10-يوليو-2023
وزيرة الخزانة الأمريكية اعتبرت زيارتها لبكين كانت مباشرة ومثمرة (GETTY)

وزيرة الخزانة الأمريكية اعتبرت زيارتها لبكين مباشرة ومثمرة (GETTY)

اعتبرت وزيرة الخزانة الأمريكية جانيت يلين، أن زيارتها لبكين كانت "مباشرة ومثمرة"، وساعدت في تحقيق الاستقرار للعلاقات المتوترة بين بلادها والصين.

اعترفت يلين خلال المؤتمر الصحفي الذي عقدته في مقر السفارة الأمريكية في بكين قبل مغادرتها، بأن الولايات المتحدة والصين ما زالتا على خلاف بشأن عدة قضايا

وعلى مدار أربعة أيام، عقدت المسؤولة الأمريكية اجتماعات مع مسؤولين صينيين استمرت لـ 10ساعات تناولت القضايا محل خلاف بين الجانبين.

أجواء إيجابية رغم الخلافات

واعترفت يلين خلال المؤتمر الصحفي الذي عقدته في مقر السفارة الأمريكية في بكين قبل مغادرتها، بأن الولايات المتحدة والصين ما زالتا على خلاف بشأن عدة قضايا، مستشهدة بما وصفتها "ممارسات اقتصادية غير عادلة"، والإجراءات العقابية المتمثلة في التحقيقات وعمليات التفتيش التي استهدفت شركات أمريكية تعمل داخل الصين، خلال الأشهر الأخيرة. 

وقالت يلين، إن "زيارة واحدة، لن تحل التحديات التي تواجهنا بين عشية وضحاها"، وفق تعبيرها.

زكي وزكية الصناعي

وفي نفس الوقت، عبرت يلين عن ثقتها في أن زيارتها عززت جهود الإدارة الأمريكية لوضع العلاقات مع الصين على "أسس أكثر رسوخًا"، مؤكدةً أنها والرئيس الأمريكية جو بايدن، لا يرون العلاقة بين الولايات المتحدة والصين من "منظور صراع القوى العظمى، فالعالم كبير بما يكفي لازدهار بلدينا".

وأشارت الوزيرة الأمريكية، إلى أن الهدف من الزيارة هو "إقامة علاقات مع الفريق الاقتصادي الصيني الجديد وتعميقها، والحد من مخاطر سوء الفهم وتمهيد الطريق للتعاون في مجالات مثل تغير المناخ وأزمة الديون".

وتابعت وزيرة الخزانة الأمريكية: "أعتقد أننا أحرزنا بعض التقدم، وأنه من الممكن أن تكون لدينا علاقة اقتصادية صحية تعود بالفائدة علينا وعلى العالم"، مشيرةً إلى أنها تتوقع "زيادة الاتصالات، وانتظامها على نحو أكبر".

عقد يلين لقاءات مع مسؤولين صينيين

وشددت يلين على وجوب أن "يلتزم البلدان إدارة هذه العلاقة بمسؤولية، عبر إيجاد طريقة للعيش معًا، ونتشارك الرخاء العالمي"، وسلطت المسؤولة الأمريكية "الضوء على الأهمية الحيوية للاتصالات الرفيعة المستوى".

إجراءات أمريكية

وكشفت يلين، عن أن المسؤولين الصينيين أثاروا مخاوفهم بشأن "أمر تنفيذي [أمريكي] متوقع يقيد الاستثمار الخارجي"، لكنها طمأنتهم بأن أي إجراء من هذا القبيل سيكون "ضيق النطاق وسيُنفذ بطريقة شفافة، من خلال عملية صنع قرار تسمح باستطلاع آراء الشعب"، وأضافت لقد "أبلغت المسؤولين الصينيين أن بإمكانهم إثارة مخاوفهم بخصوص الإجراءات الأمريكية"، مؤكدةً أن بلادها ستواصل اتخاذ "إجراءات موَجَهة" من أجل الحفاظ على أمنها القومي، لكنها أوضحت أن هذه القيود لا تهدف إلى "كسب ميزة اقتصادية" على حساب الصين.

وتتمثل الإجراءات الأمريكية في النقطة الشائكة الرئيسية المتعلقة بقطاع "أشباه الموصلات"، وهي مواد بالغة الأهمية في الصناعات التكنولوجية (مسؤولة عن تشغيل أحدث الأجهزة الإلكترونية كالحواسيب والهواتف الذكية)، حيث فرضت الولايات المتحدة في الأشهر الأخيرة قيودًا على صادرات الرقائق الإلكترونية إلى الصين، بهدف قطع إمداد الشركات الصينية بالتكنولوجيا الأمريكية، وذلك وسط خشية واشنطن من أن تُستخدم هذه المواد في تطبيقات عسكرية.

