07-ديسمبر-2017

كانت كريستين كيلر دائمة الشغف بلفت الأنظار (Popperfoto/Getty)

توفيت في 4 كانون الأول/ديسمبر 2017، منذ أيام قليلة، عارضة الأزياء كريستين كيلر، التي تسببت في الفضيحة التي هزت بريطانيا في ستينيات القرن الماضي، المعروفة بفضيحة بروفومو. وكانت كريستين كيلر قد ولدت في 22 شباط/فبراير 1942. لنتعرف أكثر عن هذه الفضيحة ومشوار هذه العارضة في هذا المقال، المترجم عن الغارديان البريطانية ببعض التصرف.


كان هناك العديد من الضحايا لفضيحة بروفومو الجنسية التجسسية، التي سيطرت على عناوين الصحف الرئيسية عام 1963، والتي أدت في نهاية المطاف إلى تقديم رئيس الوزراء البريطاني آنذاك، هارولد ماكميلان، لاستقالته من منصبه، تلك القضية التي لا تزال وصمة عارٍ كبيرة في تاريخ بريطانيا المعاصر. تأتي كريستين كيلر على رأس أكثر الأشخاص الذين عانوا على إثر هذه الفضيحة، والتي تُوفيت منذ أيام عن عمر يناهز 75 عامًا.

ارتبطت الفتاة الاستعراضية كريستين كيلر بعلاقة جنسية متزامنة عام 1961 مع كل من وزير الدفاع البريطاني والملحق السوفيتي ونتج عنها ما يُعرف بفضيحة بروفومو الجنسية التجسسية

كانت كريستين كيلر تلك الفتاة الاستعراضية، تُفضِّل أن تطلق على نفسها عارضة، بينما يصفها الآخرون أنها "عاهرة"، التي ارتبطت بعلاقةٍ جنسيةٍ متزامنة عام 1961 مع كُلٍ من وزير الدفاع البريطاني، جون بروفومو والملحق السوفيتي يفغيني إيفانوف. وقد أصبحت الصورة التي التقِطت للعارضة كريستين كيلر، تلك الشابة الفاتنة، وهي مُتكِئة على ظهر كرسي آرني جاكوبسن دون ملابس، إحدى السمات الأساسية لهذه الفترة.

كريستين كيلر

قضت كريستين كيلر الجزء الأكبر من حياتها بعد عام 1963، مع عدد لانهائي من المقابلات، والعديد من مجلدات السير الذاتية بشكلٍ أكبر بكثير من الماضي، عاجزةً عن الهروب من ظِلال هذه الفضيحة. قالت كيلر: "لقد كان العيش مع كريستين كيلر أمرًا تعيسًا بالنسبة لي". والتي قالت أيضًا في كتابها الذي نُشر عام 2001، والذي أُعيِد نشره وتنقيحه عام 2012: "لقد مات بروفومو الآن، أستطيع أن أبوح بالحقيقة أخيرًا". لكنها لم يبد عليها أنها تريد نسيان الموضوع على الإطلاق. فقد كانت على صلةٍ دائمةٍ بالصحفيين والناشرين، عارضةً عليهم زوايا أخرى جديدة للقصة".

اقرأ/ي أيضًا: ماهي أكبر الفضائح السياسية في تاريخ فرنسا؟

وقد جاء في الكتاب الذي نُشر عام 2001 على سبيل المثال، بعض الادعاءات الجديدة، أن كريستين كيلر كانت تحمل في بطنها طفلًا من بروفومو، إلا أنها أُجبِرت على الإجهاض. تم تجاهل هذه الادعاءات من قِبل المقربين من الوزير المستقيل، والذي سعى إلى رد اعتباره من خلال الصمت العام والأعمال الجيدة في أقصى شرق لندن قبل وفاته عام 2006، على عكس كريستين كيلر. فقد كان بطبيعة الحال رجلًا غنيًا، يستطيع التعامل مع مثل هذه المواقف. بينما كانت كريستين كيلر في عوزٍ دائمٍ للمال لتلبية حاجاتها الحياتية.

