14-فبراير-2022

الصحافي أيهم السهلي

ألترا صوت – فريق التحرير

يخصّص "ألترا صوت" هذه المساحة الأسبوعيّة، كلَّ إثنين، للعلاقة الشخصية مع الكتب والقراءة، لكونها تمضي بصاحبها إلى تشكيل تاريخٍ سريّ وسيرة رديفة، توازي في تأثيرها تجارب الحياة أو تتفوّق عليها. كتّاب وصحافيون وفنّانون يتناوبون في الحديث عن عالمٍ شديد الحميميّة، أبجديتُهُ الورق، ولغته الخيال.


أيهم السهلي صحافي فلسطيني ولد في دمشق. يقيم في بيروت. يعمل في مؤسسة الدراسات الفلسطينية، وعمل سابقًا كمحرر لمنصة "كامبجي" ضمن مركز المعلومات العربي للفنون الشعبية "الجنى"، يكتب تحقيقات لمجلة الدراسات الفلسطينية، وعمل محررًا للقسم الثقافي في مجلة "الحرية"، كما يكتب في مجلات ثقافية مختلفة منها "رمان" و"فسحة". ويتابع في كتاباته أوضاع المخيمات الفلسطينية في لبنان تحديدًا.


  • ما الذي جاء بك إلى عالم الكتب؟

فيصل العيسمي، هذا الشخص الذي كان يسكن في مكتبته القريبة من بيتي، لم أسمعه في يوم من الأيام يتكلم بغير العربية الفصحى، عرفته في طفولتي المبكرة خلال ذهابي وعودتي من وإلى المدرسة، كنت أمر بجوار مكتبته التي تبدو قديمة جدًا، وأظنه كان ينتبه لتعمد مراقبتي له إلى أن اقتربت يومًا وحادثته، ومن حينها بتّ واحدًا من الذين يقضون بعض وقتهم في تلك المساحة الصغيرة التي كان في أحد جدرانها باب صغير ينحني فيصل ليمر منه نحو سطح المكتبة، حيث كانت صومعته ومساحته التي يزرعها ويأكل من حصادها.

تلك المكتبة الصغيرة المتواضعة على أطراف مخيم اليرموك وحي التضامن المجاور كانت تحتوي على نفائس الكتب، والرواد كانوا يأخذون الكتب مقابل كتاب يوضع كـ"رهن" إضافة لمبلغ خمس ليرات سورية. كان فيصل يوجهني في القراءة في البداية، وانتبه لميلي الشديد نحو قراءة الأدب فزودني بقصص وروايات ودواوين شعرية.

ولاحقا في العام 2004 عملت أمينًا لمكتبة عامة في مخيم اليرموك اسمها "المكتبة الثقافية الفلسطينية" فتعمقت علاقتي بعالم الكتب، وبت مهووسًا ومأسورًا به، تحديدًا أن آلاف الكتب كانت أمامي، أدبية وغيرها. ودخلت عالم القراءة هذه المرة من باب العمل لأن بعض الرواد كانوا "يؤمنون" بنصيحة أمين المكتبة على ما يبدو، فبت ملزمًا بتقديم النصيحة المناسبة، ومن غير ادعاء كانت تلك التجربة التي امتدت لأكثر من عامين مجالًا حقيقيًا لقراءة كتب كثيرة وتكوين رأي ووجهات نظر في كثير من القضايا.

بعيدًا عن التفاصيل، أنا أبحث عن الدهشة في القراءة، والكتب تصنع هذه الدهشة خاصة حين يكون الكتاب ابن دهشة صانعه.

  • ما هو الكتاب، أو الكتب، الأكثر تأثيرًا في حياتك؟

خذ هذه القصة، حين أقرأ كتابًا وأنتهي منه، أنتبه بعد وقت قصير أني لا أتذكر منه أي شيء، ولكن حين أهم بكتابة نص أو مقالة أجدني أكتب فقرة أو جملة بتأثير الكتاب الذي "لم أتذكر منه أي شيء". هذه القصة القصيرة محاولة لاختصار إجابتي، لأقول إن كل كتاب قرأناه ترك أثره فينا بدون أن ندري، وسنجد هذا الأثر في وقت ما.

  • من هو كاتبك المفضل، ولماذا أصبح كذلك؟

هذا سؤال تصعب الإجابة عليه، إذ إن تفاصيل العمر والشخصية حين تصبح انتقائية للغاية، ربما بأثر الكتب تنسحب بالضرورة على اختيار الكتب والكتاب الذين أرغب بمتابعة إنتاجهم، لا سيما أن الدهشة التي أعيشها من خلال الكتب صارت شرطا للاختيار. فهل من السهل أن أقول لك إن محمود درويش هو كاتبي المفضل وأن كتابه "في حضرة الغياب" يفعل بي ما يقال عن فعل الشعر الجميل بالمرء. ليس سهلًا أن أفاضل بين الكتّاب، ولكن من السهل أن أقول لك، أن الكتابة بحد ذاتها فعل مقدس، فطوبى لمن يكتب، وطوبى لنا إن قرأنا.

  • هل تكتب ملاحظات أو ملخصات لما تقرأه عادة؟

أفعل ذلك فقط مع الكتب التي تتناول التاريخ، وأنا مهتم بالكتب التي تتناول تاريخ المنطقة السياسي، لا سيما فلسطين، هنا أدون بعض الملاحظات، ولا أجرب كتابة الملخصات فالعودة إلى الكتاب أسهل من كتابة ملخص ستجعلني أكتبها انطلاقا من رأيي بما قرأت، وهذا الأمر جيد لو كنت أعمل على مراجعة للكتاب.

  • هل تغيّرت علاقتك مع الكتب بعد دخول الكتاب الإلكتروني؟

في الحقيقة لو أن السؤال التالي "حدثنا عن مكتبتك؟" كان قبل هذا السؤال، كنت سأجيبك أن الكتاب الإلكتروني هو المفضل لدي، ولكن في حال توفر الكتاب الورقي سأذهب إليه وأحمله وأستمتع أكثر.

  • حدّثنا عن مكتبتك؟

بدأت إجابتي في السؤال السابق. مكتبتي أو مكتباتي إن صح التعبير لم تعد موجودة، فمكتبتي الشخصية في مخيم اليرموك دمرت أو حرقت مع الذي دمر وحرق في اليرموك، والمكتبة التي كنت أمينها حرقت. وبعد مغادرتي اليرموك وسوريا، قررت ألا أكوّن مكتبة جديدة واكتفيت بكتب قليلة أحتاجها، فلم أعد أمتلك الجرأة على تكوين مكتبة جديدة أخشى تركها بعد وقت، المكتبة جزء من الاستقرار.

  • ما الكتاب الذي تقرأه في الوقت الحالي؟

أقرأ كتاب "الاستعمار البريطاني وإجهاض الثورة العربية الكبرى في فلسطين 1939 - 1939" لـ ماثيو هيوز، بترجمة مصعب بشير، وهو من إصدار مركز دراسات الوحدة العربية. الكتاب مهم وجديد في بعض جوانبه وتستهويني هذه الكتب المبنية على الوثائق والأرشيف.

 

اقرأ/ي أيضًا:

مكتبة دارين حوماني

مكتبة فوزي ذبيان