09-أغسطس-2023
gettyimages

كان خفر السواحل الصيني قد أطلق السبت الماضي، خراطيم المياه على زوارق فلبينية في بحر جنوب الصين المتنازع عليه (Getty)

يتزايد القلق العالمي بشأن الأنشطة البحرية الصينية المتزامنة مع رغبة الصين الواضحة في التوسع على حساب جيرانها، وتحديث جيشها، وإظهار بكين سلوكًا عدوانيًا متزايدًا في مطالباتها بجزر ومواقع على بحر الصين الجنوبي متنازع عليها بين الصين والفلبين وتايوان وماليزيا وبروناي وفيتنام.

كما زادت التدريبات المشتركة بين الصين وروسيا، الأمر الذي أثار قلقًا أمريكيًا بشأن مستوى التنسيق العسكري بين بكين وموسكو.

وعليه فمن غير المستبعد، حسب محللين تحدثوا لصحيفة الغارديان البريطانية، أن يتصاعد الخلاف بين الصين وجيرانها، على المناطق والجزر المتنازع عليها في بحر الصين الجنوبي، وبخاصة الفلبين ليصل إلى مرحلة صراع قوى عظمى، بالنظر إلى أن الفلبين متحالفة مع الولايات المتحدة.

يتصاعد الخلاف بين الصين وجيرانها، على المناطق والجزر المتنازع عليها في بحر الصين الجنوبي، وبخاصة الفلبين ليصل إلى مرحلة صراع قوى عظمى، بالنظر إلى أن الفلبين متحالفة مع الولايات المتحدة

وكان خفر السواحل الصيني قد أطلق السبت الماضي، خراطيم المياه على زوارق فلبينية في بحر جنوب الصين المتنازع عليه، وذلك أثناء مرافقتها سفنًا تحمل إمدادات لجنود فلبينيين متمركزين في جزر سبراتلي في بحر جنوب الصين.

وقد وصفت الفلبين في بيان أصدرته الأحد تصرفات خفر السواحل الصيني بأنها "غير قانونية" و"خطيرة".

واستدعت حكومة الفلبين السفير الصيني لتقديم احتجاج دبلوماسي. في وقت قالت فيه وزارة الخارجية الفلبينية إنها لم تتمكن من التواصل مع نظرائها في بكين خلال الحادث.

واستنكر بيان لخفر السواحل الفلبيني بشدة "مناورات خفر السواحل الصيني الخطيرة والاستخدام غير القانوني لخراطيم المياه ضد زوارق خفر السواحل الفلبيني".

واستخدم خفر السواحل الصيني خراطيم المياه ضد طاقم إمداد فلبيني في تشرين الثاني/ نوفمبر 2021.

بودكاست مسموعة

وكانت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وفرنسا واليابان وأستراليا، من بين الدول التي أعربت عن دعمها للفلبين وعن قلقها بشأن تصرفات الصين. كما أكدت واشنطن من جديد التزامها بمعاهدة الدفاع المشترك للدفاع عن الفلبين إذا تعرضت سفنها وقواتها العامة لهجوم مسلح.

وقالت بكين إنّ خفر سواحلها كان "محترفًا ومنضبطًا" في قيامه "بإيقاف قانوني" لسفينتين فلبينيتين اتهمتهما بانتهاك السيادة الصينية.

وأمس الثلاثاء كررت وزارة الخارجية الصينية دعواتها للفلبين لإزالة سفينة سييرا مادري على الفور من المياه الضحلة و"إعادتها إلى حالتها غير المحتلة".

وردًا على ذلك، قال مسؤول كبير في مجلس الأمن القومي الفلبيني، إنهم لن يتخلوا عن مواقعهم مطلقًا ، وسوف يفعلون "كل ما هو ضروري" لإعادة الإمداد.

يشار إلى أنّ الصين تطالب بالسيادة الكاملة تقريبًا على بحر الصين الجنوبي الذي يعد ممرًا تجاريًا لبضائع بتريليونات الدولارات سنويًا، وسط مطالبات منافسة من بروناي وماليزيا والفلبين وتايوان وفيتنام.

