08-يونيو-2017

هزار بكباشي/ سوريا

هبطتَ من اسْتعاراتِ الطّيرِ
من فرارٍ مُمْعِنٍ في الرّيشِ
من فطامٍ في الريحِ
يكفيكَ
من الأفقِ ثقوبُ الآجُرِّ
يكفيكَ من الألقِ 
أنْ تظلَّ غيمةً من الغبارِ
تطارِدُها الأحذية
من رصيفٍ إلى رصيف
واثقًا من شغبكَ الصّباحي
من صليلِ الأجراسِ
واثقًا ترمي بنفسكَ نردًا
في مهبِّ أقدارِنا 
الفصولُ دكانُكَ المفتوح دومًا للمعاشِ
*
 
حرِيٌّ بكَ أيها الدُّوري 
أن تحتلَّ أعشاش السنونو المسافرِ 
عبرَ البحارِ طابعًا بريديًا أكيدًا
حرِيٌّ بكَ أنْ تحزمَ أمتعةَ الصيفِ
مُمْتَطِيًا صخبكَ إلى القرى المجاورة
خلف عرباتِ القمحِ المسرُوقِ من الثقوبِ
حرِيٌّ أن تَسْتَمْسِكَ على غصنِ داليةٍ هزّاز 
بعيونٍ ثمِلَة تجتهدُ في حصْرِ الصُوَّرِ
متقافزةً من الإطارِ المُرتبكِ في خيالِ العنبِ
*
 
ها قدْ أطبقتِ الحربُ بقبْضتِها
على طيرانِكَ السكّري
لكنّكَ جسارةَ الجناحِ الطائرِ
ضاحكًا في الفِخاخِ
من قنّاصةٍ يلمعون بأكمامهم
بلّورًا غائمَ التّصْويبِ
مؤخِّرًا هطولَ الرصاصِ الجائع
بإصبعٍ واحدٍ من نجاةِ الضّحية
في تشْوِيشِكَ على البثِّ الحي للدّمِ
*
 
الأطفالُ الذين يتكاثرونَ شواهدَ   
على قارعةِ الحربِ الأكذوبة 
بشقاوةٍ مُحَرِّضَةٍ تهَشُّ
لهُطولِ الرّصاصِ الاعْتِيادي
في الغرف المنبطحةِ بنُزَلائِها
يهلِّلونَ فرحًا
بِصَحْوِ الدوري المشمسِ على الفورِ
حتّى يسعَ الأناملَ الصغيرة
اسْتِجْماعَ ذاكرةِ
رشاشاتٍ أصيبتْ بالرُعاشِ
خراطيشَ رصاصٍ فاااارغة
في ارْتخاءِ القبضةِ الخائفة.
*
 
المدنُ الهائمة 
تفرُّ مذعورةً في زحامِ الجثثِ
في عربات كلابٍ ضالّة تعاف أنوفها
رائحةَ القَديدِ الآدمي الشنيعِ 
على أرصفةِ القتلِ العشْوائي  
اليد المقطوعةُ تستغيثُ
ملوِّحَةً من بينِ الأنقاضِ  
لاسْتِيقافِ 
حذاءٍ يواصلُ السيرَ قُدمًا
في ساقيْه المبتورين
متعجِّلًا تجميعَ قطع غِيّارِ
الجسدِ العنقودي
من جديد
في مشْتل الأشْلاءِ
بِتحوُّل حفّارِ القبورِ إلى بستانيّ
حارسٍ على سهرِ حدائقِ الموت
حيث تزهر الأيادي عبّادَ شمس
لا يكفُّ عن الدُوّارِ في أصصِ السهادِ
تتطاول الآذانُ شجراتِ صُبّارٍ
تَعْتلي مئذنةَ البكاء
تتفتّح جراحُ الرؤوسِ المضمّدة 
كرمبًا هلوعًا بالغَ التّلفيفِ
فيما تشتعلُ الأصابعُ بتُوَيْج 
من الدمعِ أبيضَ عند الأطراف 
ألهذا أيها الدُّوري المتهوّر
تخيط حقائب الوجع  ثقيلةً
تُدحرِجُها العجائزُ على الخيانة  
إلى سحابةِ الريش المرافقة
من مسالخ آكلي قلوبِ البشر
حتى تخومِ مخيّمِنا الشتوي
على حافةِ سمائِنا السورية الأخيرة
تاركا للصَبِيّة دميةً شهواء
تغمز بعيونها ساخرةً
من مجزرة
تستظلُّ في قيلولةِ الضجرِ القصيرة 
بأعضاء نسائنا التناسلية
ألهذا أيها الدوري المتهوّر
تهْمي مطارقَ على حبالِ التهجيرِ
كي تصفِّقَ الريح المفجوعة عاليًا
على القماشِ المشدودِ
طبولًا مُتقرّحةً 
في خيمةِ الشتاتِ الأولى
حيث تركع الشموع المريماتُ
في محراب عيونِ الطفولةِ مفزُوعةً 
من انعكاسِ القيامةِ على شُفوفِ اليتامى 
*
 
