19-أغسطس-2015

الدراجات النارية مسموحة في بقية المناطق اللبنانية (Getty)

صيدا لم تعد تتسع لكل هذه السيارات. سيارتان على الأقل لكل عائلة في هذه المدينة الصغيرة. مشوار بالعادة لا يفترض أن يستهلك أكثر من 5 دقائق، تجده يستنزف أكثر من نصف ساعة، الطرقات ضيقة وعدد السيارات كثير. لكن الأهم أن أحداً ليس لديه رؤيا للمستقبل. هذا مع العلم، بأنه ليس هناك من إجماع رسمي على وجود زحمة سير في صيدا. فبعض مصادر قوى الأمن الداخلي عزت هذه الزحمة المتفاقمة إلى "نفسية المواطن الذي سيأبى، وإن وجدت وسائل النقل العام، أن يستخدمها ويفضل كل فرد في كل أسرة أن يستخدم سيارته منفردًا". في حين نفت مصادر أخرى وجود زحمة سير من الأساس. الزحمة التي يشعر الصيداويون بها، على ما يبدو، وهمية.

الزحمة التي يشعر الصيداويون بها، على ما يبدو، وهمية

بغض النظر عن رأي قوى الأمن الداخلي، الزحمة موجودة ويعانيها المواطن كيفما اتجه. والحل؟ "موتور" صغير. لم لا؟! ما المشكلة في اقتناء موتو؟! ستنقص زحمة السير سيارات كثيرة، وستحل مشكلة إيجاد موقف بهذه البقعة اللبنانية الصغيرة. والأكيد أنّه أوفر لجهة الوقود والصيانة. لا تبدأو جولة الاستفسارعن موتو وكلفته، وشروط السير وما إلا ذلك. فالدراجة النارية ممنوعة في صيدا، أكبر مدن الجنوب اللبناني.

كان يا ما كان، في سالف العصر والأوان، مجموعة من القتلة المأجورين، الذين قتلوا 4 قضاة في قصر عدل صيدا منذ 15 سنة. وقد كان أولئك القتلة على دراجات نارية، وتمكّنوا من الفرار. مات القضاة، نكست الأعلام، دخلت المدينة في حالة "تروما". لكن سرعان ما عاد كل شيء إلى طبيعته إلّا الموتو؟ منذ ذلك الحين، صدر قرار عن مجلس الأمن المركزي ومحافظة لبنان الجنوبي، بمنع الدراجات النارية على أنواعها بسبب تلك الجريمة. وحتى الآن لم نفهم "اللينك". فمنع الدراجات النارية لأنه استخدم سابقًا لتنفيذ جريمة قتل، هو بمثابة منع استخدام السكين لأن أحدا ما استخدمها للقتل. للمناسبة، منعت الدراجات النارية، والأسلحة ما زالت متوافرة بكثرة.

قرار المنع لم يأتِ صدفة نتيجة حادثة واحدة بل هناك عدة جرائم مماثلة قبل جريمة قتل القضاة. قبل سنوات قُتل شرطيّ مرور على دوار الراهبات في صيدا. وكان القتلة، أيضًا، لسوء الحظ، على دراجات نارية وتمكنّوا من الفرار. وأتت جريمة قتل القضاة لتكون سببًا مباشرًا في القرار، قرار منع الدراجات النارية. واعتبرت مصادر في قوى الأمن الداخلي بأن هذا القرار هو من أكثر القرارات حكمة والمطلوب تعميمه على كافة المناطق. وأضاف المتابع قائلًا: "ليس غريبًا أن تكون نسبة الجريمة في صيدا والجنوب، عمومًا، قليلة جدًا مقارنةً بباقي المناطق اللبنانية"، واسترسل المصدر "لا تنسوا وجود المخيم، مخيم عين الحلوة، طبعا سنبدو عنصريين، لكنها الحقيقة.

من أهم أسباب منع الدراجات النارية في صيدا هو وجود المخيم. إذ، من السهل جدًا لأي كان أن يرتكب جريمته، سلب، نشل، قتل، الفرار دون أن تتمكن عناصر القوى الأمنية من اللحاق به. فكيف إذا كان هناك مأوىً لكافة المطلوبين بل وكراً اسمه مخيم عين الحلوة". والحقيقة، بأن وجود مخيم عين الحلوة هو السبب لمنع الدراجات النارية في صيدا هو رأي أجمعت عليه المصادر المختلفة في قوى الأمن الداخلي. وهو رأي، عنصري طبعًا، مهما حاول المصدر تلطيفه. فالدراجات النارية تصنع في اليابان، وتستخدم في نيكاراغوا، لكن الرجل لم ير إلا المخيّم.

 الدراجة النارية ممنوعة في صيدا، أكبر مدن الجنوب اللبناني

وحتى في حال صحّ ما يقولونه بحق المخيم، أي وجود مطلوبين للعدالة بداخله، فما ذنب المخيم وأهله إذا ما كانت مداخله الأربعة مسيّجة بحواجز عسكرية ومع هذا و"بسحر ساحر" ينجح مطلوبون ومجرمون فارّون بالتسلّل إليه. علامات استفهام طرحناها، وكانت "واجبة ومحقة" بحسب المصادر المطّلعة، في قوى الأمن الداخلي التي فضلت عدم كشف هويتها. وإضافة إلى المشاكل العديدة التي يعاني منها المواطن الفلسطيني، فيجب العودة إلى الموضوع الرئيسي لهذا المقال، أي الموتو.

غالبية المدن اللبنانية تعاني من زحمة السير، نعم، صحيح. ولكنها ليست مسألة "إقليمية". في جميع المدن اللبنانية مسموح للمواطن/المواطنة باقتناء دراجة نارية والخلاص من هذه "العجقة" الضاغطة على الأعصاب. المنع ليس حلّا مثاليًّا بالطبع والموضوع ليس بهذه البساطة. سؤال آخر محق "إن كان المنع ضدّ القتل، فهل القتل مسموح في العاصمة بيروت، وفي بقية المناطق اللبنانية؟" الجواب لبناني. أي أنه، لا جواب!