18-مارس-2016

يوجد في الأزهر أعداد مهولة من الطلبة الوافدين للدراسة هناك وخاصة من ماليزيا(دافييد سلفرمان/Getty)

في بداية شباط/فبراير الماضي، صرح حسام الملاح رئيس قطاع البعثات وشؤون الوافدين بوزارة التعليم العالي أن مصر تنوي زيادة مصاريف الدراسة بالنسبة للوافدين إليها من 2000 دولار في السنة إلى 6000 آلاف دولار مبررًا قراره بأن الطالب الأجنبي يأتي إلى مصر للدراسة لأنها أرخص من بلده، وبأن البلد في هذه الفترة تحتاج إلى هذه الزيادة مشيرًا إلى حاجتها الضرورية للنقد الأجنبي. يعني أنه حين تم التفكير في هموم الطلبة الوافدين، كان الأهم على الإطلاق هو "كيف ستتم زيادة المصاريف؟"، وبالتالي إلغاء الميزة النسبية الوحيدة التي تتمتع بها مصر بين دول العالم.

يتجه وزير التعليم العالي المصري إلى زيادة مصاريف الطالب الأجنبي بدل تحسين الخدمات المقدمة، هو بذلك ينهي مصدرًا مهمًا من النقد الأجنبي لمصر

بالنسبة لي كشف كل ما سبق عن قصور شديد في تناول قضية مهمة وباب مهم من أبواب التعليم في مصر وأحد ملامح "القوة الناعمة" لأي بلد. فبدلاً من الاتجاه إلى تحسين نوعية الخدمات الموجهة للطلبة الأجانب باعتبارهم مصدرًا مهمًا من مصادر النقد الأجنبي لمصر نتجه إلى إنهائه. وبدلًا من تيسير الإجراءات الإدارية التي يعاني منها الطلاب الوافدون، ينضاف إلى البيروقراطية زيادة في المال.

اقرأ/ي أيضًا: مصر "بتتكلم أجنبي".. اللغة تتبع المنتصر

يوجد في الأزهر أعداد مهولة من الطلبة الوافدين من جميع أنحاء العالم للدراسة هناك وخاصة من ماليزيا التي تحظى بنصيب الأسد في عدد الطلاب الوافدين إلى مصر. لا خطة لتطوير تدريس اللغة العربية في مصر، وهو مجال تحتكره فئة محدودة جدًا من أساتذة الجامعة نظرًا للربح الكبير الوارد منه ونظرًا لمجالاته المفتوحة التي تؤهل دومًا للعمل خارج مصر.

لا يجد الطالب الوافد إلى مصر كما الطالب المصري العادي وسيلة مواصلات "آدمية"، ولا يتم الاهتمام بهذا الجانب أصلاً، كما يجد نفسه أمام قائمة طويلة من الأسعار المرتفعة للمعيشة اليومية وخاصة فيما يتعلق بالطعام والملبس. كما أنه لا يحظى بأي عناية طبية مميزة إلا مراكز الرعاية الصحية العامة التي لا تغطي مصروفات صحية مرتفعة. يعاني الطالب الوافد إلى مصر معاناة الطالب العادي في الأدوات المكتبية وقاعات الدراسة، التي لم يتم تطويرها منذ فترة طويلة.

لا يجد الطالب الوافد إلى مصر كما الطالب المصري العادي وسيلة مواصلات "آدمية"، كما يجد نفسه أمام قائمة من الأسعار المرتفعة للمعيشة اليومية

اقرأ/ي أيضًا: عن المنح الدراسية للطلبة العرب

في الحقيقة، التفكير خارج الصندوق ليس بدعة من القول، بل قد يجلب المزيد من الدخل إلى مصر دون أن يشعر الطالب الوافد بالاستغلال. حين كنت في إسبانيا منذ عدة سنوات استلمت منشورًا من طلاب وافدين مثلي إلى هناك عن مجموعة من المزايا المقدمة لي كطالبة ومنها ما يسمى ببطاقة الطالب التي تضمن له تخفيضًا في وجبات الطعام والمواصلات ودور السينما، واشتراكات المكتبات الجامعية التي تكاد تكون بالمجان وهو ما لا ينطبق على جامعة في مقاطعة واحدة بل على كل الجامعات في كل المقاطعات.

ومن وقت إلى آخر تقدم الجامعات الإسبانية عروضًا خاصة للطلاب الوافدين لتضمن دخول الطالب الوافد إليها دون أن يتذمر من سعر اليورو المرتفع وهو يعيش حياته اليومية. هذا إلى جانب، دور استقبال الوافدين المختلفة التي تقدم الثلاث وجبات اليومية بتكلفة منخضة والوجبات الخفيفة، ويدير الدار مجموعة من الطلبة يسمون أنفسهم "روادا". أما بالنسبة للخدمات الإلكترونية فحدث ولا حرج، لا يوجد في مصر قاعدة منظمة وتحظى بدعم حكومي رسمي سخي للرسائل العلمية وأوراق البحث.

بينما لو كنت تدرس لغة أخرى كالإسبانية أو الإنجليزية فإن لك جواز مرور على قاعدة عريضة من أهم الأبحاث العلمية والأوراق البحثية التي تجرى في مجالك، صحيح أنه حفاظًا على الملكية الفكرية فإن الكثير من هذه الأبحاث غير متاحة بالكامل لكن جزءًا كبيرًا متاح للإطلاع ويوجد بدائل عديدة لذلك.

والحقيقة أن، في مصر اليوم، القرار بتحسين وضع علمي ما، هو قرار سياسي في المقام الأول، بمعنى أنه استراتيجية هامة لها خطة وتُصرف لها الأموال أما زيادة المصاريف وحسب دون تحسن يُذكر في الخدمات فهو ما اعتاد عليه طلاب مصر وربما سيضطر أيضًا لقبوله الطلاب الوافدون.  

اقرأ/ي أيضًا:

الجامعات العربية.. الحصاد المر

القوى الطلابية المصرية في مواجهة الانتهاكات