إن كل ما في الكون من حولنا من كائنات حية من النباتات والحيوانات والجنس البشري ما هي إلا وحداتٌ من البناء نسميها بالخلايا، ومفردها خلية، إذ تتكون أجسام تلك الكائنات من أعداد هائلة من الخلايا التي تعمل بالتنسيق مع بعضها البعض، فمن هو العالم الذي اكتشف الخلية؟ وما مكوناتها؟ كل ذلك وأكثر في هذا المقال.
تختلف الخلايا بشكل كبير عن بعضها من حيث الحجم والشكل والوظيفة
اكتشاف الخلية
تُعرف الخلية في علم الأحياء بأنها الوحدة الهيكلية والوظيفية والبيولوجية الأساسية لجميع الكائنات الحية المعروفة، وغالبًا ما يُشار إلى الخلايا على أنها "اللبنات الأساسية للحياة"، كما أنها أصغر وحدة في الحياة يمكنها التكاثر بشكل مستقل، مما يعني أنها تستطيع إعادة إنتاج نفسها بنفسها.
والخلايا محاطة بغشاء يفصل الجزء الداخلي للخلية عن بيئتها الخارجية، وتحتوي على العديد من المكونات التي يؤدي كلٌ منها وظيفةً معينة تضمن استمرار الخلية، ويمكن أن تختلف الخلايا بشكل كبير عن بعضها من حيث الحجم والشكل والوظيفة، وذلك اعتمادًا على أدوارها المتخصصة داخل الكائنات متعددة الخلايا.
ولقد قُسمت الخلية إلى فئتين رئيسيتين هما: الخلايا بدائية النواة التي تفتقر إلى نواة مميزة وعضيات مرتبطة بغشاء، والخلايا حقيقية النواة التي تحتوي على نواة وعضيات مرتبطة بغشاء. وتشمل أمثلة الخلايا بدائية النواة البكتيريا، في حين تشمل أمثلة الخلايا حقيقية النواة الخلايا النباتية والحيوانية.
بدأ روبرت هوك بالعمل على بحثٍ رائد في الفحص المجهري مستخدمًا المجهر وبعض الأدوات العلمية البدائية
العالم الذي اكتشف الخلية
يعود الفضل في اكتشاف الخلية إلى العالم الإنجليزي روبرت هوك، الذي قدم مساهمات كثيرة في مجالات مختلفة، وفيما يلي سنتناول المزيد من المعلومات عنه:
- وُلد روبرت هوك في إنجلترا في 18 تموز من عام 1635.
- اشتُهر باهتمامه بالعلوم في مختلف المجالات منذ بداية التحاقه في السِلك التعليمي، ومنها علم الأحياء والفيزياء والهندسة المعمارية.
- بدأ روبرت هوك بالعمل على بحثٍ رائد في الفحص المجهري مستخدمًا المجهر وبعض الأدوات العلمية البدائية، ليتوصل أخيرًا إلى اكتشاف الخلية في قطع الفلين الصغيرة.
- صاغ روبرت هوك مفهوم الخلية في كتابه الشهير "الميكروغرافيا" واصفًا إياها بالهياكل الصغيرة التي تشبه الصندوق أو الغرف الصغيرة في أديرة العبادة، ويُعتبر هذا الاكتشاف بمثابة حجر الأساس لعلم بيولوجيا الخلية.
- عمل هوك في دور فعال لتعزيز فهمنا للعالم المجهري، إلا أن من المهم أن نلاحظ أنه لم يكتشف الخلايا الحية أو التعقيد الكامل للبنية والوظيفة الخلوية، وإنما جاء اكتشاف الخلايا الحية وتطور نظرية الخلية لاحقًا على يد مجموعة من علماء الأحياء.
- توسع هؤلاء العلماء في ملاحظات هوك وقاموا بصياغة نظرية الخلية الحديثة، والتي تنص على أن جميع الكائنات الحية تتكون من خلايا، والخلايا هي الوحدة الأساسية للبنية والوظيفة في الكائنات الحية، وجميع الخلايا تأتي من خلايا موجودة مسبقًا.
- على الرغم من شهرة روبرت هوك في علم الأحياء إلا أن له مساهمات هامة في علوم أخرى منها؛ قياس قوة الجاذبية باستخدام حركة البندول، كما قدم النظرية الموجية للضوء، وقانون التربيع العكسي لحركة الكواكب وغيرها.
في عام 1939 أنتجت شركة سيمنز أول مجهر إلكتروني تجاري.
علماء ساهموا في اكتشاف الخلية
اعتُبر اكتشاف العالم روبرت هوك ثورة علمية مهمة في العلوم الطبيعية، وكان بمثابة بوابة لبقية العلماء لاكتشاف المزيد من النظريات عن الخلية، ومن هؤلاء العلماء نذكر:
- في عام 1595 يعود الفضل إلى العالم يانسن في اختراع أول مجهر مركب.
- في عام 1674 اكتشف العالم ليفينهوك الأوليات في الخلية حيث رأى البكتيريا بعد حوالي تسع سنوات.
- في عام 1833 وصف العالم براون نواة الخلية في الخلايا السحلبية.
- في عام 1838 اقترح العالمان شلايدن وشوان نظرية الخلية الحديثة.
