28-يوليو-2017

سفير أبوظبي في واشنطن يوسف العتيبة (Getty)

طويل هو حبل فضائح وتسريبات يوسف العتيبة، السفير الإماراتي لدى الولايات المتحدة، إذ تتوالى فضائحه لتكشف "الشيطان الأكبر" في أزمة قطر والخليج. من يدير اللعبة؟ من يسخّن الأحداث؟ من يصب الزيت على النار؟ ومن يدفع مقابل أن تظل المقاطعة مشتعلة ضد قطر؟

تجاوز سفير أبو ظبي في واشنطن فضائح الرشاوى  لتضليل الحقائق ودخل حقل التلاعب الضريبي أيضًا

لأجل التغطية على فضائح تسريبات يوسف العتيبة، رأس الحربة الإماراتي في أمريكا، زاد محمد بن زايد ورجاله أزمة الخليج اشتعالًا، عبر اختراق وكالة "قنا" ودسّ تصريحات على لسان أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد، ولأن التسريبات مستمرة، لا يزال المزيد في الانتظار، فأعلنت دول الحصار مؤخرًا قائمة جديدة ضمت منظمات زعمت إنها إرهابية ممولة من قطر، رغم توقيع الدوحة مذكرة تفاهم مع أمريكا لمكافحة الإرهاب.. فكان لا بدّ من رشاوى جديدة لتشعل النار في ثوب قطر.. لكن هذه المرة انتقلت المعركة إلى ساحة جديدة.. في أمريكا.. وتحديدًا داخل الكونغرس.

اقرأ/ي أيضًا: كيف روجت أبوظبي وواشنطن لمشروع محمد بن سلمان؟

ماذا جرى في الكونغرس؟

لم يهدأ ذكر فضيحة رشوة العتيبة لصحفي الجزيرة السابق محمد فهمي، الذي اعترف في تحقيق أجرته "نيويورك تايمز" بتلقي 250 ألف دولار أمريكي من الإمارات – عبر سفيرها لدى أمريكا – من أجل رفع دعوى قضائية ضد الجزيرة، حتى انفجرت فضيحة جديدة في وجه قادة الإمارات. الراشي الأكبر، التي جعلت خزائنها رهنًا للأكاذيب والشهادات المزوَّرة.

دفع  يوسف العتيبة مئات الآلاف من الدولارات لأحد الشهود الذي أدلى بشهادته في جلسة استماع بالكونغرس بشأن العلاقات "الأمريكية - القطرية"

كشف معهد شؤون الخليج في واشنطن أن يوسف العتيبة دفع مئات الآلاف من الدولارات لأحد الشهود الذي أدلى بشهادته في جلسة استماع بالكونغرس بشأن العلاقات "الأمريكية - القطرية". وكان إيلان جولدنبرغ، الذي يعمل بمركز الأمن الأمريكي الجديد، أدلى بشهادته أمام لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب في جلسة حملت عنوان "تقييم العلاقات الأمريكية - القطرية"، أدان فيها الدوحة بناء على طلب من عضو الكونغرس إليانا روس لتينن، رئيسة اللجنة الفرعية للشؤون الخارجية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

اتصالات الباحث الكاذب و"الراشي الأكبر"

كشفت وثائق مسرّبة حصل عليها المعهد تفاصيل عدد من الاتصالات التي أجراها جولدنبرغ مع يوسف العتيبة لمدة عام مقابل تمويل أنشطة مركز الأمن الأمريكي، وتفاصيل عن رحلة للباحث وزملائه إلى دبي. لم يكن يوسف العتيبة مرنًا في البداية لكنه فتح خطًا مع المركز مؤخرًا، عند أزمة الخليج، على أمل أن "يملي عليه شهادته أمام الكونغرس"، وهو ما جرى.

مقابل الشهادة المزوّرة، مدفوعة الأجر، فاز مركز الأمن الأمريكي بالحسنيين. 250 ألف دولار فوريّة الدفع، وضغط مدير المركز، الذي يدعى ميشيل فلورنوي، لتفوز شركة بولاريس الأمريكية لصناعة المركبات بتوقيع عقدٍ مع الحكومة الإماراتية، ويبدو أنه شريك فيها، أو مالك لها من الباطن، كما ضغط في اللحظات الأخيرة قبل إدلاء الباحث بالمركز بشهادته لتوقيع عقود مع شركة لوكهيد مارتن الأمريكية للصناعات العسكرية.