ويأتي القرار الأمريكي، مع تحذيرات في الولايات المتحدة، من أن الصين سوف تستخدم التكنولوجيا الأمريكية المتقدمة لبناء جيش صيني أقوى من الجيش الأمريكي، بالإضافة إلى قيام الإدارة الأمريكية بدراسة خطوات للحد من الاستثمارات الأمريكية في المحالات الحساسة في الصين، ومن بينها الذكاء الاصطناعي.

كما اقترح نواب في مجلس الشيوخ من الحزبين الديمقراطي والجمهوري خطة لمواجهة النفوذ المتنامي للصين في العالم، وتهدف الخطة، إلى الحد من الاستثمارات وعمليات نقل التكنولوجيا إلى الصين وردع أي عدوان ضد تايوان. 

بالمقابل، ترى الصين التي تسعى إلى أن تصبح مستقلة في هذا المجال، أن هذه الإجراءات المتخذة ضدها تهدف إلى عرقلة تطورها، والإبقاء على التفوق الأمريكي، حيث اتهم الرئيس الصيني شي جين بينغ، الغرب بقيادة الولايات المتحدة بـ "الاحتواء الشامل والتطويق والقمع".

وردًا على سؤال حول خطط دول مجموعة "بريكس"، لتدشين عملة جديدة، قالت يلين: إنها تتوقع أن "يظل الدولار هو العملة المهيمنة في المعاملات الدولية".

وبخصوص الحرب الروسية الأوكرانية، ذكرت يلين للصحفيين أنه "من الضروري أن تتجنب الشركات الصينية تقديم دعم ملموس لموسكو في حربها، أو تمكينها من الإفلات من العقوبات".

وكانت وزيرة الخزانة الأمريكية قد اجتمعت مع مسؤولين صينيين، من بينهم رئيس الوزراء لي تش يانغ، ونائب محافظ بنك الشعب الصيني بان قونغ شن، وخلال اجتماعاتها، حثت يلين المسؤولين الصينين على زيادة التعاون بين الجانبين في المسائل الاقتصادية وقضايا المناخ. كما اجتمعت يلين مع ممثلي شركات أمريكية تعمل في الصين، وخبراء في مجال تمويل المناخ واقتصاديات.

getty

تحديات كبرى

على الجانب الآخر، وإن كانت الجهود المبذولة لإعادة بناء هذه العلاقات تؤتي ثمارها، فإنها أيضًا تلقي الضوء على تحديات كبرى في العلاقة، بسبب الخلافات حول ملفات التجارة، وحقوق الملكية الفكرية، والذكاء الاصطناعي، وتمويل الاستثمارات لمعالجة أزمة المناخ العالمية، والتعامل مع الديون الثقيلة لبعض أفقر دول العالم، بالإضافة  لعلاقات بكين الوثيقة مع موسكو، والتوسع الصيني قرب حدود الولايات المتحدة، وسجل الصين في مجال حقوق الإنسان، وقضايا أخرى مثيرة للجدل، فيما تبقى أخطر الملفات هي أزمة تايوان، والمخاطر المحدقة بوقوع حرب في الجزيرة، مع تزايد التهديدات الصينية بعمل عسكري لضم تايوان التي تعتبرها جزءًا من أراضيها.

مع وجود عناصر توتر طارئة باستمرار، مثل أزمة المنطاد الصيني، التي ساهمت في جولة من التوتر الأمريكي والصيني، التي استمرت لأشهر، ونتج عنها توتر دبلوماسي هو الأكبر في العلاقة، مع وجود عناصر توتر أكثر عمقًا.

من

جهود دبلوماسية أمريكية

وتأتي زيارة وزيرة الخزانة الأمريكية إلى بكين، بعد زيارة قام بها وزير الخارجية الأمريكي أنطوني بلينكن إلى الصين الشهر الماضي، في أول زيارة يقوم بها أكبر دبلوماسي أمريكي على هذا المستوى منذ تولي بايدن الرئاسة، والتقى خلالها مسؤولين صينيين على رأسهم الرئيس شي جين بينغ ،واعتبر الطرفان أن الزيارة كانت إيجابية، ومن المتوقع أن يزور مبعوث المناخ الأمريكي جون كيري، الصين هذا الشهر..

أشارت الوزيرة الأمريكية، إلى أن الهدف من الزيارة هو "إقامة علاقات مع الفريق الاقتصادي الصيني الجديد وتعميقها، والحد من مخاطر سوء الفهم وتمهيد الطريق للتعاون في مجالات مثل تغير المناخ وأزمة الديون"

ويترافق الجهد الدبلوماسي الأمريكي نحو الصين قبل اجتماع محتمل بين الرئيس جو بايدن ونظيره الصيني شي جين بينغ في قمة مجموعة العشرين في أيلول/سبتمبر القادم في العاصمة الهندية نيودلهي، في اجتماع منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادئ "أبيك" المقرر عقده في تشرين الثاني/نوفمبر القادم في سان فرنسيسكو.