إذا أُصبت بكسرٍ في عظامك أو شعرت بألم في رأسك فإن الطبيب سيوصي بإجراء فحصٍ داخلي باستخدام الأشعة السينية للكشف عن صحة الجسم وتحديد المشكلة، فهل فكرت من قبل بتلك التقنية؟ ومن هو مكتشف الأشعة السينية؟ تابع القراءة لمعرفة الإجابة عن ذلك.
الأشعة السينية
الأشعة السينية هي شكل من أشكال الإشعاع الكهرومغناطيسي بأطوال موجية أقصر من الأشعة فوق البنفسجية، ولكنها أطول من أشعة جاما، وتُوصف بأنها نشطة للغاية ويمكن أن تخترق مواد مختلفة، بما في ذلك الأنسجة البشرية، مما يجعلها مفيدة في التصوير الطبي، مثل التصوير الشعاعي للأشعة السينية والتصوير المقطعي المحوسب (الأشعة المقطعية).
ومن المهم ملاحظة أن التعرض المفرط للأشعة السينية يمكن أن يكون ضارًا، ومن المحتمل أن يسبب تلف الأنسجة ويزيد من خطر الإصابة بالسرطان، ولذلك، تُتخذ الاحتياطات اللازمة للحد من التعرض لها أثناء الإجراءات الطبية والتطبيقات الأخرى.
في عام 1901حصل رونتجن على أول جائزة نوبل في الفيزياء لاكتشافه الأشعة السينية
من هو مكتشف الأشعة السينية؟
اكتشف فيلهلم كونراد رونتجن الأشعة السينية عام 1895، وفيما يلي نتعرف على سيرة حياته الذاتية ونتتبع مساره العلمي في النقاط الآتية:
- ولد فيلهلم كونراد رونتجن في 27 مارس 1845 في لينيب - مقاطعة الراين في بروسيا (تُسمى الآن ريمشايد - ألمانيا)، وقد كان الابن الوحيد لتاجر أقمشة.
- التحق رونتجن بالمدارس التقنية في هولندا وسويسرا، حيث درس الهندسة الميكانيكية، وتابع لاحقًا دراسته في تخصص الفيزياء في المعهد الفيدرالي للفنون التطبيقية في زيورخ.
- عمل رونتجن بعد الانتهاء من تعليمه محاضرًا في جامعة ستراسبورغ، ثم أستاذًا للفيزياء في أكاديمية الزراعة في هوهنهايم، حتى أصبح فيما بعد أستاذًا للفيزياء في جامعة جيسن ثم في جامعة فورتسبورغ.
- في عام 1895 وأثناء إجراء تجارب على أشعة الكاثود (تيارات من الإلكترونات المنبعثة من الكاثود في أنبوب مفرغ)، اكتشف رونتجن بالصدفة شكلًا جديدًا من الإشعاع، ولاحظ أن شاشة الفلورسنت في مختبره توهجت على الرغم من أنها كانت محمية من أشعة الكاثود، حتى قادته المزيد من التجارب إلى اكتشاف أن هذه الأشعة يمكنها اختراق مواد مختلفة وإنتاج صور على لوحات فوتوغرافية.
- نشر رونتجن النتائج التي توصل إليها في ورقة بحثية بعنوان "نوع جديد من الأشعة" في ديسمبر 1895، وأطلق على الإشعاع المكتشف حديثًا اسم "الأشعة السينية" نظرًا لطبيعتها غير المعروفة، وقد أحدث اكتشافه ثورة في مجالات الفيزياء والطب وتكنولوجيا التصوير.
- في عام 1901حصل رونتجن على أول جائزة نوبل في الفيزياء لاكتشافه الأشعة السينية، وقد تبرع بالجائزة المالية لجامعته ورفض تسجيل براءة اختراع لاكتشافه، معتقدًا أنها يجب أن تكون متاحة مجانًا لصالح البشرية.
- واصل رونتجن أبحاثه في الفيزياء، مع التركيز على موضوعات مختلفة بما في ذلك خصائص الأشعة السينية وتطبيقاتها الطبية، كما أجرى دراسات على البلورات وأنماط حيودها.
- توفي فيلهلم كونراد رونتجن في 10 فبراير 1923 في ميونيخ -ألمانيا، عن عمر يناهز 77 عامًا، وقد ترك وراءه إرثًا من الأبحاث الرائدة التي ما يزال لها تأثير عميق على العلوم والطب حتى اليوم.
مراحل اكتشاف الأشعة السينية؟
لم يكن اكتشاف فيلهلم كونراد رونتجن للأشعة السينية سهلًا كما يبدو عليه الأمر، إذ كان حصيلة للعديد من التجارب والاختبارات، والتي سنوضحها فيما يلي:
- بدأ رونتجن تجاربه في عام 1895 من خلال دراسة أشعة الكاثود، وهي عبارة عن تيارات من الإلكترونات المنبعثة من الكاثود في أنبوب مفرغ.
- أثناء إجراء تجارب البحث العلمي على أشعة الكاثود في مختبره، لاحظ رونتجن أن شاشة الفلورسنت القريبة المطلية بمادة بلاتينوسيانيد الباريوم بدأت في التوهج على الرغم من أنها كانت محمية من أشعة الكاثود.