- في عام 1840 أدرك العالم ألبرشت فون روليكر أن خلايا الحيوانات المنوية وخلايا البويضات هي أيضًا خلايا.
- في عام 1856 لاحظ العالم ن. برينغشيم كيف تخترق خلية منوية خلية بويضة ليحدث الإخصاب.
- في عام 1898 وصف العالم جولجي جهاز جولجي وهو أحد مكونات الخلية.
- في عام 1938 استخدم العالم بيرنس الطرد المركزي التفاضلي لفصل النوى عن السيتوبلازم.
- في عام 1939 أنتجت شركة سيمنز أول مجهر إلكتروني تجاري.
- في عام 1952 أنشأ العالم جاي وزملاؤه خطًا متواصلًا من الخلايا البشرية.
- في عام 1957 طور العلماء ميسلسون وستال وفينوغراد الطرد المركزي المتدرج الكثافة في محاليل كلوريد السيزيوم لفصل الأحماض النووية عن بعضها.
- في عام 2009 ظهر تسلسل الخلية الواحدة لأول مرة، مما سمح بإلقاء نظرة ثاقبة على النسخ في دقة الخلايا الفردية.
- في عام 2009 نُشرَ أول بحث باستخدام المواد العضوية المشتقة من الخلية الجذعية البالغة.
- في عام 2012 قام العالم كريسبر بدراسة الهندسة الجينية للخلية مطلقًا ما عُرف بهندسة الجينوم الدقيقة التي تستهدف الحمض النووي الريبي (RNA).
مكونات الخلية
أنتجت تلك البحوث المضنية للعلماء اكتشاف المكونات الأساسية للخلية، وفيما يلي سنتناول كلًا منها بشيء من التفصيل:
-
غشاء البلازما
غشاء الخلية (البلازما) هو حاجز شبه نافذ يحيط بالخلية، ويفصل داخلها عن البيئة الخارجية، وينظم مرور المواد داخل وخارج الخلية، ويحافظ على التوازن.
-
النواة
تحتوي النواة على المادة الوراثية للخلية DNA المنظمة في الكروموسومات، وهو بمثابة مركز التحكم في الخلية، حيث ينظم الصفات الجينية وتكرار الحمض النووي، كما أن النواة مسؤولة أيضًا عن تصنيع الحمض النووي الريبي RNA والريبوسومات.
-
السيتوبلازم
هو مادة تشبه الهلام تملأ الخلية وتحيط بالعضيات، ويوفر وسيلة للعمليات الخلوية ويدعم العضيات داخل الخلية.
-
الشبكة الإندوبلازمية
عبارة عن شبكة من الأغشية تمتد في جميع أنحاء السيتوبلازم، وتشارك في تصنيع البروتين والدهون وإزالة السموم وتخزين الكالسيوم الضروري لبناء الخلية.
-
الريبوسومات
هي الهياكل الخلوية المسؤولة عن صناعة البروتين ومن ثم ترجمة الحمض النووي الريبوزي إلى سلاسل متعددة الببتيد، والتي تتحول لاحقًا إلى بروتينات وظيفية.
-
جهاز جولجي
يقوم جهاز جولجي بمعالجة وفرز وتعبئة البروتينات والدهون المركبة في الشبكة الإندوبلازمية، وتعديل هذه الجزيئات وتوجيهها إلى وجهاتها النهائية داخل الخلية أو للإفراز خارج الخلية.
-
الميتوكوندريا
تسمى الميتوكوندريا غالبًا "محطات الطاقة" في الخلية لأنها تولد ATP (ثلاثي فوسفات الأدينوزين)، وهي عملة الطاقة الأساسية للخلية من خلال عملية التنفس الخلوي، ولديها الحمض النووي الخاص بها بحيث تتكاثر بشكل مستقل داخل الخلية.
-
الليزوزومات
هي عضيات مرتبطة بغشاء تحتوي على إنزيمات هضمية، فهي تقوم بتفكيك مواد النفايات والأجسام الضارة في الخلية مثل البكتيريا والحطام الخلوي، وتلعب دورًا حاسمًا في إعادة تدوير الخلايا والتخلص من النفايات.
-
الهيكل الخلوي
هو شبكة من خيوط البروتين كالأنابيب الدقيقة، والخيوط الدقيقة، والخيوط الوسيطة التي توفر الدعم الهيكلي للخلية، وتحافظ على شكلها، وتسهل حركة الخلية والنقل داخل الخلايا.
-
المريكزات
هي هياكل أسطوانية تتكون من الأنابيب الدقيقة، وتقع بالقرب من النواة، وتلعب دورًا في انقسام الخلايا عن طريق تنظيم ألياف المغزل أثناء الانقسام والانقسام الاختزالي.
يعود الفضل في اكتشاف الخلية إلى العالم الإنجليزي روبرت هوك الذي تمكن من رؤية أشكال صغيرة مربعة الشكل لقطع الفلين وأسماها بالخلية، مما اعتبر إنجازًا علميًا ضخمًا أسس للعديد من النظريات العلمية الهامة في علم الأحياء.
وتتألف الخلية من مكونات متعددة أبرزها النواة، والميتوكندريا، والغشاء الخلوي، والهيكل الخلوي، والرايبوسومات، والسيتوبلازم، والمريكزات، والشبكة الإندوبلازمية، وأجسام جولجي.
