجهه، بمقابل مادي، لصالح الشركة، التي تقوم بـ"إعادة تدوير" الوجه كل مرّة، بحسب احتياجات الشركة أو المؤسسة التي تطلب هذه الخدمة.

شخصيّات "شبه حقيقية"

في النموذج الذي تتبعه "آور وان"، يجري العمل على تطوير قاعدة بيانات من "الشخصيات"، التي لديها وجوه حقيقية مميزة، لكن الوجه هو الجزء الحقيقي الوحيد في الشخصية، أي أنه لم يتم توليده عبر تقنيات الذكاء الاصطناعي. أما بقية العناصر من الصوت واللون والحركة والشخصية والاسم وغير ذلك، فهي شخصيات مزيفة، يتم التحكم بها عبر الذكاء الاصطناعي وتقنية التزييف، من أجل إنشاء مقاطع الفيديو التي تطلبها المؤسسات وتحتاج فيها إلى وجود أشخاص متنوعين، بأقل تكلفة وأسرع وقت ممكن. ولدى الشركة حاليًا أكثر من 100 "شخصية وجهيّة"، وهنالك اهتمام كبير من الناس لتأجير وجوههم للشركة، بحسب ما أوضحت ناتالي مونبيوت، مديرة الإستراتيجيات في الشركة، في حديثها مع مجلة MIT Technology Review.

ويمكن لأي شخص أن يتقدم بطلب للشركة لكي يصبح "شخصية" يمكن تأجيرها "افتراضيًا"، بطريقة أشبه ما تكون بوكالة عرض الأزياء، حيث يتم تصفية المترشحين، واختيار من ترى فيه الشركة وجهًا ذا قيمة تسويقية، في المجالات المختلفة التي تستهدفها، وتلبي الحاجة للتنوع على مستوى الجنس والعمر والعرق.

كيفية الحصول على الوجه واستخدامه

للحصول على الوجه الصالح للاستخدام على شخصية جديدة ضمن الشركة، يلزم أن يتم تصوير الشخص بكاميرًا عالية الدقة (4K) وعلى خلفية خضراء، بوضعيات متعددة، ثم يدخل هذا المقطع الخام إلى برمجيات الشركة الذكية، لتجهيز شخصية عبر تقنيات الذكاء الاصطناعي والتزييف العميق، وعرضها على الشركات المهتمة بتوظيف شخصية بتلك السمات الوجهية، حيث يمكن بعد ذلك إنشاء عدد غير محدود من المقاطع بمختلف السياقات، باستخدام تلك المادة الأولية الخام، التي يتم إعادة إنتاجها وتطويرها عبر التقنيات المتطورة التي تعتمد عليها الشركة، وبأية لغة.

أما عملاء شركة "آور وان" فيدفعون للشركة مقابل تلك الشخصيات التي ترغب باستخدامها في مقاطع الفيديو الدعائية والترويجية أو التعليمية، بأسعار تتباين بحسب طبيعة الاتفاق وحصريته، وبحسب طبيعة "الشخصية" ومواصفاتها. حيث يختار العميل الشخصية من كتالوغ الشخصيات المتوفرة لدى "آور وان"، ويتم إجراء تجربة أولية، عبر إدخال النص المطلوب على النظام، باللغة التي تفضلها الشركة، ليظهر الفيديو في غضون دقائق كأنه بأداء شخص حقيقي أمام الكاميرا، وبصوت يتم توليده عبر تقنية الذكاء الاصطناعي.

تتعهّد الشركة ضمن سياستها بعدم استخدام الشخصية في المجالات ذات الإشكالات الأخلاقية مثل الفيديوهات الإباحية أو التي تحرض على العنف

هنالك خيار آخر تطرحه "آور وان"، يتمثل في تسجيل صوت حقيقي بالاستعانة بمحترفين، وإدراج الصوت في الفيديو عوضًا عن الصوت المولّد بشكل آلي. من أهم عملاء شركة "آور وان" حاليًا، شركة "بيرليتز" (Berlitz)، وهي معهد دولي مختص بتدريس اللغات ويوفر برامج تعليم عن بعد بتقنية الفيديو بعدد من اللغات. 

 

وفي حين تتعهّد الشركة ضمن سياستها بعدم استخدام الشخصية في المجالات ذات الإشكالات الأخلاقية مثل الفيديوهات الإباحية أو التي تحرض على العنف، إلا أن بعض الخبراء يحذرون من تبعات تعميم هذه التقنيات واستخدامها لأغراض سياسية أو غير شرعية، إضافة إلى احتمال تأثيرها الكبير على عدد من الوظائف في قطاع الدعاية والتسويق عبر تقليص الحاجة للتعاون مع ممثلين محترفين. 

 

اقرأ/ي أيضًا: 

كيف يعيد الذكاء الاصطناعي إنتاج القمع السياسي في العالم؟

ما هي تقنية جوجل "دوبلكس"؟.. 5 أجوبة كاملة