لا ليستِ الحربُ صيدليةَ المرضى
بل كِذبة الصيدلي العذبة
في إيهامِ سلمٍ يتهاوى 
في آخِرِ الطابورِ
بانتشارِ عدوى
أنفلونزا الربيعِ العربي
ربما نحتاجُ إلى تنظيفِ الهواءِ
من لُقاحِ الدمِ بالمبيدات
حتى تتعافى طبائعنا 
المتوجسةَ من رحيقِ الأزهارِ
من وعكةِ حساسيةٍ عالية الدُوَّار
آنَ خرجنا على عجلٍ للنزهة 
في عيد شمِّ نسيمِنا الأوّل
بلا بشارةٍ سوى فوضى صغارِكَ
المفقوسة للتوِّ في أجراسِ السنونو 
المعلقة على انتظارِ جدراننا
باستحالة
تَتَبُّعِ الطابع البريدي الأكيدِ
طريقه المعتاد إلى صندوقِ الربيع
*
 
هيّا أشعلْ نهاراتنا
نهاراتِ الغضبِ المعدني
شرارةً شرارة
مقامرًا مواقيتَ الدم بطيشكَ 
وبشغفِ إطفائيٍّ جسورٍ
أنشُرْ حرائقكَ العذبة 
قبل أن تُباشِر إخمادها
*
 
عِمِي مساء أيتها الحربُ الزانية
هل أعددتِ زينةَ السّهر
لامتهانٍ يطُول حتى الصباح  
البنادقُ التي بالغتْ في المديح
تعبٌ يستريحُ الآنَ على الأكتاف 
الأحذيةُ البطيئة خطىً رتيبة إلى الماخور
أهرقت ما يكفي من المروءة  
فهي في أمسِّ حاجةٍ إلى فسحةِ جنس
صغارُكَ التي نبتَتْ ذقونُ ذكورِها
تحت إحداثياتِ القصفِ فوضىَ أجراسِ 
تمعن في الاقترابِ من خَوَرِ السيقان
تمعن في التحرّش باستقالة الرشّاش
مؤقّتًا 
من دمٍ طريدٍ في توْكيدِ الضحية      
مُسْتَبيحةً الأرضَ الفضاءَ شبرًا شبرًا 
بِزَرَدٍ منثورٍ على بداهةِ الحماقة
بصخب أبواقٍ مرحةٍ تَسْتَحِثُّ الحياة
بأطفالها الملاعين على عبورِ
ممرٍّ فادحِ النحولِ بين الرصاصِ   
في اسْتِيلائِكَ أيّها الدّوري
حصريًّا على حقوق البثِّ المباشر
بخروج آخرِ حذاءٍ عسكريٍّ من المشهدِ.

 

اقرأ/ي أيضًا:

كنت أرتدي جسدي

لا تفكر