28-فبراير-2022

الروائية والصحافية يارا وهبي

ألترا صوت – فريق التحرير

يخصّص "ألترا صوت" هذه المساحة الأسبوعيّة، كلَّ إثنين، للعلاقة الشخصية مع الكتب والقراءة، لكونها تمضي بصاحبها إلى تشكيل تاريخٍ سريّ وسيرة رديفة، توازي في تأثيرها تجارب الحياة أو تتفوّق عليها. كتّاب وصحافيون وفنّانون يتناوبون في الحديث عن عالمٍ شديد الحميميّة، أبجديتُهُ الورق، ولغته الخيال.


يارا وهبي روائية وصحافية ورسامة من سوريا. مقيمة في ألمانيا. عملت مراسلة للعديد من الصحف العربية. صدر لها مؤخرًا قصة للأطفال بعنوان "من أين أتيت إلى هنا؟"، ورواية "وشمس أطلت على ديارنا الغريبة". معرضها الأخير في مدينة فايمر الألمانية حمل عنوان "رؤية جديدة للشرق".


  • ما الذي جاء بكِ إلى عالم الكتب؟

في البداية أمي، فعلى عكس عادة الأمهات في بلادنا، كانت أمي يعنيها أن أجلس في غرفتي وأقرأ أكثر مما يعنيها أن تعلمني وصفة لطبخة ما، حتى عندما كنت أصر على مساعدتها في الواجبات المنزلية كانت تنهرني بالقول "اذهبي إلى غرفتك وامسكي بكتاب".

وحين أنهيت وأنا صغيرة كتاب شارع السردين المعلب شعرت بفرحة أمي بهذا الفعل، وتركز في ضميري قراءة كتاب تأتي برضى الأم، وهذا ما دفعني إلى أن أكتب اسمها على روايتي الأولى مرفقًا باسمي.

أمضيت فترة المراهقة برفقة الكتب والذهاب إلى المرسم للرسم. هذان الفعلان كانا كافيان لمراهقة مثلي للهروب من الواقع ولخلق العزلة، وفيما بعد ملأ أخي رافي حياتنا بالحديث عن المسرح والمسرحيات، فلم يكن من الممكن أن تندمج معه بحديث ما دون أن تكون قارئًا، فعندما أغرم هو بماركيز أغرمت به كذلك، وعندما قرأ قصر المطر قرأتها أيضًا، وعندما أدى دور هاملت قرأت مسرحيات شكسبير. بعد التخرج من كلية الصحافة عملت في مكتب جريدة الخبر، ورغم أن الجريدة اقتصادية إلا أن رئيس التحرير يعرب العيسى ومدير التحرير سليمان عز الدين أرادا تقارير صحفية عن الاقتصاد وعن الشارع السوري بلغة الأدب، فكان جو الجريدة جوًا مليئًا بالنقاشات حول الأدب والكتب.

في ألمانيا لم يكن لي رفيق خلال السنوات العشرة الماضية إلا الكتاب، ولم تكن القراءة في ألمانيا خيارًا أو رفاهية، إنما كانت فعلًا أساسيًا لمحاربة الشعور بالوحدة والغربة، كما كانت أيضًا في سوريا سلاحًا ضد الضجر والملل والشعور أحيانًا بالعجز.

  • ما هو الكتاب، أو الكتب، الأكثر تأثيرًا في حياتكِ؟

هناك العديد من الكتب التي أعجتني وحفرت مكانًا في ذاكرتي لا ينسى، منها العمى للكاتب البرتغالي جوزيه ساراماغو، أمريكا للكاتب اللبناني ربيع جابر، رحلة بالداسار للكاتب اللبناني أمين معلوف، ثلاثية غرناطة للكاتبة المصرية رضوى عاشور، آنا كارنينا للكاتب العظيم ليو تولستوي، كافكا على الشاطئ للكاتب الياباني هاروني موراكامي.

  • من هو كاتبكِ المفضل، ولماذا أصبح كذلك؟

أمين معلوف، أخذ حيزًا كبيرًا لدي لأنه يكتب التاريخ بطريقة روائية وأنا أحب التاريخ وأحب قراءة كتب التاريخ. ديستوفسكي فهو كاتب لكل زمن، كل كتبه تحيي معاني الأخلاق والخير والشر والحب، وهي موسوعة في علم النفس وصالحة لأي وقت.