قدمت كريستين كيلر ثاني أكبر اعترافاتها في كتاب عام 2001. متحدثةً عن ستيفن وارد، طبيب العظام الذي أقحمها هي وغيرها من الفتيات على الطريق الخاطئ للأرستقراطيين والشخصيات البارزة في فترة أواخر الخمسينيات وأوائل الستينيات من القرن الماضي، وقد كشفت كريستين كيلر أنه كان جاسوسًا سوفياتيًا، وقد حاول قتلها. وقالت: "لا أعرف ما إن كان الرجل الرابع أو الخامس، لكنه كان من ضمن العشرة الأوائل بكل تأكيد".

مع تقدمها في السن، قدمت كيلر روايتها لفضيحة بروفومو بزوايا مختلفة ومعلومات جديدة في كل مرة في كتب أو من خلال مقابلات صحفية

حتى ذلك الوقت، كان الأشخاص شديدو الاقتناع بنظرية المؤامرة يصغون إليها باهتمام. ثم انتهى معظمهم منذ وقت طويل إلى أن كريستين كيلر ببساطةٍ تكافح من أجل ظهورها بشكلٍ جيد في العناوين الرئيسية. ولكن لكي نُقيِّم الوضع بشكلٍ أكثر رزانةً، فقد كانت تكافح -وفشلت- من أجل تذكُر تسلسُل الأحداث التي طغت عليها بين عامي 1961 و1963.

كان من الواضح أن شغف كريستين كيلر بأن تكون محط الاهتمام، يضعها في الكثير من المواقف المتناقضة. ففي عام 1989، حضرت كريستين كيلر عرض الافتتاح لفيلم (الفضيحة)، والذي صُور على أنه تصويرٌ دقيق لملامح الفضيحة الشهيرة. وقد أُخذ حضورها للفيلم على أنه تأييد منها لما جاء في قصة الفيلم، إلا أنها قالت في وقت لاحق، إنها اضطرت للحضور لأنها كانت في حاجة إلى رسم الحضور الذي يبلغ 5 آلاف جنيه إسترليني، وأكدت أن سيناريو الفيلم قد تم تحريفه وأساء لها ولما حصل.

اقرأ/ي أيضًا: أبرز 10 فضائح فساد في لبنان

وُلِدت كريستين كيلر في مدينة أوسبريدج، بمقاطعة ميدلسكس، كان والدها يعمل في قاعدةٍ لسلاح الجو الملكي في أوسبريدج. وقد انفصل عن حياتها في وقتٍ مبكر من عمرها، ثم انتقلت للعيش مع والدتها جولي، وزوج والدتها الجديد، تيد هويش، في عربة لسكك حديد بالقرب من منجم الحصى في رايبسوري ببلدة بيركشاير. قالت إنها بعد ذلك كانت دائمة الشعور بالخوف بسبب تواجدها وحدها مع هويش، على الرغم من عدم حدوث أي اعتداء جنسي. أصبحت كيلر حاملًا في 17 من عمرها، ولكن كان والد طفلها جنديًا أمريكيًا عاد إلى الولايات المتحدة. أجبرتها والدتها على إخفاء حملها إلى أن وضعت طفلها في المنزل دون مساعدة. ولكن ابنها الذي أسمته بيتر، تُوفِي بعد ستة أيام فقط.

جعلتها هذه التجربة أكثر تصميمًا على الهروب من المنزل، فمن خلال صديقةٍ لها تُدعى مورين أوكنور، استطاعت اقتحام الحياة الماجنة لسوهو بلندن أواخر الخمسينيات. فقد حصلت على وظيفة في ملهى(Murray’s Cabaret Club)، والذي كان ملاذًا للرجال الأثرياء والأرستقراطيين الذين يرغبون في مشاهدة العروض العارية. فقد كان من ضمن الزوار الدائمين لهذا الملهى، بيتر راشمان، وصديقته ماندي رايس ديفيز.

أصبحت المرأتان مقربتين من بعضهما البعض، وأمضتا مزيدًا من الوقت معًا بصحبة ستيفن وارد، في منزله السري بمنطقة مايفير. قالت كيلر إن علاقتها مع وارد لم تكن جنسية إطلاقًا. فقد كانا على علاقاتٍ جيدة، واعتاد على استخدام البيت الريفي في كليفدن المملوك لأحد مرضاه، اللورد بيل أستور. وكانت كيلر ورايس ديفيز تذهبان إلى هناك برفقة وارد، ولكن وارد نفسه قد مُنع من الذهاب إلى كليفدن من قِبل زوجة أستور، عارضة الأزياء السابقة، برونوين بوغ.

