13-سبتمبر-2020

من المتأمل أن تنهي المفاوضات تاريخًا طويلًا من الحرب (العربي الجديد)

الترا صوت – فريق التحرير 

اختتمت في العاصمة القطرية الدوحة مساء السبت الجولة الأولى من المفاوضات الأفغانية بين حركة طالبان والحكومة الأفغانية وسط إجراءات أمنية مشددة، وذلك بعدما كانت واشنطن تأمل انطلاق المفاوضات في غضون أسبوعين من توقيعها اتفاق السلام مع الحركة في شباط/فبراير الماضي، ما من شأنه أن ينهي عقدين من الحرب التي قتلت وشردت آلاف الأفغان، غير أن جائحة فيروس كورونا الجديد، والأزمة السياسية التي دخلت بها كابول بعد انتخابات الرئاسة كان لها الدور في تأخير انعقادها.

اختتمت في العاصمة القطرية الدوحة مساء السبت الجولة الأولى من المفاوضات الأفغانية بين حركة طالبان والحكومة الأفغانية وسط إجراءات أمنية مشددة

وحث وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو الأطراف المجتمعة على "اغتنام"المفاوضات من أجل التوصل لتسوية سياسية ووقف شامل ودائم لإطلاق النار، فيما وصف مبعوث السلام الأمريكي زلماي خليل زاد المفاوضات بأنها "فرصة تاريخية للسلام" ستعود بالفائدة على الجميع، وتساهم في تحقيق الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط.

اقرأ/ي أيضًا: تقدير موقف: تعثر المفاوضات الأمريكية – الأفغانية.. أسبابها واحتمالات استئنافها

وأشارت شبكة CBS نيوز الأمريكية في تقرير لها إلى وجود الكثير من الخلافات حول القضايا الأساسية بين الطرفين، زاد من تعميقها انعدام الثقة بينهما، والتي يأتي في مقدمتها الاتفاق على وقف شامل ودائم لإطلاق النار في البلاد عقب عقود طويلة من الحرب، إضافةً لمطلب طالبان الأساسي بشأن مستقبل الحكومة الحالية مع تقاسمها السلطة، في ظل ترجيحات بأن تكون العقبة الأكبر مرتبطة بمصير العلاقة بين عشرات الآلاف من عناصر الحركة الراديكالية مع الميليشيات المحلية الموالية للحكومة الأفغانية، أو حتى في الاتفاق على تحديد الاسم الجديد للدولة بأن تكون جمهورية أم إمارة إسلامية.

وتضيف الشبكة الأمريكية بأن الطرفين سيناقشان كيفية حماية حقوق المرأة والأقليات والمساواة الاجتماعية، وهي من أحد البنود الهامة الموضوعة على جدول أعمال المفاوضات، ومن المتوقع أن تتبنى الحركة موقفًا أقل تشددًا بشأن قضية المرأة من خلال السماح بالذهاب إلى المدرسة والعمل بدون مرافقة رجل لها، والأمر ذاته ينطبق على مشاركتها في الحياة السياسية، بعدما كانت قد اتخذت موقفًا متشددًا بفرضها حظرًا على أي نشاط للنساء الأفغانيات في المناطق الخاضعة لنفوذها.

وتوضح الشبكة الأمريكية في تقريرها بأن وفد الحركة المشارك في المفاوضات بقيادة رئيس القضاة السابق في الحركة عبد الحكيم حقاني يتألف من 20 عضوًا، من ضمنهم 13 عضوًا في مجلس قيادة الحركة، مشيرةً إلى أن حقاني عيّن قبل أقل من أسبوع على الموعد المحدد للمفاوضات، بدلًا عن القيادي شير محمد عباس ستانيكزاي الذي عيّن بمنصب نائب رئيس الوفد التفاوضي.

وعمل زعيم الحركة الملا هبة الله أخند زاده خلال الشهر الماضي على إعادة هيكلة فريق التفاوض، والتي كان من ضمنها إقالة القيادي البارز الملا أمير خان متقي، والذي يعتبر مقربًا من الحكومة الباكستانية التي تتشارك حدودها البرية مع أفغانستان، كما أن أخند زاده أضاف لفريق التفاوض أربعة من مساعديه في مجلس قيادة الحركة، واعتبرت الشبكة الأمريكية أن التغييرات الأخيرة في فريق التفاوض تعني قدرتهم على اتخاذ القرارات بشكل سريع دون الرجوع لقيادة الحركة.

في حين يقود فريق الحكومة المفاوض رئيس الاستخبارات الأفغانية السابق محمد مأمون ستانيكزاي، والذي أجبر على الاستقالة من منصبه بعد التقارير التي تحدثت عن تورط وحدة مكافحة الإرهاب في مقتل مدنيين أفغان خلال عملياتها العسكرية، ولا توجد أي علاقة تربط بين مأمون ستانيكزاي ممثل الحكومة في المفاوضات، وعباس ستانيكزاي القيادي في الحركة.

وعلى عكس ما هو متوقع، فإن رئيس وفد الحكومة المفاوض لن يستطيع أن يتخذ القرارات دون الرجوع أو الحصول على موافقة رئيس المجلس الأعلى للمصالحة الوطنية عبد الله عبد الله، الذي حصل على منصبه بعد تسوية مع الرئيس الأفغاني أشرف غني في أيار/مايو الماضي، في إطار إيجاد حل لإنهاء الأزمة السياسية بين الرجلين بإعلانهما فوزهما بشكل منفصل في انتخابات الرئاسة في أيلول/سبتمبر الماضي، وبحسب الشبكة الأمريكية فإن عبد الله سليجأ لاستشارة الخبراء في الشؤون القانونية والدستورية والدينية قبل الموافقة على أي اتفاق.

اقرأ/ي أيضًا: هل تنجح طالبان بالحفاظ على اتفاق السلام مع واشنطن؟

ولا تقتصر المخاوف على عدم إمكانية توصل الطرفين لاتفاق واضح في ظل خلافهما على الملفات الأساسية، إنما تشمل كذلك عدم وجود رؤية واضحة لمصير مقاتلي الحركة، في ظل توقعات بانضمام مقاتلي الحركة السابقين إلى جماعات إسلامية متشددة أخرى، وخصيصًا الفرع الأفغاني لتنظيم الدولة الإسلامية (داعش).

لا تقتصر المخاوف على عدم إمكانية توصل الطرفين لاتفاق واضح في ظل خلافهما على الملفات الأساسية، إنما تشمل كذلك عدم وجود رؤية واضحة لمصير مقاتلي الحركة

وتختم CBS نيوز الأمريكية تقريرها بالقول إنه على الرغم من أن مقاتلي الحركة كانوا في حالة قتال مع داعش، إلا أنها فقدت خلال الفترة الماضية عددًا من مقاتليها الساخطين من قيادتهم بانضمامهم إلى داعش، ووفقًا للشبكة الأمريكية فإن الكثير من مقاتلي الحركة ينتابهم خيبة أمل من دخول قيادتهم في مفاوضات السلام مع الحكومة الأفغانية، نظرًا لاعتقادهم أنهم يكمنهم الانتصار عسكريًا، مرجعين ذلك لسيطرتهم على ما يقارب 50 بالمائة من المساحة الفعلية للبلاد.