08-يناير-2019

يُعد تسليم فتح الله غولن من الملفات الشائكة في الحوار التركي الأمريكي (Getty)

بعد أن تكرر فتح ملف تسليم رجل الدين التركي فتح الله غولن، أكثر رجل مطلوب في تركيا اليوم بناء على طلب السلطات التركية للولايات المتحدة، لم تكن إدارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، تظهر أي نية للاستجابة، قبل حادثة مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي، في قنصلية بلاده في إسطنبول، وهي القضية التي حركت كثيرًا من الملفات، وأحدثت جديدًا على مستوى العلاقات الأمريكية التركية.

هل يرتبط تكثيف المطالبات بترحيل غولن مع الضغط التركي على السعودية بشأن قضية خاشقجي؟ ترجح بعض الآراء أن هذا محتمل

طلب تسليم لا تمل منه تركيا

قالت وسائل إعلام عديدة إن وفدًا أمريكيًا التقى بمسؤولين أتراك نهاية الأسبوع الماضي، لمناقشة طلبات تسليم فتح الله غولن الذي تؤكد تركيا ضلوعه في محاولة الانقلاب على حكومة الرئيس طيب رجب أردوغان عام 2016.

اقرأ/ي أيضًا: مأزق العلاقات الأمريكية - التركية.. خيارات أردوغان وقرارات ترامب

وحسبما نقلت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية، فإنه من المفترض أنه قد تم استنئاف تلك المحادثات يوم الجمعة الماضية، حيث "قامت تركيا خلالها بمشاركة أدلة جديدة مع سلطات إنفاذ القانون في الولايات المتحدة".

ليست المطالبات من الجهات التركية من أجل تسليم غولن جديدة، ففي أواخر تشرين الثاني/نوفمبر من العام الماضي، كان الرئيس ترامب قد أكد أنه سينظر في المطالب التركية بهذا الشأن. وتطالب تركيا منذ فترة طويلة بتسليم غولن لمحاكمته داخل تركيا، مؤكدة من خلال قنواتها الرسمية أن الرجل هو وجماعته ضالعين في محاولة الانقلاب التي حدثت منذ عامين .وفي الأسابيع الأخيرة من العام الماضي، كثف المسؤولون الأتراك الضغط على إدارة ترامب لتسليم غولن حسبما أوردت واشنطن بوست، بينما كانت إجابة المسؤولين الأمريكيين في وزارة العدل على الطلبات التركية، في كل مرة، أن أنقرة لم تقدم أدلة كافية للقبض على غولن.

لماذا "تكثيف" المطالبات الآن؟

لماذا تتكثف المطالبات بتسليم غولن الآن، أو بطريقة أخرى، هل يرتبط تكثيف المطالبات بترحيل غولن مع الضغط التركي على السعودية بشأن قضية خاشقجي؟ ترجح بعض الآراء أن هذا محتمل. فلقد  طلبت إدارة ترامب من وكالات إنفاذ القانون الفيدرالية دراسة السبل القانونية التي يمكن بها ترحيل غولن من البلاد حسب ما ذكر موقع ميدل إيست آي البريطاني.

ولا تزال إدارة ترامب تعتبر أن استخدام ورقة غولن للضغط على تركيا من أجل تخفيف الضغط على حليفتها السعودية، أمر ممكن. وكان تسليم غولن نقطة شائكة منذ فترة طويلة بين واشنطن وأنقرة، بالإضافة إلى عدة ملفات أخرى، تسببت بأزمة دبلوماسية حادة بين الدولتين في العام الماضي.

وقد دفع البيت الأبيض بوزارة العدل ومكتب التحقيقات الفيدرالي لإعادة فتح طلب تركيا لتسليم غولن، بينما أشار إلى وزارة الأمن الداخلي بفحص وضعه القانوني في البلاد، بالإضافة إلى تفاصيل أخرى. كما طلبت إدارة ترامب على وجه التحديد معلومات حول وضع إقامة غولن في الولايات المتحدة، وهو يعيش هناك منذ التسعينات كما يبين تقرير نشرته شبكة إن بي سي  نيوز الأمريكية.

في هذا السياق، علقت جماعة غولن على الأمر بقولها: "نأمل ونتوقع أن تلتزم حكومة الولايات المتحدة بكل شروط قوانينها ومعاهداتها لضمان اتباع الإجراءات القانونية الواجبة".

هل ستستجيب إدارة ترامب إلى مطالبات أنقرة؟

تلتزم تركيا والولايات المتحدة بمعاهدة لتسليم المجرمين، ويجب على البلدين استيفاء سلسلة من الإجراءات القانونية والوفاء بمعايير الإثبات قبل منح أي طلب رسمي للتسليم. وقد تم التوقيع على معاهدة تسليم المجرمين والمساعدة المتبادلة في المسائل الجنائية بين تركيا والولايات المتحدة في عام 1979، وتضم 33 جريمة جنائية تشكل أساسًا للتسليم، بما في ذلك القتل والاختطاف والاغتصاب والتشهير والحرق. ولكي تكون جرائم تسليم المجرمين سارية، يجب أن يتم اعتبارها "جرائم في كلا البلدين"، وهو ما يعرف باسم "ازدواجية التجريم"، ويعاقب عليه بالسجن لمدة سنة على الأقل.

اقرأ/ي أيضًا: كيف تغيرت سياسة تركيا الخارجية بعد الربيع العربي؟

ﺑﻴﺪ ﺃﻥ ﺷﺮﻃًا في ﻣﻌﺎﻫﺪﺓ 1979  ﻳﻨﺺ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﺘﺴﻠﻴﻢ لا ﻳُﻤﻨﺢ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ الشخص المطلوب "ﺷﺨصًا ﺳﻴﺎسيًا"، ﺃﻭ ﺣﻴﺚ ﻳكون الهدف من تسليمه ﻣﻘﺎﺿﺎته ﺃﻭ ﻣﻌﺎﻗﺒﺘﻪ "ﺑﺴﺒﺐ ﺁﺭﺍﺋﻪ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ". وكانت منظمة العفو الدولية قد حذرت في وقت سابق من أن جماعة غولن عرضة لسوء المعاملة، بما في ذلك التعذيب، إذا تم تسليمهم إلى تركيا. كما هدد أردوغان باستعادة عقوبة الإعدام في أعقاب الانقلاب الفاشل.

لا تزال إدارة ترامب تعتبر أن استخدام ورقة غولن للضغط على تركيا من أجل تخفيف الضغط على حليفتها السعودية، أمر ممكن

يبدو أن إعادة فتح ملف ترحيل غولن من الولايات المتحدة وتصريحات ترامب تُعد برمتها تحركات خاضعة  لتوازنات تطرح نفسها بقوة بين تركيا والولايات المتحدة، خاصة بعد ما تعرضت حليفة الأخيرة إلى انتقادات دولية لاذعة بسبب قضية خاشقجي، وهو ما يفتح الباب أمام احتمالات واسعة.

 

اقرأ/ي أيضًا:

7 استفتاءات دستورية في تاريخ تركيا الحديث.. ماذا تعرف عنها؟

9 حقائق ومعلومات عن تركيا تسمعها لأول مرة!