وتجاهلت بكين حكمًا صادرًا عام 2016 عن محكمة التحكيم الدولية الدائمة في لاهاي والذي توصل إلى أن المطالبة التاريخية للصين بمعظم البحر لا أساس لها. 

وعززت بكين في المقابل وجودها في المنطقة، لا سيما من خلال خفر السواحل. وقد أنشأت الصين خفر سواحل لتوسيع السيطرة الصينية في بحر الصين الجنوبي. 

وتعليقًا على التحركات الصينية الجديد، قال بليك هيرزينجر، الباحث في مركز دراسات الولايات المتحدة بجامعة سيدني، إن هناك "إمكانية كبيرة للتصعيد" بين الفلبين والصين مؤكدًا أن "سلوك بكين المحفوف بالمخاطر في المنطقة قد يكون كافيًا لجر القوتين إلى صراع حتى بدون نية القيام بذلك".

زكي وزكية الصناعي

فيما قال أليسيو باتالانو، الباحث في كينجز كوليدج لندن، إن النشاط الذي قد يفجر الصراع بين بكين وواشنطن لا يزال غير واضح. لكن باتالانو قال إن الولايات المتحدة ترسل إلى بكين رسالة مفادها أنها تعتبر النشاط في المناطق المتنازع عليها مثل مشمولًا بمعاهدتها الدفاعية المشتركة مع الفلبين.

وكانت الفلبين، تحت إدارة رئيسها بونج بونج ماركوس الذي خلف رودريغو دوتيرتي في حزيران/يونيو 2022، قد عززت علاقاتها وزادت تعاونها مع الولايات المتحدة، لا سيما في صد مطالب الصين الإقليمية.

وقالت أماندا هسياو، كبيرة المحللين الصينيين في Crisis Group، إنه: "من المرجح أن يكون دافع الصين في الاعتداء على الزوارق الفلبينية هو استخدام تكتيك أكثر قوة (وإن لم يكن جديدًا)، نظرًا إلى ما يثيره تقارب الإدارة الفلبينية الحالية مع الولايات المتحدة من مخاوف".

التدريبات المشتركة مع روسيا عامل تأزيم إضافي

بالتزامن مع تحدي خفر السواحل الصيني السفن الفلبينية في بحر الصين الجنوبي، كان أسطول الصين البحري يجري تدريبات مشتركة مع روسيا قبالة سواحل ألاسكا. وقد أثار التمرين بعض القلق بشأن التعاون المتنامي بين بكين وموسكو، اللتين أعلن قادتهما عن شراكة "غير محدودة" في عام 2021.

وتشير المعلومات المتاحة إلى أن 11 سفينة حربية صينية وروسية كانت في المنطقة الاقتصادية الخالصة للولايات المتحدة، حيث تنص اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار (Unclos) على أن النشاط العسكري الأجنبي قانوني، طالما أنه لا يتدخل في المياه الإقليمية.

كان خفر السواحل الصيني قد أطلق السبت الماضي، خراطيم المياه على زوارق فلبينية في بحر جنوب الصين المتنازع عليه

ونشرت الولايات المتحدة أربع مدمرات تابعة للبحرية الأمريكية في المنطقة، لكن التصريحات الحكومية والعسكرية لا تشير إلى أن الوجود يمثل تهديدًا. ومع ذلك، وصف عضوا مجلس الشيوخ في ألاسكا ليزا موركوفسكي ودان سوليفان النشاط بأنه "توغل" ودعوا إلى زيادة التمويل العسكري لمنطقتهم.

واعتبر بليك هيرزينجر، الباحث في مركز دراسات الولايات المتحدة بجامعة سيدني، أنّ "الرد من خلال وصف ما تقوم به روسيا والصين بأنه  تهديد، أو توغل، يلعب لصالح بكين على وجه الخصوص، حيث أنها عادةً ما تصنف النشاط البحري الأمريكي القانوني بنفس الطريقة عند الاعتراض عليه".

 فالولايات المتحدة  تقوم بشكل متكرر بإجراء تدريبات مشابهة، بما في ذلك في أماكن مثل مضيق تايوان وبحر الصين الجنوبي.