19-ديسمبر-2022
عمل السحر

لتقاطع السحر وكرة القدم تاريخ قديم (NyTimes)

هل يكون السحر سرّ انتصار الأرجنتين بكأس العالم؟ ولا نقصد هنا السحر كقولك "ميسي ينثر سحره على أرض الملعب"، بل المقصود جيشٌ من الساحرات اللواتي دفعتهنّ غيرتهنّ على بلادهن إلى التكاتف معاً لتأدية "الواجب" وحماية لاعبي منتخب الأرجنتين، وبالأخص نجمه المحروس ليونيل ميسي؟ 

هل يكون السحر سرّ انتصار الأرجنتين بكأس العالم؟

نشرت صحيفة النيويورك تايمز تقريراً عن "ماجالي مارتينز"، التي تطلق على نفسها الساحرة والتي تعمل جليسة أطفال بدوامٍ جزئي، وجيشها من السحرة.

بدأت القصة عندما رأت مارتينيز ميسي في إحدى المباريات وهو يجرّ أقدامه على أرض الملعب، وشعرت أنه واقعٌ تحت تأثير "العين". أرادت مارتينيز أن تختبر نظريتها وصبّت تركيز "سحرها" على ميسي، وردّدت بعض التعاويذ مع صبّ شيءٍ من الزيت فوق الماء. وبحسب مارتينيز، التي قابلتها النيويورك تايمز، إن بقي الزيت متناثراً فوق سطح الماء، فميسي بخير، وإن تجمّع في المنتصف فهناك لعنةٌ حقيقية. وكانت المفاجأة: "انجذب الزيت إلى بعضه البعض وكأنه مغناطيس، وعرفت وقتها أنني لن أستطيع أن أشفيه من لعنته وحدي."

كتيبة الساحرات

ذهبت مارتينيز سريعاً إلى تويتر وأرسلت نداءً إلى زميلاتها الساحرات مغرّدةً بذعرٍ واضح: "يا أخواتي شافيات العين، ميسي تحت تأثير عينٍ قوية. أحتاج إلى مساعدتكنّ." وهبّ آلاف الناس إلى مشاركة تغريدتها، وتقدّم الكثير من الناس الذين قالوا أنهم هم أيضاً سحرة مستعدون للعمل على حماية فتى الأرجنتين الذهبي.

باقي القصة، كما يقول التقرير، أن الأرجنتين لم تخسر منذ ذلك اليوم.

هل كان السحر السرّ "الحقيقي" وراء فوز الأرجنتين؟ بكل الأحوال لم يكن السحر حاضراً في أذهان المحلّلين والمراهنين عشية نهائي مونديال قطر، وكان تركيزهم مقتصراً على الـ22 لاعباً على أرض الملعب.

المهمّ أن تقاطع السحر وكرة القدم قد تحوّل في موسم المونديال إلى ظاهرةٍ في الأرجنتين. وتقوم هؤلاء الساحرات أو الـ "بروخا"، كما يُعرفون في ثقافة أمريكا اللاتينية، بترديد التعاويذ وإشعال الشموع وتحويط القلادات وحرق الأعشاب لحماية منتخب بلادهم علّه يُدخل السعادة على قلب الأرجنتين التي آنّت مشتاقةً إلى لقبٍ عالمي غاب عنها 36 عاماً.

الساحرات في كأس العالم

تقول ساحرةٌ أخرى قابلتها صحيفة النيويورك تايمز واسمها روكيو كابريال مينا (27 عاماً) التي تعمل ساحرةً ومدرّسة ثانوية في روزاريو مسقط رأس ميسي: "نحن نرى أنفسنا عملاء يقومون، بدافع الحب، مهمتهم الاعتناء والحماية وزراعة الحب." وتقوم مينا في مراسم قبل كل مباراة قبل كل مباراة بحرق ورقة غار كتبت نتيجة المباراة التي تكهّنتها. وبحسب مينا، فهناك لاعبون يتنازلون على أرض الملعب، وهناك نزالٌ آخر خفي بين التعاويذ المردّدة: "السحرة يحمون اللاعبين."

اشتعلت هذه الظاهرة بعد الخسارة الصادمة للأرجنتين أمام نتخب السعودية في المباراة الافتتاحية، إذ فقد الأرجنتينيون الأمل وباتوا يبحثون عن أي شيءٍ يساعدون به منتخب بلادهم. بل وصل الأمر إلى قيام مجموعةٍ من الساحرات بإنشاء مجموعةٍ على الواتسآب لنتظيم الجهود نصرةً لمنتخب الأرجنتين، وأطلقوا على انفسهم "اتحاد الأرجنتين للساحرات".

