08-أغسطس-2023
gettyimages

جزء من هذه الانتقاد جاء على خلفية تصاعد عنف المستوطنين في الضفة الغربية (Getty)

دعا السيناتور الأمريكي الديمقراطي كريس فان هولين، الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى إعادة النظر في المساعدات العسكرية المقدمة إلى إسرائيل في ظل الميول المتطرفة لحكومة بنيامين نتنياهو.

وجاء في تقرير أعدته صحيفة "الغارديان"، أن السيناتور الديمقراطي عن ولاية ميريلاند، والذي زار الضفة الغربية الشهر الماضي، طالب الرئيس الأمريكي أن ينخرط شخصيًا لمنع العنصريين في الحكومة الإسرائيلية من الاستيلاء على الأراضي في المناطق الفلسطينية المحتلة، وارتكاب انتهاكات خطيرة ضد الفلسطينيين، وهو ما يهدد  بتدمير مصداقية الولايات المتحدة.

تتصاعد الانتقادات الأمريكية للحكومة الإسرائيلية، التي وصفها جو بايدن بـ"الأكثر تطرفًا في تاريخ إسرائيل"

وأخبر فان هولين الصحيفة البريطانية، أن على الرئيس بايدن "إعادة تقييم الدعم العسكري الأمريكي الضخم لإسرائيل، ومنعها من استخدامه في عملياتها في الضفة الغربية لقمع الفلسطينيين، بما في ذلك تواطؤ الجيش الإسرائيلي مع عنف المستوطنين ضد المواطنين الفلسطينيين". 

وحذر السيناتور الديمقراطي من أن التقاعس في اتخاذ إجراءات قد يُنظر إليه من قبل وزراء اليمين المتطرف على أنه ضعف أمريكي، قائلًا: إن "على الرئيس بايدن أن ينخرط شخصيًا في معالجة القضايا، ويجب أن نكون واضحين، مثلًا الدعم العسكري الأمريكي، يجب ألّا يدعم عنف المستوطنين، ويجب ألّا يستخدم لغرض توسيع المستوطنات أو حماية الذين يقيمون كتلًا استيطانية غير شرعية".

وأشار فان هولين وهو عضو في لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الشيوخ، إلى أن الإدارة  الأمريكية مطالبة بالنظر في اختراق إسرائيل لقانون ليهي، الذي يُجرّم تقديم مساعدات عسكرية أمريكيةـ إلى وحدات عسكرية أجنبية متورطة في انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان.

وتضاف دعوة السيناتور الديمقراطي، إلى الدعوات المتزايدة للإدارة الأمريكية بوضع شروط لتقديم المساعدات العسكرية الأمريكية لإسرائيل، والمقدرة بـ 3.8 مليار دولار سنويًا، لمنع استخدام الأسلحة الأمريكية ومعدات أخرى، لتوسيع إحتلال  أراضٍ من الضفة الغربية، عبر بناء المستوطنات، وطرد سكانها الفلسطينيين بالقوة، بالإضافة لتقويض السياسة الأمريكية في حل الدولتين. 

بودكاست مسموعة

وتشير "الغارديان" إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو طالما عبر عن رفضه لحل الدولتين وإقامة دولة الفلسطينية، بل منح المتطرفين في حكومته الائتلافية، مثل وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير،  زعيم حزب القوة اليهودية، ووزير المالية وزعيم حزب الصهيونية الدينية بتسلئيل سموتريتش، سلطة واسعة  لإدارة الأراضي المحتلة في الضفة الغربية..

من جهتها، قالت جماعات السلام الإسرائيلية إن التحرك من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي هو ضم فعلي، لأن الحكومة الإسرائيلية وضعت وزراء متطرفين للسيطرة المباشرة على مناطق في الضفة الغربية.

وقال فان هولين إنه شاهد النتيجة عن سرقة الأراضي أثناء زيارته، وأضاف "عندما ترى بعينك فإن هذا يؤكد خطورة الوضع الآن مع حكومة نتنياهو المتطرفة، والتي تضم عنصريين مثل بن غفير وسموتريتش"، وتابع "يظهر بوضوح أن الحكومة الإسرائيلية مصممة على السيطرة الكاملة على الضفة الغربية".

وعبر السيناتور الديمقراطي عن قلقه الشديد بشأن عنف المستوطنين، وغض قوات الاحتلال نظرها، بل أحيانًا تتعاون  مع المستوطنين في الهجمات التي تنفذ على القرى والبلدات الفلسطينية.

