01-سبتمبر-2018

ملالة للحشد الشعبي جنوبي الموصل (أحمد الربيعي/Getty)

ألترا صوت - فريق التحرير

شهدت ليلة 31 آب/ أغسطس 2018، ما كان يتوقعه المراقب لسباق التنافس بين الكيانات السياسية في العراق، والصراع بين الأدوات الإيرانية والأمريكية على تشكيل الكتلة الكبرى في البرلمان العراقي، والحصول على رئاسة الحكومة، إذ أصدر رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، أمرًا بإعفاء فالح الفياض من مستشارية الأمن الوطني وجهاز الأمن الوطني، ورئاسة الحشد الشعبي أيضًا.

قد تكون إقالة الفياض من رئاسة الحشد الشعبي مقدمة لإقالة أبو مهدي المهندس، ما سيؤدي لتحركات عسكرية لدى فصائل الحشد الشعبي ضد العبادي

وكان العبادي قد نشر عبر حسابه الرسمي في موقع فيسبوك أمرٍ ديواني، نصَّ على "إعفاء فالح الفياض من مهامه كمستشار للأمن الوطني ورئاسة هيئة الحشد الشعبي وجهاز الأمن الوطني". عازيًا سبب الإعفاء إلى "انخراط الفياض بمزاولة العمل السياسي والحزبي ورغبته في التصدّي للشؤون السياسية وهذا ما يتعارض مع المهام الأمنية الحساسة التي يتولاها". لافتًا إلى أن قرار الإعفاء جاء "استنادًا إلى الدستور العراقي في حيادية الأجهزة الأمنية والاستخبارية وقانون هيئة الحشد الشعبي والأنظمة والتعليمات الواردة بهذا الخصوص".

اقرأ/ي أيضًا: العراق..مافيا الوظائف الحكومية تطيح بآمال الشباب

لكن إعفاء الفيّاض، المنضم إلى تحالف النصر، وإبعاده من رئاسة الحشد الشعبي، له مقدّمات سياسيّة، إذ كشفت مصادر سياسية مطلعة، في وقت سابق، عن "انشقاق الفياض من تحالف النصر بسبب إعلان حيدر العبادي عن التزامه بالعقوبات الأمريكية على إيران". حيث تدعم فصائل الحشد الشعبي وأجنحتها السياسية مثل ائتلافي الفتح والقانون فالح الفياض لرئاسة الوزراء بعد العقوبات الأمريكية، بديلًا عن العبادي الذي يطمح لتولي ولاية ثانية، وبإرادة أمريكية، فالفياض كان يمارس العمل السياسي ضمن فريق العبادي منذ ترشحه في قائمة النصر قبل انتخابات 12 أيار/ مايو الماضي.

في حين ردّ تحالف الفتح سريعًا على قرار العبادي بإعفاء الفيّاض، في بيان قال فيه، إن "إصدار قرار إعفاء فالح الفياض من رئاسة هيأة الحشد الشعبي وجهاز الأمن الوطني ومستشارية الأمن الوطني يعبر عن بادرة خطيرة بإدخال الحشد الشعبي والأجهزة الأمنية في الصراعات السياسية وتصفية الحسابات الشخصية".

بينما اعتبر التحالف، "هذه القرارات غير قانونية وفقًا للدستور"، مرجعًا ذلك إلى أن "فالح الفياض يشغل هذه المسؤوليات التي تعد بدرجة وزير وهي مواقع سياسية شأنها شأن وزارة الدفاع والداخلية كما أن هذه الإجراءات قرارات شخصية تربك الوضع الأمني وتجازف باستقرار البلد وفتح الجبهة الداخلية أمام الإرهاب إرضاءً لرغبة الاستئثار بالسلطة".