ميسي

ومن المثير للاهتمام أن هؤلاء النسوة يمارسون السحر خفيةً، فمعظمهم يعملون بوظائف عادية كأنتونيلا سبادافورا (23 عاماً) التي تعمل في سوبرماركت شمال غرب الأرجنتين التي عبّرت عن دهشتها بانضمام أكثر من 300 شخص للغروب، ومع ازدياد الطلب في الأسابيع التي سبقت المباراة النهائية تمّ إنشاء حساب تويتر تجاوز عدد متابعوه 25 ألف متابع.

وهناك أيضاً أندريا مارسيل التي تعمل مصمّمة غرافيك، طبعاً بالإضافة إلى كونها "ساحرة"، والتي قالت أن الساحرات "سئمنّ من إخفاء حقيقتهن". وتساعد أندريا أيضاً في إدارة غروب الواتسآب.

تُضيف سبادفورا أنهنّ يركزنّ على امتصاص الطاقة السلبية واستبدالها بطاقةٍ إيجابية، ولكن لا يكون هذا دون ثمن، فهناك "الصداع والدوار والتقيّؤ والآلام العضلية" التي يُصاب بها الساحرات، ولا عجب في ذلك كما تقول سبادفورا، "فنحن نحكي عن شخصياتٍ شهيرة يُحيط بهنّ كمٌّ كبيرٌ من الطاقة السلبية."

لهذا السبب تعلّمت الساحرات، على حد تعبيرهن، تقسيم العمل بينهنّ قبل كل مباراة، وكل ساحرة مهمتها حماية لاعبٍ ما

الهجوم بدلاً من الدفاع

في المقابل، بدلاً من حماية ميسي ورفاقه، تقوم ساحراتٌ أخرى بمحاولة ضرب الخصوم ببعض اللعنات، ولو أنه ربما قد ينقلب السحر على الساحر، حرفياً، بحسب تحذيرات حساب تويتر اتحاد الساحرات.

ما السبب في ذلك يا ترى؟ السبب أن هناك كياناتٍ مظلمةً وطاقةً تحمي لاعبي فرنسا أيضاً، وخصوصاً مبابي، إذ تقول التغريدة: "لقد لمسنا أشياء سوداء في الفريق الفرنسي وخصوصاً مبابي. أرجوكم شاركوا!!!"

تتنوّع الطقوس التي تؤمن بها هذه الساحرات بين ما يُعرف بالـ"New Age" وبعض الممارسات القديمة المتوارثة من شعوب المنطقة الأصلية، ومنها السحر الأسود، والسحر الأبيض، والـ"Wicca"، والـ"Reiki"، والـ”Tarot”، والتنجيم، وشفاية الناس من "العين".

الساحرات في الأرجنتين

وهناك أيضاً جذورٌ غريبة لانتشار السحر في الأرجنتين، فصحيحٌ أن بعض النساء زعمن أنهن وُلدن بقدراتٍ خاصة، كان هناك آخرون قالوا أنهم درسوا وتعلّموا السحر، ولكن كان هناك من قلنّ أنهم بدأن بممارسة السحر مع انتشار الحركة النسوية في الأرجنتين عام 2018 مع اندلاع معركة قوانين الإجهاض.

لم تكن هذه المرة الوحيدة التي يتقاطع فيها السحر مع كرة القدم، بل وتحديداً كأس العالم ومنتخب فرنسا، إذ زعم ماثياس بوجبا، شقيق بول بوجبا النجم الفرنسي الذي غاب عن المونديال بداعي الإصابة، أن اللاعب قد لجأ إلى ساحرةٍ مغربيةٍ لمساعدته على التألّق في كأس العالم 2018، وفي نفس الوقت إلقاء تعويذةٍ على زميله مبابي.

التيمّن أو التطيّر بممارساتٍ وطقوسٍ معيّنة ترافق الأحداث الرياضية له جذورٌ قديمةٌ

وبكل الأحوال فإن التيمّن أو التطيّر بممارساتٍ وطقوسٍ معيّنة ترافق الأحداث الرياضية له جذورٌ قديمةٌ، ويتجلّى ذلك أحياناً في تكرار حوادث معيّنة وقعت يوم فاز فريقٌ ما بمباراةٍ ما في أيام المباريات القادمة.