05-فبراير-2023
مقطع من لوحة لـ غيرهارد ريختر/ ألمانيا

مقطع من لوحة لـ غيرهارد ريختر/ ألمانيا

شكرًا لكلِّ الواقفين على محيط البئر ينتظرون منّي أن أقول لهم: سلمتُ

وما عرفتُ

فسامِحوني

واعذروني، لم تعنّي طاقتي

حاولت فوق تحمّلي

شكرًا لكلِّ جهودكم في سعيكم للأسفل

شكرًا لكلِّ المسعفين، المنقذين، الناقلين على الهواء ظروف أيام احتضاري واقفًا

شكرًا لكم آنستموني

لم أمت موتًا سخيفًا بين أفراد الحشود الشاهدين على خروجي/ الشاهدين على نجاتي/ الشاهدين على وفاتي ذاتهم

"شفشاون" قامت كلُّها لمّا سقطتُ ببطنها

زرقاءُ نادت: يا بشرْ!

إني أرى في البئر عُمرًا يُحتضرْ.

*

 

لا تعجبوا من لكنتي

فأنا أحاول أن أكلّمكم هنا بلسانكم

كلماتِكم

أنمو قليلًا في خطابي

كي أقارِب فكركم

أنتم كبرتم

بينما أنا لم أزل...

ونمت مدارككم

لذا لا تستطيعون التخيُّل أو ملامسة الذي عانيتُه في ليل جُبّي

فالسجين

أو الأسير

أو المحاصَر

كلُّهم بهناءةٍ

إن قستموهم بي أنا

وبحالتي.

*

 

لو تتركوني في غَيابة جُبِّ شفشاون العزيزة غافيًا

وخذوا قميصي

أو دعوه

فلن أعود إلى الحياة

ولن أعيد أبي جَسورًا

نحن في عصر الحداثة والحياة التكنولوجيا والجسور وناطحات الغيم

فوق منظَّمات حقوق إنسانٍ

وفوق تجمّعات الرفق بالحيوان

لكن ليس في مقدوركم أن تبلغوا أعماق جبٍّ بارتفاع عمارةٍ إلا بأربعةٍ مضت، وتزيد عمرًا كاملًا قضّيته في رَحْم جبّي ضمن يومٍ واحدٍ/ يومي الأخير

ونحن في عصر الحداثة والحياة التكنولوجيا

ذاك عصر الحبل ولّى.

*

 

آخر الكلمات كانت "طلّعوني"

قلتها مغموسةً بالضعف والخوف اللذين عليهما كنّا اجتمعنا خمسةَ الأيام

طيلتها بقيتُ أبثُّ في أرواحكم أملًا رحيمًا غاليًا

كم تخسرون وكم كسبتُ!

لو كنتُ متُّ

مذ أن سقطتُ

*

 

لو تقدرون على حماية كلِّ أطفال المخيَّم

والمخيَّم

والمخيِّم...

والمدارس

والشوارع

حينها من حقكم أن تعلِنوا: أنقذتموني

لا خيالَ بما أقول

وكلُّ ما في الجبّ ظلّ مردِّدًا أصدائي:

يا قادرين

ويا إلهي

أنقذوا أشباهي!

 

  • شباط/فبراير 2022