وتحدث فان هولين عن أنه كان "داعمًا بثبات للدعم العسكري الأمريكي لإسرائيل"،  وأكد على اعتقاده بأنه "حان الوقت للنظر في الدعم الأمني الأمريكي، وكيفية استخدامه".

المطالبة بالذهاب بعيدًا

يرى فان هولين  أن على الرئيس الأمريكي الذهاب بعيدًا، فهو يخشى، أن  التقاعس في اتخاذ  إجراءات ينظر إليه "كمسهل لسياسات إسرائيل وعلامة ضعف"، لا سيما في ظل رفض الدعم الأمريكي، بعدما وصف بايدن الحكومة الإسرائيلية بأنها "الأكثر تطرفًا في تاريخ البلد"، وكتب بن غفير  تغريدة في  حسابه على تويتر، قائلًا: "يجب أن يفهم بايدن بأننا لم نعد نجمة في علم الولايات المتحدة"، إلا أن النقاد قالوا إن بن غفير لن يتردد في قبول الدعم الأمريكي.

وشدد السيناتور الديمقراطي على أن "الرئيس بايدن يحتاج لموقف قوي، وإلا دمر سمعة الولايات المتحدة"، وأشار فان هولين إلى أن "بن غفير وهو يعبث بأنفه ساخرًا من الولايات المتحدة، وهو يتحدث عن أنهم يفعلون ما يريدون، مهما كان موقف الولايات المتحدة"، لذا ففي اعتقاد فان هولين أن "غياب مطالب فيها محاسبة من الولايات المتحدة فإننا نقوض سمعتنا".

وأضاف "يجب علينا أن نقف من أجل مبادئنا والتي تعلم سياسة الولايات المتحدة، وهي قيم الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان وحكم القانون، ولو لم نقف من أجل هذه السياسات، حتى لو كنا نتعامل مع دول صديقة مثل إسرائيل، فإننا نقوض مصداقيتنا حول العالم"، على حدّ قوله.

وعلى الرغم من أن التركيز  الدولي على بن غفير وسموتريتش، إلا أن السيناتور الديمقراطي يعتقد أن "كل الحكومة الإسرائيلية بحاجة لأن تحاسب، لأنه من الواضح أن بقية أعضاء الائتلاف إما متواطئون مع أفعال المتطرفين من خلال الدعم النشيط، أو غير مبالين".

وأضاف "كل هذا يحدث في ظل هذه الحكومة التي هي بحاجة لأن تكون مسؤولة عن أفعالهم، ولو عبر رفض تصرفاتهم كحد أدنى"، وتابع "الرئيس يواصل القول إنه يدعم حل الدولتين بإجراءات متساوية من الكرامة والحرية للشعبين، ولكن ما يحدث على الأرض  يقوض الرؤية التي حددها  بايدن بنفسه، وهذه هي لحظة إعادة فحص السياسة الأمريكية ووضع محددات للمضي قدمًا".

وعند سؤال "الغارديان" عن السبب الذي يمنع بايدن من اتخاذ موقف قوي، أثنى فان هولين على  تصريحاته المتعلقة بالتعديلات القضائية، التي جاءت عكس بعض سياسات ترامب، لكنه  لم يذهب بعيدًا.

getty

باعتقاد السيناتور الديمقراطي أن ما يحدث على الأرض يستدعي الانتباه الآن، ففي تشرين الثاني/نوفمبر دعا السفير الأمريكي السابق لدى إسرائيل دانيال كيرتز، والمبعوث الأمريكي السابق للسلام في الشرق الأوسط أرون ديفيد ميلر، لخطوة غير مسبوقة ومثيرة للجدل، وهي التوقف عن الدعم العسكري والدبلوماسي غير المشروط لإسرائيل، وقطع الإمدادات العسكرية عنها. 

وهناك دعوات من منظمة "جي ستريت" الموالية لإسرائيل، على "التأكد من عدم استخدام المساعدات الأمريكية لتعزيز الاحتلال".

كما تظهر استطلاعات الرأي أن غالبية اليهود الأمريكيين يؤيدون "الشروط الخاصة بالمساعدة الأمريكية لإسرائيل"، لضمان عدم إنفاقها على توسيع المستوطنات في الضفة الغربية.

