29-مارس-2016

عرض حي

منذ سبعينيات القرن الماضي أخذ مفهوم الأداء بالتشكل كحالة فنية خاصة ومستقلة، بعيدًا عن الأصناف الفنية والأدبية الثابتة كالمسرح والسينما والسرد والشعر والموسيقى والتشكيل، حتى بلوغه مرحلة الانشطار إلى عدة تصنيفات شكلية وموضوعية، فيما يخص الشكل ظهر لدينا (الأداء الشعري، الأداء الموسيقي، الأداء التشكيلي، الأداء السردي)، وفيما يخص الموضوعي ظهر لدينا (الأداء الزنجي، أداء الشواذ، أداء الغابات، أداء المراحيض، أداء المترو، أداء المقابر).

يرفض فورنوني الحالة التعاطفية التي يبديها الكائن المكتمل إزاءه

نيقولا فورنوني مواليد 1990 بورشيا-إيطاليا دعا في سنة 2013 إلى نوع موضوعي جديد من الأداء وهو أداء المعوقين، متزامنًا مع تجارب كميل غوينيتري Kamil Guenatri في فرنسا. يعد نيقولا فورنوني معوقًا بدرجة متقدمة، أي أنه لا يستطيع مغادرة الكرسي المتحرك وطبيعة جسده توحي بالتقزز، والنفور، والخوف عندما يتعرى تحديدًا. 

يرفض نيقولا فورنوني الحالة التعاطفية التي يبديها الكائن المكتمل إزاءه، بحيث يكون شكله الخاص وحالة العوق التي تميزه ما هي سوى قيمة معرفية مختلفة عن المعرفة التي يقدمها، أو التي أنتجها الكائن المكتمل (السليم البنية)، أي أن أداء المعوقين هنا يعمل على تقديم سياق معرفي خاص ومختلف، كما يتضح في فيديوهات فورنوني القائمة على التقزز والذعر بدلًا من المألوفية والجمال، العودة إلى الغابة والتعامل مع الصفات الأصلية للجسد أي إعادة تعريف للخواص الجسدية وفق فهمه لها كمعوق، إدخال المتلقي في دوامة التوتر والتركيز بدلًا من منحه أي معنى أو تطهير.

وعليه نرى في أحد مشاهده يقوم بسحب دمه ودم أخته التي تقابله على ذات الطاولة ويبدآن بشرب الدماء، أو تقوم امرأة مكتملة تقابله على ذات الطاولة بغرز الإبر في جسده الذي لا يشعر بشيء، على العكس عندما يبدأ هو في غرز الإبر في جسدها التي تتحسس ما يفعله، وكذلك عندما يقومان بتكسير البيض على جسديهما المتعريين، ونتف الشعر وإعادة وضعه على الرأس، كل هذا يؤكد لنا عبره نيقولا فورنوني بأن أداء المعوقين له صفاته الخاصة وطقوسه الثقافية المستلة من حياة المعاق ذاتها.

اقرأ/ي أيضًا: 

مسرحية "الراحلة".. الألم بالجملة

"توك توك".. بعيدًا عن السينما النظيفة