14-أكتوبر-2023
لقد حطم طوفان الأقصى هالة الجيش الذي لا يقهر (GEETY)

لقد حطم طوفان الأقصى هالة الجيش الذي لا يقهر (GEETY)

كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" أن مقاتلي النخبة القسامية كانوا يمتلكون خططًا تفصيلية، تبرز نقاط ضعف جيش الاحتلال، وأسرارًا عسكرية، وتمكنوا من الوصول لمركز استخباراتي سري في غلاف غزة، لا يُعرف موقعه إلا من العاملين فيه.

يلفت التقرير إلى أن إعادة بناء أحداث يوم السبت الماضي تطلبت من الصحفيين رونين بيرغمان وباتريك كينغسلي إجراء مقابلات مع أكثر من 20 من سكان مستوطنات غلاف غزة ممن شهدوا الهجوم، وجنود إسرائيليين، ومسؤولًا عسكريًا ومخابراتيًا، كما راجعوا وثائق عثر عليها لكيفية تخطيط كتائب القسام للعملية، بالإضافة للقطات فيديو لليوم الاول من هجمات طوفان الأقصى.

اقتحام مركز الاستخبارات الإسرائيلي

يكشف التقرير كيفية وصول مقاتلي النخبة القسامية إلى مركز للمخابرات الإسرائيلية، حيث كانوا يعرفون بالضبط كيفية العثور والدخول إليه.

فبعد عبورهم إلى مستوطنات غلاف غزة، اتجهوا شرقًا على متن خمس دراجات نارية، وعلى متن كل دراجة مسلحان اثنان، وبعد عشرة أميال، انحرفوا عن الطريق إلى منطقة في الغابات، ونزلوا أمام بوابة غير مأهولة تؤدي إلى قاعدة عسكرية. قاموا بتفجير البوابة بعبوة ناسفة صغيرة، ودخلوا القاعدة، وتوقفوا لالتقاط صورة شخصية جماعية. ثم أطلقوا النار على جندي إسرائيلي فأردوه قتيلًا.

يكشف صحيفة "نيويورك تايمز" عن كيفية وصول مقاتلي النخبة القسامية لمركز للمخابرات الإسرائيلية، حيث كانوا يعرفون بالضبط كيفية العثور عليه، ومن ثم الدخول إليه

للحظة، بدا المهاجمون غير متأكدين من المكان الذي سيتوجهون إليه، لكن أحد عناصر القسام أخرج من جيبه خريطة فيها رموز بالألوان للقاعدة.

دخلوا القاعدة، فوجدوا بابًا مفتوحًا لمبنى محصن. وبمجرد دخولهم عثروا على غرفة مليئة بأجهزة الكمبيوتر، مركز الاستخبارات العسكرية، تحت سرير في الغرفة وجدوا جنديين يحتميان وتم قتلهما بالرصاص.

تقول "نيويورك تايمز" أن بناء هذا التسلسل للعلمية جاء بعد مراجعتها للقطات فيديو لكاميرا مثبتة على رأس أحد المقاومين الذي استشهد لاحقًا. ومن ثم التحقق من الأحداث من خلال إجراء مقابلات مع مسؤولين إسرائيليين، والتحقق من فيديو إسرائيلي للهجوم أيضًا.

التغلب على أقوى جيش في المنطقة

تقدم العملية "تفاصيل مرعبة عن كيفية تمكن حركة حماس من مفاجأة أقوى جيش في الشرق الأوسط، والتغلب عليه يوم السبت الماضي"، بحسب ما تقول الصحيفة الأمريكية. حيث اقتحمت الحدود، وتوغلت لأكثر من 30 ميلًا مربعًا، وأسرت أكثر من 150 إسرائيليًا، وأسفر الهجوم عن مقتل أكثر من 1300 شخصًا في "اليوم الأكثر دموية لإسرائيل في تاريخها الممتد عبر 75 عامًا".

يعود الفضل في هذا الإنجاز إلى التخطيط الدقيق، والمعرفة غير العادية بأسرار "إسرائيل" ونقاط ضعفها من قبل حركة حماس، حيث تمكنت من اجتياح مستوطنات غلاف غزة بعد وقت قصير من الفجر، الأمر الذي صدم الشعب الإسرائيلي، الذي طالما اعتبرت تفوق جيشه هو "عقيدة إيمانية".

