06-أبريل-2024
العدوان يتواصل على قطاع غزة.jpg

(epaimages) الاعتقاد الإسرائيلي بإمكانية عودة الأسرى في غزة، نتيجة الضغط العسكري، هو أمر فشل أيضًا

بمرور 6 أشهر من العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، تبدو إسرائيل بعيدة عن تحقيق الأهداف التي وضعتها بداية الحرب، كما أن الهدف الأمريكي بمنع اشتغال الساحات الأخرى، يبدو هو الآخر متأرجحًا، في ظل تصعيد إسرائيلي في المنطقة.

وقال المعلق العسكري لـ"هآرتس" عاموس هارئيل: "بعد مرور ما يقرب من نصف عام على بداية الحرب، أصبح التوازن الإسرائيلي في مواجهة حماس غير مرضٍ على الإطلاق. لا توجد طريقة حقيقية للتراجع عن هذه النتيجة. واليوم أصبح من الواضح للجميع -باستثناء الأتباع العمياء- أن وعود ’النصر الكامل’ التي يطلقها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو كل يوم لا قيمة لها على الإطلاق".

وأضاف هارئيل: "كان هناك قدر من المنطق في قرار شن غزو بري على غزة. لقد فوجئت إسرائيل بأضعف لحظاتها، وكان من الممكن أن يؤدي غياب الرد إلى دفع الخصوم في المنطقة إلى الانضمام إلى حملة حماس. وحتى الآن، بعد القتل والدمار، لم ينته هذا الخطر تمامًا (بل ازداد هذا الخطر فقط هذا الأسبوع)"، وفق قوله.

هآرتس: وعود بنيامين نتنياهو بـ"النصر الكامل أو المطلق" مع مرور الوقت تصبح لا قيمة لها على الإطلاق

وأوضح المعلق العسكري لـ"هآرتس": "تصرفت الحكومة والجيش على أساس إجماع شعبي واسع. ولكن مع مرور الوقت، من الضروري الاعتراف أيضًا بما لم يتم إنجازه، مقارنة بما كان متوقعًا في إسرائيل مع بدء العملية البرية. إن التوقعات بتفكيك نظام حماس وتدمير كافة قدراتها العسكرية كانت مرتفعة للغاية، وبالتأكيد في إطار زمني صارم لا يتجاوز بضعة أشهر. لقد كان من المحتم أن تطول الحرب، ومن الصعب الاعتقاد بأنه سيكون من الممكن تفكيك النظام بالكامل حتى في المستقبل".

كما أشار إلى أن الاعتقاد الإسرائيلي بإمكانية عودة الأسرى في غزة، نتيجة الضغط العسكري، هو أمر فشل أيضًا.

واستمر في القول: "هذا الأسبوع تكبد الجيش الإسرائيلي خسائره القاتلة رقم 600 في الحرب. وقتل نحو نصف الجنود في العملية البرية التي بدأت في نهاية تشرين الأول/أكتوبر. وهذا الرقم لا يزال أقل بكثير من التوقعات القاتمة التي صدرت في الجيش الإسرائيلي عشية الغزو".

وأشار إلى تحول في طريقة حماس التي اتخذت "طريقة قتال بديلة، إذ "انقسمت كتائبها وألويتها الإقليمية إلى فرق صغيرة حاولت ضرب القوات الإسرائيلية أثناء تقدمها وبكثافة أكبر بعد أن استقرت وسيطرت على الأرض. وكان السلاح الأكثر فعالية لدى الفلسطينيين هو القذائف الصاروخية، التي تستمر في إيقاع العديد من الإصابات، وخاصة ضد مواقع الحراسة الدائمة". 

عملية رفح

وتابع هارئيل: "إلى جانب النصر الكامل، يعد نتنياهو كل يومين باحتلال رفح. ومن الناحية العملية، فإن الاستعدادات لهذا الاحتمال متعثرة. وفي محادثات Zoom التي عقدت هذا الأسبوع بين شخصيات إسرائيلية وأمريكية بارزة، أوضحت إدارة بايدن أن الجيش الإسرائيلي يجب أن يجد طريقة لإجلاء حوالي 1.3 مليون مدني فلسطيني من رفح قبل دخول المدينة، هذا إذا دخلها". مضيفًا: "أعرب الجانبان عن تقديرات مختلفة حول المدة التي سيستغرقها نقل السكان. ولأن الأمر سيستغرق بعض الوقت قبل إطلاق العملية في رفح، فمن المرجح أن تسعى إسرائيل إلى تحقيق أهداف أخرى، إذا حدث ذلك. والاحتمال المعقول هو شن غارة على مخيمي النصيرات ودير البلح للاجئين وسط القطاع".

وأشار إلى القصف الإسرائيلي على قافلة المطبخ المركزي العالمي، قائلًا: "إن إسرائيل تنجح بطريقة أو بأخرى في ضرب كل ما تعتبره الإدارة الأمريكية مهمًا، أي منع الجوع، وتجنب قتل المدنيين وتدمير المباني على نطاق واسع، وحماية المنظمات الدولية. ومن المرجح أن تؤدي الضربة الأخيرة التي ارتكبها الجيش الإسرائيلي إلى زيادة الضغط من أجل وقف إطلاق النار".