تتركز جهود التضليل الإعلامي وتقديم الرشى السياسية من طرف الإمارات في واشنطن لاستهداف قطر حصرًا

"فاتورة" ربع مليون دولار مقابل "شهادة مزورة"

لا تسمح سياسة مركز الأمن الأمريكي بتلقي أي تمويل من مصادر أجنبية، سواء الإمارات العربية المتحدة أو غيرها ولا نتلقى أموالًا أجنبية من أي شخص، هكذا قال المركز عبر بيان تم توزيعه على الصحف بعد نشر تسريبات معهد شؤون الخليج في واشنطن، إلا أن التسريبات تحوي الحقيقة.. وإجابة السؤال الأهم: كيف وصل التمويل إلى المركز؟

اقرأ/ي أيضًا: "الثور الإماراتي الهائج".. وثائق تكشف خطة أبوظبي لإفشال الديمقراطية في تونس

أرسلت فاتورة، عبر الإيميل، إلى يوسف العتيبة لطلب تمويل دراسة عن نظام التحكم في تكنولوجيا الصواريخ بالإمارات العربية المتحدة، مع أن الإمارات ليست طرفًا في نظام التحكم في تكنولوجيا الصواريخ. وزّعت الدراسة على قيادات دولة الإمارات، وفي مقدمتها محمد بن زايد، ولي عهد أبوظبي. لم ينكر مركز الأمن الأمريكي الجديد حصوله على مبلغ 250 ألف دولار من الإمارات، بل ذكر ذلك في ملحوظة بالنص المكتوب للشهادة التي أدلى بها جولدنبرغ أمام الكونغرس، باعتبارها "مستحقات نظام التحكم في تكنولوجيا  الصواريخ الذي نفذه المركز وأداره الباحث".

يقول معهد شؤون الخليج في واشنطن، تعليقًا على ما أورده من تسريبات، إن "تمويل الدول الدكتاتورية للمراكز البحثية أمر معروف، لكن هذه القضية تحديدًا تعتبر أخلاقية وبها جدل قانوني بالنسبة إلى لجان الكونغرس التي تعتمد على شهود يتلقون تمويلًا أجنبيًا يشكك في مصداقيتهم، ويسلط الضوء على تأثير الأموال الأجنبية على المسؤولين الأمريكيين، والجهات التنفيذية والتشريعية؛ إذ أن المراكز البحثية تضغط بنعومة على الحكومة، وتوجهها لمصلحة بعض الدول، أو ضد بعض الدول، فهي تربط بين تحليلاتها ومعلوماتها وما تحصل عليه من تمويلات أجنبية فالمراكز مستعدة للتنازل عن ولائها مقابل بعض الدولارات".

تتلاعب أبو ظبي بالحقائق تحت مظلة عناوين لمراكز بحثية أمريكية فاسدة اعتقادًا منها أن ذلك يموه الكذب بمصداقية "الباحث" الغربي

وكشفت التسريبات، أيضًا، ما فعلته أموال الإمارات، المدفونة في جيب العتيبة، لشراء ذمم المسؤولين الأمريكيين، فقد تواصل مع مؤسسة الدفاع عن الديمقراطية لتنظيم مؤتمر لمدة يوم واحد، تم تنظيمه في أيار/ مايو الماضي، بعنوان "قطر والانتماءات العالمية لجماعة الإخوان المسلمين: السياسات الجديدة للإدارة الأمريكية الجديدة". وأظهرت الرسائل المتبادلة بين الطرفيْن عبر البريد الإلكتروني أن هذا المؤتمر كان مموّلًا بالكامل من السفارة الإماراتية، وحمل هجومًا على قطر، كان إحدى بذور الأزمة، التي نبتت مؤخرًا بين البلديْن فيما سُمّي "القطيعة الخليجية".

وحاول معهد شؤون الخليج بواشنطن، الحصول على نفي أو تأكيد لما أورده من معلومات عن "التمويلات الإماراتية" ضد قطر في أمريكا، إلا أن سفارة أبوظبي لم ترد، وكذلك، فشل المعهد في الحصول على رد من السفارة القطرية، أو أعضاء بلجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس الأمريكي، رغم إجرائه عدّة اتصالات معهما.

 

اقرأ/ي أيضًا:

اكذب ثم اكذب.. هكذا تشن حملة ضد قطر 

الاستخبارات الأمريكية: الإمارات وراء اختراق وكالة الأنباء القطرية