22-ديسمبر-2023
ميتا وفيسبوك وانستغرام وحجب الأصوات الفلسطينية

حددت هيومن رايتس ووتش ستة أنماط رئيسية للرقابة، يتكرر كل منها في 100 حالة على الأقل (Getty)

انخرطت شركة ميتا في رقابة "منهجية وعالمية" على المحتوى المؤيد للفلسطينيين منذ اندلاع العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، تقرير جديد صادر عن منظمة هيومن رايتس ووتش.

وفي تقرير من 51 صفحة، قامت المنظمة بتوثيق ومراجعة أكثر من ألف حالة تم الإبلاغ عنها لإزالة محتوى على منصات "ميتا" وتعليق الحسابات أو حظرها بشكل دائم على فيسبوك وانستغرام. وعرض التقرير "ستة أنماط رئيسية من الرقابة غير المبررة" على المحتوى الداعم لفلسطين والفلسطينيين، بما في ذلك إزالة المنشورات واليوميات (ستوري) والتعليقات، وتعطيل الحسابات، وتقييد قدرة المستخدمين على التفاعل مع منشورات الآخرين، و"حظر الظل" أو تقليل الوصول، حيث يتم تقليل رؤية المواد الخاصة بالشخص ومدى وصولها بشكل كبير، وفقًا لمنظمة هيومن رايتس ووتش.

قالت هيومن رايتس ووتش: "رقابة ميتا على المحتوى الداعم لفلسطين تزيد الأمور سوءًا مع الفظائع وأشكال القمع المروّعة التي تخنق أصلا تعبير الفلسطينيين"

وتشمل الأمثلة التي تستشهد بها محتوى نشأ من أكثر من 60 دولة، معظمها باللغة الإنجليزية، وكلها في "الدعم السلمي لفلسطين، الذي يتم التعبير عنه بطرق متنوعة". 

وهذه هي المرة الثانية هذا الشهر التي يتم فيها تحدي ميتا بسبب اتهامات بأنها تقوم بشكل روتيني بإسكات المحتوى والأصوات المؤيدة للفلسطينيين.

وفي الأسبوع الماضي، كتبت إليزابيث وارين، النائبة الديمقراطية عن ولاية ماساتشوستس، إلى المؤسس المشارك لشركة ميتا والرئيس التنفيذي، مارك زوكربيرج، تطالب فيها بمعلومات بعد مئات التقارير من مستخدمي انستغرام التي يعود تاريخها إلى تشرين الأول/أكتوبر والتي تفيد بتخفيض أو إزالة المحتوى الخاص بهم، وتعرض حساباتهم للانتهاكات، وتقليل الوصول.

وقالت ديبرا براون، المديرة بالإنابة لقسم التكنولوجيا وحقوق الإنسان في هيومن رايتس ووتش: "رقابة ميتا على المحتوى الداعم لفلسطين تزيد الأمور سوءًا مع الفظائع وأشكال القمع المروّعة التي تخنق أصلا تعبير الفلسطينيين. وسائل التواصل الاجتماعي منصاتٌ أساسية تتيح للناس أن يشهدوا على الانتهاكات ويعبّروا عن رفضهم إياها، إلا إن رقابة ميتا تفاقم محو معاناة الفلسطينيين".

وقالت هيومن رايتس ووتش إن على ميتا السماح بالتعبير المحمي على منصاتها، بما يشمل التعبير عن انتهاكات حقوق الإنسان والحركات السياسية. وينبغي لها البدء بإصلاح سياسة "المنظمات الخطرة والأفراد الخطرين" بما يتوافق مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان. 

وأضافت: "على ميتا مراجعة سياسة المحتوى الذي يتميز بأهمية إخبارية لضمان أنها لا تزيل المحتوى الذي يخدم المصلحة العامة ويجب أن تضمن التطبيق العادل لهذه السياسة بدون تمييز. كما ينبغي لها بذل العناية الواجبة بشأن التأثير على حقوق الإنسان الذي تحمله التغييرات المؤقتة لخوارزميات التوصيات التي اعتمدتها استجابةً للأعمال القتالية الأخيرة".

قالت براون: "بدلًا من الاعتذارات المكررة والوعود الفارغة، على ميتا أن تثبت بشكل حاسم جديتها في معالجة الرقابة المتعلقة بفلسطين عبر اتخاذ خطوات ملموسة نحو الشفافية والإصلاح".

getty

وراجعت هيومن رايتس ووتش 1,050 حالة رقابة على الإنترنت في أكثر من 60 دولة. وتوضح: "رغم أن هذه الحالات لا تشكل بالضرورة تحليلًا تمثيليًا للرقابة، إلّا أن هذه الحالات تتوافق مع تقارير ونشاطات مناصَرة طيلة سنوات من قِبل منظمات حقوقية فلسطينية وإقليمية ودولية تفصّل رقابة ميتا على المحتوى الداعم للفلسطينيين".

وحددت هيومن رايتس ووتش ستة أنماط رئيسية للرقابة، يتكرر كل منها في 100 حالة على الأقل، وهي: إزالة المحتوى، وتعليق الحسابات أو إزالتها، وتعذّر التفاعل مع المحتوى، وتعذّر متابعة الحسابات أو ذكرها بـ"تاغ/إشارة"، والقيود على استخدام ميزات مثل البث المباشر في فيسبوك/إنستغرام، والـ "shadow banning"/ تقليل الوصول، أي انخفاض كبير في ظهور منشورات الشخص أو قصصه أو حسابه دون إشعار. وفي أكثر من 300 حالة، لم يتمكن المستخدمون من تقديم طعن بشأن إزالة المحتوى أو الحساب بسبب خلل في آلية الطعن، ما حرمهم من سبل الإنصاف الفعالة، وفق التقرير.