في عطلة نهاية الأسبوع يومي 8 و 9 من شهر تموز/يوليو من عام 1961، كانت كريستين كيلر ووارد يستخدمان بركة السباحة في كليفدن عندما أحضر أستور بعض ضيوفه إلى هناك، إذ كان من بين هؤلاء الضيوف، بروفومو، وزوجته الممثلة فاليري هوبسون. كانت كريستين كيلر قد فقدت ملابس السباحة الخاصة بها، وجذبت اهتمام بروفومو. استمرت العلاقة الغرامية بينهما، على الرغم من أنها كانت ترافق إيفانوف أيضًا. وقد أُشيع بعد ذلك أنها كانت تستخلص وتُمرِّر بعض الأسرار العسكرية من خلال أحاديث الفراش، ولكن عجزها المستمر عن الثبات على بعض تلك الحقائق، جعل من هذه الادعاءات اليوم أمرًا سخيفًا.

أدت علاقتها بمالك مقهى يُدعى لاكي جوردون، ومجرم صغير يُدعى جوني إدجيكومب، إلى تبادل لإطلاق النار خارج منزل وارد في كانون الأول/ديسمبر 1962. استدعيت الشرطة، ومن خلال محاولاتها للتخلص من الملاحقة القضائية كشريك في الجريمة، بدأت في الحديث عن عطلة نهاية الأسبوع في كليفدن، وعلاقاتها الغرامية مع بروفومو وإيفانوف. حُكم عليها بالسجن لمدة تسعة أشهر في نهاية عام 1963، بتهمة الحنث باليمين في القضية المرفوعة ضد جوردون، وقضت ستة أشهر في سجن هولواي.

دفعتها مخاوفها آنذاك إلى نشر قصتها في الصحف، ما ساهم في انتشار الفضيحة. قدم بروفومو استقالته في البرلمان، ولكن ليس قبل أن يُكَذب الادعاءات الخاصة بالمنزل في محاولةٍ لإخماد الفضيحة، واُتهم وارد بالتربح من الأعمال غير الأخلاقية، إلا أنه انتحر قبل التوصل إلى الحكم، أما أستور، فقد نُبذ من المجتمع، وتوفي عام 1966. رأت كريستين كيلر أن التحقيق الرسمي الذي أجراه اللورد دينينغ حول هذه الفضيحة الجنسية، كان مجرد تغطية. واتهمت مرارًا دينينغ بالتضليل، بسبب تجاهله لما أدلت به من شهادةٍ واسعة عن الأحداث.

وعندما سُئلت عن تغييرها الدائم في رواية الأحداث، قالت كريستين كيلر إنها عاشت سنوات طويلة من الخوف على حياتها، لذا، احتفظت بالأحداث الأكثر إثارةً للجدل لنفسها.

تزوجت كريستين كيلر مرتين، إلا أن الزيجتين لم تستمرا طويلًا، وباءتا بالفشل. أنجبت ابنها جيمي من زواجها الأول بجيمي ليفرمور، الذي كان يعمل بناءً، وقد نشأ على يد والدة كيلر. وأنجبت سيمور، من زواجها الثاني عام 1971 من أنتوني بلات، والذي كان يعمل مديرًا لأحد مصانع المعادن، والتي بقيت على مقربة منها عندما تخلى عنها الأصدقاء والعائلة. ولديها حفيدة أيضًا.

بدا على وجه كريستين كيلر كل ما عانته في حياتها، فقد عملت في السنوات الأخيرة كعاملة طعام في المدارس، ومندوبة تسويق عبر الهاتف، وعاملة في متجر تنظيف جاف، ولكن بمجرد أن يكتشف أرباب أعمالها هويتها الحقيقية، كانت تستخدم لقب سلون في محاولة للتغطية على شخصيتها، كانوا يطردونها من العمل. وقالت إن كل ذلك من أجل الحفاظ على حياتها هادئة. ولكن إذا كان الأمر كذلك، فقد فشلت فيه بالفعل.

 

اقرأ/ي أيضًا:

مصر.. أبرز فضائح إعلام السيسي

العتيبة "الراشي الأكبر".. حفلة فضائح أبوظبي في واشنطن مستمرة