12-سبتمبر-2015

وقفة احتجاجية للطلبة الموريتانيين(ألترا صوت)

رغم محدودية المؤسسات الجامعية في موريتانيا، تؤثث المشهد الطلابي أكثر من 10 اتحادات طلابية، شاركت 9 منها في آخر انتخابات لتمثيل الطلاب في مجالس إدارة الجامعات والكليات. وتلعب هذه الاتحادات دورًا في حمل هموم الطالب والدفاع عن حقوقه ومكتسباته، كما تؤدي فروعها بالخارج أدوارًا ثقافية مختلفة إلى جانب دورها النقابي. إلا أن هذه النقابات تشكل، بحسب مراقبين، "أذرعًا" يستغلها الساسة في السلطة والمعارضة، على حد سواء، في صراعاتهم.

لكل نقابة طلابية تصنيفها السياسي

على غرار التصنيف السياسي للنقابات العمالية في موريتانيا، يصنف كل اتحاد طلابي ويحسب لفائدة حزب سياسي أو اتجاه أيديولوجي أو تيار قومي، رغم تأكيدات النفي الدائمة من الطلاب والساسة.

يحل الاتحاد الوطني لطلبة موريتانيا المحسوب على الإسلاميين (حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية) في صدارة النقابات الطلابية من حيث عدد الأقسام التابعة له في الجامعات والمعاهد العليا الوطنية وفروعه في الخارج وتمثيله في مجالس إدارة كليات الجامعات والمعاهد العليا.

ومن أبرز الاتحادات الطلابية أيضًا، الاتحاد العام للطلاب الموريتانيين المحسوب على حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم، والنقابة الوطنية للطلاب الموريتانيين المحسوبة على القوميين الزنوج، واتحاد الطلبة الوطنيين المحسوب على حزب تكتل القوى الديمقراطية الليبرالي، والاتحاد المستقل المحسوب على اتحاد قوى التقدم اليساري.

توجد في الساحة الطلابية الموريتانية أكثر من 10 اتحادات جامعية

وتتنافس الاتحادات الطلابية في انتخابات دورية لتمثيل الطلاب في مجالس إدارة الجامعات والكليات وفي المجالس العلمية والتربوية. وهي الانتخابات التي عرفت توقفًا منذ عام 2011 بفعل حالة الاحتقان في الساحة الطلابية والسياسية، قبل أن تنظم مجددًا خلال العام 2015 في كل من جامعة العلوم والتكنولوجيا والطب وجامعة نواكشوط.

كما تنظم هذه النقابات بانتظام انتخابات داخلية لاختيار مكاتبها التنفيذية ومكاتب أقسامها وفروعها في الداخل والخارج، وهو ما يتسبب من حين لآخر في حدوث انشقاقات وبروز اتحادات جديدة.

الجامعات ساحة صراع سياسي

تميزت الساحة الجامعية بموريتانيا بصراع سياسي واضح بين السلطة والمعارضة. ترعى السلطة بعض الاتحادات الطلابية بتوفير منابر الإعلام الرسمي لتغطية نشاطاتها، وكذلك تحاول تفكيك الاتحادات الأكثر إزعاجا وضرب بعضها ببعض. أما المعارضة، والتي تمتلك وزنًا نقابيًا أكبر وأقوى تأثيرًا في الطلاب، فقد استغلت تقدمها  في أكثر من مناسبة للضغط على النظام.

وقد شهدت الجامعات الموريتانية منتصف العام 2011 صدامات عرقية بين زنوج وعرب أصيب فيها العشرات وأدت إلى تعليق الدراسة بالجامعة مدة أيام. ورغم التنسيق بين الاتحادات الطلابية حول بعض المطالب فإن الفجوة ظلت تطبع علاقاتها، وهو ما يعزوه مسؤول الإعلام في اتحاد الطلبة الوطنيين عبد الناصر ولد بيب متحدثًا لـ"ألترا صوت" إلى أن "الانسجام بين النقابات الطلابية يكاد يكون غير موجود نظرًا إلى كون معظمها يخدم أجندة تيارات سياسية".

تشكل النقابات الطلابية الموريتانية "أذرعًا" يستغلها الساسة في السلطة والمعارضة في صراعاتهم

ويقول أحمد سالم ولد باب، صحفي متابع للقضايا الطلابية، إن "الأحزاب السياسية في موريتانيا تُحرك الجامعة وأنها كانت سببًا مباشرًا في أشهر الإضرابات والمظاهرات الطلابية التي أزعجت الأنظمة المتعاقبة". ويشير أحمد خلال حديثه لـ"ألترا صوت" إلى أن "السلطة تعتمد بدورها على نقابات طلابية تمرر من خلالها خطابها وتقف حجر عثرة أمام بقية النقابات".

مطالب وإنجازات الاتحادات الجامعية

تتشابه الاتحادات الطلابية في موريتانيا في برامجها الانتخابية، فلا فوارق ملموسة بين المطالب التي يتقدمون بها سنويًا. وتعتبر زيادة المنح وتعميمها، وتوفير حافلات لنقل الطلاب، وتحسين خدمات المطاعم الجامعية، وتوفير المصحات الطلابية، ومراجعة قوانين الانتخابات الجامعية في صدارة العرائض المطلبية لأغلب الاتحادات الطلابية والتي تقدم سنويًا للمؤسسات الجامعية أو إلى وزارة التعليم العالي والبحث العلمي.

ويؤكد الأمين العام للاتحاد الوطني لطلبة موريتانيا الحسن ولد بدو لـ"ألترا صوت": أن "العريضة المطلبية تعيش منذ سنوات رتابة وتكرارًا بسبب ما أسماه ضعف تجاوب إدارات الجامعات ووزارة التعليم العالي مع الاتحادات الطلابية".

وعن الدور النقابي لفروع الاتحادات الطلابية في الخارج، يقول الناشط في الاتحاد الطلابي بفرنسا محمد الأمين ولد الواقف، وهو قيادي سابق في الاتحاد الطلابي بالجزائر، لـ"ألترا صوت": إن "هذه الاتحادات قد حققت إنجازات مهمة لصالح الطلبة، ووقفت في وجه العديد من القرارات الجائرة في حقهم، وأجبرت السلطات المعنية على التراجع عنها". ويضيف: "ظلت الاتحادات في الخارج تحرص على لعب أدوار ثقافية منوعة لربط الصلة بين الطلاب وللتعريف بتراث الوطن وثقافته وعاداته".

ونجحت الاتحادات الطلابية، بصفة عامة، إلى حد كبير في فرض تأثيرها داخل الساحة الجامعية الموريتانية بفعل الالتفاف الكبير للطلاب حولها وأدائها في العمل التطوعي والخدماتي بالجامعة، ما ألزم الإدارات باللجوء إليها للمفاوضات في الكثير من الأحيان وتهدئة الغضب الطلابي في الأزمات.

كما سجلت السنتان الأخيرتان حالة انسجام بين الاتحادات الطلابية تجلت من خلال تشكيل "ائتلاف النقابات الطلابية"، الذي يضم 10 اتحادات، تشترك في مواقف موحدة من أغلب الأزمات التي مرت بها الساحة الطلابية مؤخرًا كإضرابات كلية الطب والاعتصامات في وزارة التعليم العالي بعد تراجع الوزير عن قرار توزيع منح العام الجديد.