- أجرى رونتجن تجربة لتحديد سبب التألق، فقام بتغطية شاشة الفلورسنت بورق مقوى أسود ثقيل ووجد أن الشاشة ما تزال تبعث الضوء.
- قام رونتجن بمزيد من التحقيق في قوة اختراق هذه الأشعة الغامضة، ووجد أنها يمكن أن تمر عبر مواد أخرى ثقيلة مثل الورق والخشب وحتى الصفائح المعدنية الرقيقة.
- وضع رونتجن مواد مختلفة -بما في ذلك يده- بين مصدر الأشعة ولوحة التصوير الفوتوغرافي، فلاحظ أن الأشعة أنتجت ظلالًا مميزة للأشياء الموجودة على اللوحة.
- من أشهر تجارب رونتجن هي وضع يد زوجته بين مصدر الأشعة السينية ولوحة التصوير الفوتوغرافي، حيث أظهرت الصورة الناتجة عظام يدها، مع ظهور اللحم والأنسجة الرخوة الأخرى شفافة.
- أجرى رونتجن تجارب على مواد مختلفة لدراسة قدرتها على امتصاص الأشعة السينية أو حجبها، واكتشف أن المواد الكثيفة مثل الرصاص كانت فعالة في حجب الأشعة، في حين أن المواد الأقل كثافة تسمح لها بالمرور.
- نشر رونتجن النتائج التي توصل إليها في ورقة بحثية بعنوان "نوع جديد من الأشعة" في ديسمبر 1895، وأعلن اكتشاف الأشعة السينية للمجتمع العلمي والعالم، مما أثار اهتمامًا واسع النطاق ومزيدًا من الأبحاث التي ألهمت علماء آخرين.
تُستخدم تقنيات التصوير بالأشعة السينية في علم الآثار والحفاظ على الفن لدراسة وتحليل القطع الأثرية
تطبيقات هامة للأشعة السينية
للأشعة السينية العديد من التطبيقات الهامة والمفيدة في مختلف المجالات، وبعض من أهم التطبيقات العلمية للأشعة السينية تشمل:
-
التصوير الطبي
تستخدم الأشعة السينية على نطاق واسع في التصوير الطبي لأغراض التشخيص، حيث يسمح التصوير الشعاعي بالأشعة السينية لمتخصصي الرعاية الصحية بتصور الهياكل الداخلية للجسم، مثل العظام والأعضاء، مما يساعد في تشخيص الكسور والأورام والالتهابات وغيرها من الحالات.
-
تصوير الأسنان
تُستخدم الأشعة السينية بشكل شائع في طب الأسنان لتشخيص مشاكل الأسنان مثل التجاويف والالتهابات وتشوهات العظام، إذ تساعد الأشعة السينية للأسنان أطباء الأسنان على تصور الهياكل الموجودة أسفل خط اللثة وبين الأسنان.
-
أمن المطار
تُستخدم الماسحات الضوئية بالأشعة السينية في أمن المطار لفحص الأمتعة والممتلكات بحثًا عن المواد المحظورة والتهديدات الأمنية المحتملة، حيث يمكن لهذه الماسحات الضوئية اكتشاف الأشياء المخبأة داخل الأمتعة من خلال تحليل أنماط امتصاص الأشعة السينية التي تمر عبر المواد.
-
الاختبارات الصناعية
يتم استخدام تقنية الأشعة السينية في البيئات الصناعية لإجراء الاختبارات للمواد والمكونات، مثل التصوير الشعاعي والتصوير المقطعي المحوسب، للكشف عن العيوب والشقوق والتشوهات الهيكلية في الأجزاء المصنعة واللحامات وخطوط الأنابيب.
-
علم الآثار والحفاظ على الفن
تُستخدم تقنيات التصوير بالأشعة السينية في علم الآثار والحفاظ على الفن لدراسة وتحليل القطع الأثرية واللوحات والمنحوتات التاريخية، إذ يمكن للأشعة السينية أن تكشف عن الهياكل والنقوش والطبقات المخفية داخل القطع الأثرية دون التسبب في إتلافها.
-
الطب البيطري
يستخدم التصوير بالأشعة السينية بشكل شائع في الطب البيطري لتشخيص الإصابات والكسور والأمراض في الحيوانات، إذ تساعد الأشعة السينية البيطرية الأطباء البيطريين على تقييم صحة وحالة الحيوانات الأليفة والماشية والحياة البرية، مما يسهل العلاج والرعاية المناسبين.
-
البحث والدراسات العلمية
يعتبر علم البلورات بالأشعة السينية تقنية قوية تستخدم في البحث العلمي لدراسة التركيب الذري والجزيئي للمواد البلورية، ولهذه التقنية تطبيقات في الكيمياء والفيزياء والأحياء وعلوم المواد والأبحاث الصيدلانية، مما يساهم في التقدم في مختلف المجالات العلمية.
بشكل عام، تلعب الأشعة السينية دورًا حاسمًا في العديد من التطبيقات الهامة ومنها الطب والصناعة والأمن والبحث العلمي، حيث توفر رؤى علمية قيمة وتتيح المجال أمام العديد من التطورات التكنولوجية، ويعود الفضل في اكتشافها إلى العالم فيلهلم كونراد رونتجن.