  • هل تكتبين ملاحظات أو ملخصات لما تقرئينه عادة؟

عندما أقرأ رواية لا أشغل نفسي إلا بعملية القراءة والخيال، فتتحول الرواية في رأسي إلى فيلم سينمائي.. أخوص في التفاصيل الصغيرة، ففي بعض الأحيان إذا كانت الرواية مترجمة عن لغة أخرى كاللغة اليابانية، أحاول سماع صوت اللغة نفسها، وهذه عملية ليست سهلة، فلا وقت لي لأسجل ملاحظة ما أو ملخصًا فيما يخص الرواية، فأنا أدخلها بكل جوارحي وعندما أنتهي منها أبقى وقتًا لأستطيع الخروج منها كليةً. أما حين أقرأ كتابًا باللغة الألمانية أحاول دومًا أن أضع خطوطًا تحت الجمل المميزة، أو أن اكتب ملخصًا خاصًا لي حول الكتاب، فالانشغال يكون لغويًا أيضًا. وفي أحيان كثيرة عندما قرأت كتبًا باللغة الألمانية للشاعر غوته حاولت العودة إلى مراجع لغوية لفهم أصل الكلمة وترجمتها المتعددة.

  • هل تغيّرت علاقتك مع الكتب بعد دخول الكتاب الإلكتروني؟

في الحقيقة أنا أقرأ منذ زمن كتابين في ذات الوقت، كتابًا موجودًا على الكمبيوتر أو الآيباد، وآخر ورقيًا بجانب السرير، ولا أشعر بأي فارق بين هذا وذاك سوى أن الكتاب الورقي يستطيع وضع قاطع ورقي عند الصفحة التي وصلت اليها. أما العلاقة بين المضمون المقروء لا يحددها إذا كان ورقيًا أو إلكترونيًا.

  • حدّثينا عن مكتبتك؟

في الآونة الأخيرة، انشغلت بشكل كبير في تكوين مكتبة لابنتي الصغيرة، أملأ غرفتها بقصص الأطفال وأبحث في هذا المجال حتى أنني كتبت قصة للأطفال بعنوان "من أين أتيت إلى هنا" باللغة الألمانية، شغلتني كتب الأطفال في الآونة الاخيرة بشدة، النوعية، الغلاف، المنهج التربوي، صورة العربي أو الغريب في قصص الأطفال الألمانية، كيف تساهم هذه القصص ببناء شخصية الطفل وتنمي خياله وتجيب على أسئلته المحيرة، أصبح لدي شغف في شراء قصص قديمة بجودة عالية لأطلع عليها، وأكتشف نوعية الورق المستخدم والصور.

منذ سنوات نمى لدي حب كبير لشراء القواميس، قواميس قد لا أحتاجها أبدًا، مثل قاموس لترجمة المصطلحات الهندسية من اللغة الألمانية إلى الإنجليزية، أنا أعلم انه لا حاجة لي بهكذا نوع من القواميس لكن شراء أو اقتناء قاموس يبث في شيئًا من الطمأنينة.

كما أحب الكتب الألمانية التي تتحدث عن السفر والرحلات وتنشر تجارب شخصية لأشخاص زاروا دولًا وشعوبًا أخرى، كتب مليئة بالصور والدهشة.

ومنذ أصبحت في ألمانيا أصبح لدي عادة شراء الكتب الموجودة بأسعار رخيصة في الشارع أو موجودة للتبرع، فلدي متعة خاصة بالبحث عن عناوين لافتة بين الكتب المستغنى عنها، مثل كتاب قوة النساء اليابانيات، سلسلة كتب عن الحدائق، أعراس الألمان التقليدية في مقاطعة تورنغن، في البحث بين الكتب القديمة الموجودة في الشارع طقس يذكرني أو بمعنى أخر أريده أن يذكرني بطقس شراء الكتب من شوارع دمشق.

  • ما الكتاب الذي تقرئينه في الوقت الحالي؟

رواية صديقتي المذهلة للكاتبة الإيطالية أيلينا فيرانتي.

 

اقرأ/ي أيضًا:

مكتبة مبارك حسني

مكتبة أيهم السهلي