ضغط الدوائر الداعمة لإسرائيل

لكن في المقابل، من المرجح أن تُقابل أي خطوة لشرط أو حجب المساعدة العسكرية بردود غاضب من الجماعات المتشددة المؤيدة "لإسرائيل"، مثل لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية (Aipac)، وأعضاء الكونغرس المرتبطين بشكل وثيق مع "إسرائيل".

وأشارت الصحيفة البريطانية، إلى أن السيناتور فان هيل اختار لغته بحذر، فهو على دراية بردات الفعل ضد رئيسة مجموعة التقدميين الديمقراطية براميلا جايابال عندما وصفت إسرائيل بالعنصرية ثم تراجعت، فقد أصدرت بيانًا توضح فيه أنها تقصد أن الحكومة الإسرائيلية انخرطت في سياسة عنصرية صريحة.

ووصف فان هولين، بن غفير وسموتريتش بالعنصريين، وفي رده على سؤال "هل يوافق على أن سياساتهما عنصرية؟" أجاب السيناتور الديمقراطي: "بالتأكيد فإن الأفعال التي قام بها سموتريتش هي انتهاك صارخ لحقوق الفلسطينيين، وهو يحاول توسيع الإدارة المدنية  للضم الفعلي، وهي خطوة  للضم، ودعا لمحو قرية حوارة الفلسطينية، وكذلك بن غفير الذي  يشارك في مسيرات أشخاص يهتفون الموت للعرب، بالإضافة لصعود في النشاطات المعادية للمسيحيين، ومن الواضح أن لديك متطرفين قوميين يخرقون حقوق الفلسطينيين".

بالإضافة لذلك، هناك موضوع الموازاة بين إسرائيل ودولة التمييز العنصري، حيث قالت رئيسة أيرلندا السابقة ماري روبنسون، والأمين العام السابق للأمم المتحدة بان كي مون، الأعضاء في لجنة الحكماء التي أسسها نيلسون مانديلا عام 2007، إن "هناك أدلة متزايدة على أن الوضع في الأراضي المحتلة يصل للتعريف الدولي للأبارتهايد، وذلك بعد زيارة للضفة الغربية"، وأضافا: "سياسات الحكومة الإسرائيلية تظهر بوضوح نية الضم الدائم بدلًا من الاحتلال المؤقت وبناء على التفوق اليهودي".

وبحسب "الغارديان"، كان فان هولين حذرًا في توصيف الوضع قائلًا: "لا أصف ما يجري في الضفة الغربية حتى الآن بالأبارتهايد كما تعرف، وهناك نقاش بشأن تعريف ما يجري هنا، ولكن من الواضح أنه عندما يكون لديك بن غفير وسموتريتش يقودان المسيرة، فهناك خطر حقيقي للطريق الذي تسير فيه إسرائيل بالضفة الغربية".

وفد أمريكي يقابل نتنياهو

أعرب وفد من أعضاء الكونجرس الديمقراطيين، الذين زاروا إسرائيل هذا الأسبوع، برعاية مجموعة الضغط إيباك، عن مخاوفهم من عنف المستوطنين ضد الفلسطينيين، وذلك خلال اجتماع يوم الإثنين مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.

وجاءت أسئلة النواب حول هذه القضية، بعد ثلاثة أيام من استشهاد فلسطيني بالرصاص مستوطن إسرائيلي بالقرب من قرية برقة في الضفة الغربية. 

ووصفت وزارة الخارجية الأمريكية الحادث بأنه "هجوم إرهابي". لكن وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير، عضو الائتلاف الحاكم بزعامة نتنياهو، قال إن "مطلق النار يستحق جائزة على أفعاله".

وقال زعيم الديمقراطيين في مجلس النواب حكيم جيفريز، الذي يقود الرحلة، إن قضية عنف المستوطنين، إلى جانب الحالة في الضفة الغربية، أثيرت في الاجتماع مع نتنياهو في سياق كيف يمكن أن "تعقد الجهود من أجل تحقيق السلام في المنطقة"، وقدم جيفريز القليل من التفاصيل حول الموضوع.

وأضاف الديمقراطي جيفريز: "نتنياهو أوضح لنا أنه لا يتغاضى عن العنف، بغض النظر عن مصدره".

ونشر مكتب نتنياهو قراءة للاجتماع تضمنت مناقشاته حول السلام مع السعودية والابتكار التكنولوجي الإسرائيلي، لكنه حذف قضية عنف المستوطنين وكذلك مناقشة التعديلات القضائية.