وباستخدام الطائرات بدون طيار، دمرت كتائب القسام، أبراج المراقبة والاتصالات الرئيسية على طول الحدود مع غزة، مما أدى إلى فرض تعتيم واسع على الجيش الإسرائيلي.

يقول مسؤولون إسرائيليون إن حماس استخدمت المتفجرات والجرارات، وقامت بفتح فجوات في الحواجز الحدودية، مما سمح لـ 200 مهاجم بالدخول في الموجة الأولى، و1800 آخرين في وقت لاحق من ذلك اليوم. وعلى متن دراجات نارية وشاحنات صغيرة، اجتاح المهاجمون مستوطنات غلاف غزة، واقتحموا ما لا يقل عن 8 قواعد عسكرية، وشنوا هجمات في أكثر من 15 مستوطنة وبلدة.

دراية تامة بالمهمة

أظهرت الوثائق التي بحوزة مقاتلي حماس، وعثر عليها في إحدى المستوطنات، أن المهاجمين تم تنظيمهم جيدًا في وحدات محددة، ذات أهداف وخطط لمعركة واضحة، بالإضافة لمقاطع الفيديو الخاصة بالهجوم، والمقابلات مع مسؤولي الأمن، تبيّن أن المجموعة كان لديها فهم متطور بشكل مدهش لكيفية عمل الجيش الإسرائيلي، وأين تتمركز وحدات معينة، وحتى الوقت الذي سيستغرقه وصول التعزيزات.

تشير الوثائق إلى أن لكل مجموعة هدف محدد، تم تكليف المهاجمين باقتحام المستوطنات من زوايا محددة. وكانت لديهم تقديرات لعدد القوات الإسرائيلية المتمركزة في المواقع القريبة، وعدد المركبات التي كانت تحت تصرفهم، والمدة التي ستستغرقها قوات النجدة الإسرائيلية للوصول إليهم.

وفي مكان آخر، تمركز مهاجمون آخرون على تقاطعات طرق رئيسية لنصب كمين لتعزيزات إسرائيلية، وفقًا لأربعة ضباط ومسؤولين كبار.

أسلحة لمقاومين مشاركين في عملية طوفان الأقصى

وكان لدى بعض الوحدات تعليمات محددة للقبض على إسرائيليين لاستخدامهم كورقة للتفاوض في عمليات تبادل أسرى مستقبلية مع "إسرائيل". وجاء في الوثيقة: خذوا الجنود والمستوطنين كسجناء ورهائن للتفاوض عليهم".

وبحسب إحدى الوثائق المؤرخة في تشرين الأول/ أكتوبر 2022، تشير إلى أنه تم التخطيط للهجوم منذ عام على الأقل.

لقد أدى هجوم حماس السريع، ودقته وحجمه إلى وضع الجيش الإسرائيلي في حالة من الفوضى، وتُرك المستوطنون لعدة ساعات بعد ذلك ليتدبروا أمرهم بأنفسهم.

تحطيم الهالة التي لا تقهر

يقول الجيش الإسرائيلي إنه بمجرد انتهاء الحرب، فإنه سيُحقق في كيفية تمكن حماس من اختراق دفاعاتها بهذه السهولة.

ولكن سواء كان الحيش الإسرائيلي مهملًا لأسراره، أو مخترقًا، فإن ما تم الكشف عنه قد أثار بالفعل قلق المسؤولين والمحللين الذين تساءلوا كيف يمكن للجيش الإسرائيلي، المشهور بجمع المعلومات الاستخبارية، أن يكشف عن غير قصد، الكثير من المعلومات حول عملياته الخاصة.

يقول التقرير، لقد حطم الهجوم "هالة إسرائيل التي لا تقهر"، وأثار ردة فعل إسرائيلية مضادة على غزة، أدت إلى مقتل أكثر من 1900 فلسطيني في أسبوعٍ واحدٍ، وهو هجوم غير مسبوق على غزة.

كما أدى ذلك إلى قلب الافتراضات القائلة بأن حركة حماس أصبحت تدريجيًا مهتمة بإدارة قطاع غزة أكثر من اهتمامها بشن هجمات كبيرة على "إسرائيل".

قال علي بركة، وهو أحد قادة حماس، في مقابلة تلفزيونية، يوم الاثنين، إن "حماس جعلت الإسرائيليين يعتقدون أنها منشغلة بحكم غزة"، وأضاف: "طوال الوقت، ومن تحت الطاولة، كانت حماس تستعد لهذا الهجوم الكبير".