في عين الوقت اعتبر مراقبون بيان تحالف الفتح تهديد صريح، خاصّة في إشارته لـ"المجازفة باستقرار البلد"، حيث صار الصراع واضحًا بين المحسوبين على أمريكا من جانب، والمحسوبين على إيران من جانب آخر، فمن جهة تمتلك فصائل الحشد سلاحًا، وتسيطر على مناطق شاسعة من العراق، فضلًا عن وجودها السياسي الذي يستطيعون فيه أن يعرقلوا تمرير أي شيء، بعد حصولهم على 47 مقعدًا في نتائج انتخابات أيار 2018.

أما واشنطن فترغب، بحسب مصادر مطلعة، قالت لـ"ألترا صوت" بإبقاء العبادي رئيسًا للوزراء في ولاية ثانية"، لكن محوري الفتح والقانون لا يرغبون بتجديد الولاية للعبادي، ومعهم قيادات من النصر مقربة من إيران، تحالف العبادي نفسه، إذ أعلنوا عن دعمهم لفالح الفياض لرئاسة الوزراء، شريطة انسحابه من تحالف النصر، أو دعم هادي العامري، المقرّب من إيران لمنصب رئاسة الوزراء.

اقرأ/ي أيضًا: القطاع العام في العراق.. المحاصصة في التعليم الابتدائي أيضًا!

ويتضح موقف أمريكا وصراعها مع المقربين من إيران، حين تداولت وسائل إعلام بيانًا صادرًا عن زعيم تحالف الفتح، هادي العامري، كشف فيه عن "إبلاغ العامري لمبعوث الرئيس الأمريكي بريت ماكغورك، أن تحالفه سيسقط أية حكومة تتشكل بالتنسيق مع أمريكا في لقاء جميع الطرفين".

يمكن اعتبار بيان تحالف الفتح تهديد صريح للعبادي، خاصّة في إشارته لـ"المجازفة باستقرار البلد"

لكن المبعوث الأمريكي، بريت ماكغورك، رد على هذا البيان بالنفي باللغتين العربية والإنجليزية، قائلًا "حسنًا، هذا اللقاء، أي لقاءه بالعامري، والعديد من اللقاءات الأخرى التي تم نشرها في وسائل الإعلام العراقي لم تحدث"!.

من جانب آخر، تتزايد لقاءات قائد الحرس الثوري الإيراني، الجنرال قاسم سليماني، بالقيادات الشيعية، بغية توحيدها، وتشكيل حكومة بإرادة إيرانية، لا تجدّد للعبادي ولاية ثانية، لا سيما بعد موقفه من الالتزام بالعقوبات الأمريكية، التي حاول أن يتراجع عنها، ويصحح موقفه، لكنه لم ينجح في كسب ثقة إيران مرّة أخرى.

في هذه الأثناء، يستمر التنافس على تشكيل الحكومة، بين فريق يضم "سائرون، النصر، الوطنية، الحكمة"، وبين "الفتح ودولة القانون، وبعض قيادات النصر، بينهم الفياض، الذي أعفي عن منصبه مؤخرًا، بالرغم من اقتراب انعقاد الجلسة البرلمانية الأولى، والتي من المقرّر أن تعقد في 3 أيلول/ سبتمبر، والتي يتوقع مراقبون أن تؤجل وسط هذا الصراع الذي من الممكن أن يتطور بين النصر، المقرّب من أمريكا، والفتح المقرّب من إيران. إذ كشفت مصادر لـ"ألترا صوت" عن أن إقالة الفياض من رئاسة الحشد الشعبي ستكون مقدمة لإقالة أبو مهدي المهندس، الأمر الذي قد يخلق خروجًا مسلحًا لدى فصائل الحشد الشعبي ضد العبادي، ويؤدي إلى مواجهة عسكرية كبرى، تكون حربًا جديدة بالوكالة عن الصراع الأمريكي الإيراني في العراق.

 

اقرأ/ي أيضًا:

ردود فعل إيران بعد العقوبات الأمريكية.. هل ستدفع العراق الثمن؟

الديوانية تخرج عن صمتها.. فقراء العراق في قلب الحركة الاحتجاجية