ووصل الوفد، المكون من جيفريز و25 من أعضاء مجلس النواب الديمقراطيين الآخرين، إلى إسرائيل يوم الأحد وعقدوا اجتماعهم في اليوم التالي مع نتنياهو.

جاء الوفد إلى الاجتماع، وفقًا لجيفريز: "باهتمام كبير بالوصول إلى مكان يمكننا فيه المضي قدمًا نحو مسار قابل للتطبيق لحل الدولتين، مع الاعتراف بأننا لسنا في هذا المكان الآن... وفي الحفاظ على الأمل في سلام دائم مع الإسرائيليين والفلسطينيين الذين يعيشون جنبًا إلى جنب في دولتين- دولة إسرائيلية آمنة، ودولة فلسطينية منزوعة السلاح"، وفق تعبيره.

وقال جيفريز إن الوفد أثار قضية التعديلات القضائية، ونقل قول نتنياهو الذي كان "واضحًا في رأيه أن إسرائيل لن تبتعد عن تأسيسها كديمقراطية ليبرالية"، على حدّ تعبير جيفريز.

وجاءت الرحلة في ظل تزايد جرأة عدد متزايد من الديمقراطيين المرتبطين بشكل وثيق بمركز الحزب وجناحه التقدمي في انتقاد التعديلات القضائية.

وأشار جيفريز إلى إمكانية تجديد الاتفاق النووي الإيراني، قائلًا: إنه لم ير "أي مؤشر" من إدارة بايدن بأنه يتم اتخاذ أي خطوات لتكثيف الجهود للتوصل إلى اتفاق مع إيران في هذا الوقت".

زكي وزكية الصناعي

ودانت وزارة الخارجية الأمريكية استشهاد الشاب قصي معطان، على يد مستوطن إسرائيلي يوم السبت، ووصفت الهجوم بأنه "هجوم إرهابي نفذه مستوطنون إسرائيليون متطرفون".

وحثت وزارة الخارجية الأمريكية في البيان على "المساءلة والعدالة الكاملة".

نقد أمريكي لإسرائيل

واستعرضت صحيفة هآرتس، مجموعة من المواقف الأمريكية سواء من مسؤولين سابقين وكتاب، تحدثوا عن ضرورة مراجعة العلاقة مع إسرائيل، مع ظهور بعض المواقف التي تطالب بضرورة إنهاء المساعدات العسكرية لإسرائيل.

وقالت هآرتس: "تفقد هذه القضية مكانتها المحظورة في وسائل الإعلام الأمريكية، ويعترف كبار المسؤولين الإسرائيليين بأن معدل التغيير قد فاجأهم".

بحسب تقرير هآرتس: "على المدى القريب، لا يُتوقع أن تؤثر هذه الأصوات على حجم المساعدة المقدمة لإسرائيل حتى عام 2026"

وبحسب تقرير هآرتس: "على المدى القريب، لا يُتوقع أن تؤثر هذه الأصوات على حجم المساعدة المقدمة لإسرائيل حتى عام 2026. إن احتمالات قيام إدارة بايدن بقطع هذه المساعدة قبل 18 شهرًا من الانتخابات التي يريد بايدن خوضها هي ضئيلة للغاية. قال بايدن في عدة مناسبات إنه يعارض ذلك، حيث أعربت وزارة الخارجية عن موقف مماثل قبل أسبوع ونصف. القلق الرئيسي في إسرائيل يتعلق بالمستقبل، في المقام الأول فيما يتعلق بالمحادثات المتوقع إجراؤها في عام 2026".

وأضافت الصحيفة الإسرائيلية: "التوتر الاجتماعي والسياسي في إسرائيل في الأشهر الأخيرة، على خلفية التعديلات القضائية، أصبح جزءًا من الجدل الداخلي في واشنطن. وقال مسؤول إسرائيلي لهآرتس، إن أعضاء الكونجرس الأمريكيين الذين زاروا إسرائيل وتم إطلاعهم على ميزانية الدولة في أيار/ مايو الماضي أدرجوا في أسئلتهم الأولويات التي حددتها الحكومة فيما يتعلق بالمساعدات القادمة من واشنطن. كان الأمر مهذبًا للغاية، لكن الرسالة كانت واضحة. نرسل الأموال من أجل تمويل الأمن، ثم نجد تل أبيب تستثمر المليارات في قضايا تتعارض مع قيمنا، وأضاف المسؤول الإسرائيلي: سيكون من الصعب تجنب هذا النقد لفترة طويلة".