توتر مع واشنطن

واستمر هارئيل في القول: "التوتر مع الولايات المتحدة من شأنه أن يكون له تأثير ضار على الجبهة المتطورة بين إسرائيل وإيران. مع غضب الرئيس جو بايدن من نتنياهو، ما حجم الدعم الذي سيقدمه في ضوء تهديدات إيران بالانتقام من إسرائيل؟". مضيفًا: "في خطابه الذي ألقاه في العاشر من تشرين الأول/أكتوبر، أعطى الرئيس إسرائيل دعمه الكامل الذي لا لبس فيه، وحذر جميع الأطراف -وخاصة إيران وحزب الله- من التسبب في الانزلاق إلى حرب إقليمية"، مشيرًا إلى اغتيال محمد رضد زاهدي من قبل إسرائيل في دمشق.

ويربط ما سبق، مع تصاعد التصريحات الأمريكية عن الأسلحة المرسلة إلى إسرائيل. وذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" الخميس، أن بايدن يدرس جديًا وقف المساعدات الدفاعية خلال الحرب، بسبب غضبه من إسرائيل. وأوضح هارئيل: "مع ذلك فإن الأمريكيين يظهرون صبرًا نسبيًا، مقارنة بحدة الانتقادات الدولية لسلوك الجيش الإسرائيلي في غزة".

كما تناول هارئيل "التخوف من رد إيراني"، مشيرًا إلى زيادة نشاط الطيران الحربي واستدعاء جنود الاحتياط في الدفاع الجوي، وإلغاء إجازات نهاية الأسبوع في الجيش النظامي. بالإضافة إلى ذلك، أثرت الاضطرابات المتعمدة التي قام بها الجيش الإسرائيلي على نظام تحديد المواقع العالمي (GPS). 

وتابع هارئيل: "تأتي التهديدات الإيرانية، إضافة إلى المواجهة غير المحسومة مع حزب الله. ورغم القصف الكبير والاشتباك الواسع، إلا أن ذلك لم يسفر عن حل عسكري أو سياسي يسمح بعودة 60 ألف إسرائيلي إلى منازلهم. وبدون وقف إطلاق النار واتفاق التبادل في الجنوب، سيكون من الصعب إنهاء التوتر في الشمال. كما أن إطالة أمد الأزمة مع حزب الله من الممكن أن يؤدي إلى حرب واسعة النطاق، والتي سوف تشمل غزوًا بريًا إسرائيليًا في لبنان. هذا احتمال يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار، على الرغم من أنه ليس حتميًا على الإطلاق كما قد تقود بعض التصريحات العامة في إسرائيل إلى الاعتقاد".

وواصل الحديث عن جبهة لبنان، قائلًا: "أجرى لواء مشاة الاحتياط في كرملي، التابع للقيادة الشمالية، هذا الأسبوع مناورة في الجليل الغربي على أساس سيناريو يتضمن قتالًا بريًا في جنوب لبنان. ويجري الجيش الإسرائيلي مناورات كهذه، بأحجام مختلفة، كل عام". ويتابع والحديث لعاموس هارئيل: "منذ حرب لبنان عام 2006، قمت بزيارة عشرات التدريبات التي تحاكي الحرب مع حزب الله. وباستثناء عام 2007، العام بين نهاية الحرب وتدمير سلاح الجو للمفاعل النووي السوري، لم أشعر قط أنني أشهد مناورة قد تصبح حقيقة. ورفع القادة شعارات تؤيد العملية البرية، لكن جنود الاحتياط ظلوا متشككين".

وتابع في هذه النطقة، قائلًا: "لقد أبدت حكومات إسرائيل، فضلًا عن القيادة العليا للجيش، ميلًا واضحًا إلى عدم خوض المجازفات. في أغلب الأحيان، لم يعتقدوا أن المناورة البرية، كما هو معروف، يمكن أن تحقق النصر، وكان هناك خوف من وقوع خسائر كبيرة، وفوق كل شيء، كانت هناك شكوك حول قدرة ألوية الاحتياط. لقد غيرت الحرب في غزة كل ذلك. ورغم أن إسرائيل لم تنتصر، فقد تبددت المخاوف بشأن العملية البرية والشكوك بشأن قوات الاحتياط. في ظل قوة الظروف، وعلى خلفية التحول في الموقف تجاه القتال البري، فإن سيناريو الحرب الشاملة في لبنان لم يعد يبدو بلا أساس".

واستمر في القول: "في الوقت نفسه، هناك عوامل تقييدية أخرى. والسبب الرئيسي هو المعرفة الواضحة، في إسرائيل وحزب الله، بأن حربًا بهذا الحجم ستلحق دمارًا هائلًا في العمق المدني، وأن الترتيب الذي سيتم التوصل إليه في النهاية لن يكون بالضرورة مختلفًا عما تقترحه واشنطن حاليًا".