وفي مئات الحالات الموثقة، اعتمدت ميتا على سياسة "المنظمات الخطرة والأفراد الخطرون"، التي تضم بشكل كامل قوائم "المنظمات الإرهابية" التي حددتها الولايات المتحدة. واستندت ميتا إلى هذه القوائم وطبقتها بشكل شامل "لتقييد التعبير المشروع بشأن الأعمال القتالية بين إسرائيل والفصائل المسلحة الفلسطينية".

وأضاف تقرير "هيومان رايتس ووتش": "أساءت ميتا تطبيق سياساتها بشأن المحتوى العنيف والصادم، والعنف والتحريض، والخطاب الذي يحض على الكراهية، والعُري والنشاط الجنسي للبالغين". 

وقالت هيومن رايتس ووتش إن تطبيق سياسة "المحتوى الذي يتميز بأهمية إخبارية" من قبل ميتا شابته تناقضات، إذ أزالت عشرات المنشورات التي توثق الإصابات والوفيات الفلسطينية التي لها قيمة إخبارية.

انحياز ميتا.. والتحريض على فلسطين

وفي وقت سابق، تحدث تقرير لموقع "ذا إنترسبت" الأمريكي، عن سلسلة إعلانات نشرها فيسبوك، تنزع الإنسانية وتدعو إلى العنف ضد الفلسطينيين، تم نشرها من قبل مجموعات إسرائيلية، وأخرى تهدف إلى الكشف عن معايير فيسبوك.

وتضمنت الإعلانات المقدمة، باللغتين العبرية والعربية، انتهاكات صارخة لسياسات فيسبوك وشركتها الأم ميتا. وتضمنت بعضها محتوى عنيفًا يدعو بشكل مباشر إلى قتل المدنيين الفلسطينيين، مثل الإعلانات التي تطالب بـ "محرقة للفلسطينيين" والقضاء على "نساء وأطفال وشيوخ غزة". واحتوت منشورات أخرى، على وصف لأطفال غزة بأنهم "إرهابيو المستقبل" ولغة مهينة مثل "الخنازير العربية".

getty

وقال نديم الناشف، مؤسس مجموعة "حملة" الفلسطينية، والتي قدمت الإعلانات التجريبية للكشف عن سياسة فيسبوك: "إن الموافقة على هذه الإعلانات هي الأحدث في سلسلة من إخفاقات ميتا تجاه الشعب الفلسطيني. طوال هذه الأزمة، شهدنا نمطًا مستمرًا من التحيز الواضح والتمييز ضد الفلسطينيين".

وبحسب التقرير، فإن فكرة اختبار جهاز المراقبة على فيسبوك، جاء بعد اكتشاف إعلان على صفحية فيسبوك، تدعو إلى اغتيال الناشط الأمريكي بول لارودي، أحد مؤسسي حركة غزة الحرة. وجاء في الترجمة التلقائية لفيسبوك للإعلان: "حان الوقت لاغتيال بول لارودي، الإرهابي المعادي للسامية والمدافع عن حقوق الإنسان من الولايات المتحدة".

وتم نشر الإعلان من قبل صفحة مجموعة Ad Kan، وهي مجموعة إسرائيلية يمينية أسسها ضباط سابقون في جيش الاحتلال الإسرائيلي والمخابرات بهدف "محاربة المنظمات المناهضة لإسرائيل".

ويضيف التقرير: "تعتبر الدعوة لاغتيال ناشط سياسي انتهاكًا لقواعد الإعلان في فيسبوك. ويشير ظهور المنشور الذي رعاه Ad Kan على المنصة إلى موافقة فيسبوك عليه على الرغم من تلك القواعد. من المحتمل أن يكون الإعلان قد مر عبر التصفية من خلال عملية فيسبوك الآلية، القائمة على التعلم الآلي، والتي تسمح لأعمالها الإعلانية العالمية بالعمل بسرعة".

قالت هيومن رايتس ووتش إن على ميتا السماح بالتعبير المحمي على منصاتها، بما يشمل التعبير عن انتهاكات حقوق الإنسان والحركات السياسية

ووفق الموقع الأمريكي، فإن فيسبوك يشير إلى أن مراجعة الإعلانات قبل نشرها، تنفذ بطريقة آلية، من أجل تجنب النقد والتدقيق، رغم إشارة التقرير إلى أن هذه الطريقة "تحجب أيضًا كيفية اتخاذ قرارات الإشراف خلف الخوارزميات السرية".

وفي العام الماضي، وجدت مراجعة خارجية بتكليف من شركة ميتا أنه بينما كانت الشركة تستخدم بشكل روتيني الرقابة الخوارزمية لحذف المنشورات العربية، لم يكن لدى الشركة خوارزمية مكافئة للكشف عن "الخطاب العدائي العبري" مثل الخطاب العنصري والتحريض العنيف. وبعد التدقيق، زعمت شركة ميتا أنها "أطلقت أداة تصنيف للخطاب العدائي العبري، للمساعدة بشكل استباقي في الكشف عن المحتوى العبري الأكثر انتهاكًا"، مثل إعلان يتبنى جريمة قتل.