07-يوليو-2016

من فيسبوك

هي عادة كل عيد، ولن يشتريها المصلون، الذين هم صلاتهم ساهون. في القاهرة، ليلة الوقفة، يسهر الناس حتى طلوع الشمس، التكبيرات تملأ فوهات المساجد، الشوارع مفروشة بالحصير والسجاجيد للصلاة. القاعات مقسومة، ساحة للنساء وأخرى للرجال، لكن ومع أول لحظة صلاة، تنقلب الساحات إلى "سجادة مشتركة"، الرجل يحاذي المرأة، يساوي الصف مع الفتاة بجواره، لا تكون من خلفه بل الكعب في الكعب.. نسجد معًا ونركع معًا، في ما يبدو مساحة مكسب وحرية جديدة تحققها المرأة في شوارع القاهرة.

قبل الصلاة

في مصر وعند صلاة العيد تنقلب الساحات إلى "سجادة مشتركة"، الرجل يحاذي المرأة، يساوي الصف مع الفتاة بجواره، لا تكون من خلفه بل الكعب في الكعب

قبل كل صلاة عيد، تلتفت دار الإفتاء المصرية إلى مشهد الصلاة المشتركة، التي يصليها المصريون دون التفكير في أسباب دينية أو حلال وحرام وخطيئة. تحذر "الإفتاء" في فتوى متجدِّدة ومتكررة: "صلاة الرجال بجوار النساء في العيد لا تجوز شرعًا". وتقول في تحذير آخر:"ينبغي الفصل بين الرجال والنساء في المسجد".

وتأتي بدليل من السنة وأخلاق الرسول: "هذا ما كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، أما وقوف النساء بجانب الرجال فإنه يجعل صلاتهم مكروهة بل تبطل صلاة الرجل إذا صلى بجانب المرأة عند الحنفية، ولذا سار العمل على أنَّ صلاة الرجال تكون في أماكن مخصصة لهم وصلاة النساء في أماكن أخرى خصصت لهنَّ، أو على أَنْ يكون بينهما فاصل أو حاجز".

ولدرء الشبهات، ولأن هناك من رجال الدين من يريد حصار المرأة في البيت، من يقول إن صلاتها في المنزل جائزة، ومحبذة، ولها فضل، وتجازى عليها خيرًا، ودرءًا للفتنة.. فلتجلس في بيتها.

اقرأ/ي أيضًا: كعك العيد في مصر: تراث ورأسمالية!

عند إقامة الصلاة

مع بدء الصلاة، تتراصّ الجموع دون نظام، كتل من البشر تكبر، وتسجد (الصورة أعلاه تسجّل فتاتين عند لحظة السجود، وقفتا مذهولتين وأوقفتا صلاتهما فجأة حتى لا تسجدا أمام عيون شركاء الصلاة من الرجال!)، وتتحرك وفقًا لصوت الإمام، الذي ما إن ينتهي حتى تبدأ الخطبة.. ومعه تبدأ مسابقات حفظ القرآن، وتوزيع البلالين على الأطفال والاحتفالات. من بين الصفوف من يقول: "لا يجوز للمرأة أن تصلي هنا منعًا للعورات.."، ليجد إحداهنّ ترد عليه: "لقد جعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا".

وتبدأ المناظرة، الحجة بالحجة، تقول: "المرأة تختلط بالرجل في الحرم، حول الكعبة، خلال الطواف وفي الصلاة وداخل الحرم المكي، ولم يخرج أحد ليقول إن ذلك عيب في حق المسلمين، أو عدم ستر للعورات". تفصّل السيدة ما أجملته: "هناك، من يترك إزاره ينزل تحت السرة أو يرفعه فوق الركبة، ومن يلتصق بالسيدات خلال الطواف، ومن يجلس وسط الأماكن المخصَّصة للسيدات بحجة إنه يلازم زوجته، وكل هذا مقبول، ولا أحد يتكلم، ولا يقلّ ثواب الحج أو العمرة، وأحيانًا تستلقي المرأة وتنام على الأرض للراحة أو في انتظار الصلاة.. وحتى الأمن لا يعترض.. الدين يسر".

تترك دار الإفتاء، كعادة المسؤولين عن الدين ربما، كل شيء نسبيًا. لا أوامر نهائية، ولا نواه لا رجعة فيها. كل شيء خاضع للظروف والمواقف والزمن والوقت. لا تمنح المسلمين صك الغفران النهائي، إنما تتركهم أسرى الحيرة، والشك، والوهم.

في الفتوى التي قالت إن "الصلاة المشتركة باطلة" استثنت حالة الزحام، وقالت: "هناك فارق بين الحالة المعتادة وحالات الضرورة التي يشتد فيها الزحام ويخاف فيها من تشتت أفراد الأسرة الواحدة أو تيه الأطفال وضياع النساء، فيجوز حينئذ أن يصلوا قريبًا من بعضهم وذلك من باب الضرورة، والضرورة تقدر بقدرها، مع التشديد على حرمة التلاصق بين الرجال والنساء حتى في هذه الحال".

بعد الصلاة

تحذر دار  الإفتاء المصرية في فتوى متجدِّدة ومتكررة: "صلاة الرجال بجوار النساء في العيد لا تجوز شرعًا"، ثم يشتعل الجدل

صلاة المرأة بجوار الرجل مكروهة وليست باطلة.. كما يقول مجدي عاشور، عضو لجنة الفتوى المصرية، ويضيف: "لا يبطل الصلاة ومن المعتاد أن يصلي الرجال في الصفوف الأولى ثم الأطفال والسيدات في الصفوف الخلفية". هل تبطل الصلاة؟.. يجيب: "إذا صلّت المرأة بجوار الرجل فصلاتها مكروهة وليست باطلة. نقول للناس: صلاتكم صحيحة ومتعملوش كده تاني".

وتقول فتوى قديمة لـ"الإفتاء" المصرية: "الدعوات إلى تغيير ما عليه نظام صلاة الجماعة عند المسلمين بصلاة المرأة بجانب الرجل من غير حائل أو فاصل فهي دعوات باطلة فيها تعدٍّ صارخ على قواعد الشرع الشريف، وتعمد صريح لمخالفة ما عليه عمل المسلمين سلفًا وخلفًا ولما أجمعت عليه الأمة الإسلامية؛ من أن صفوف النساء تكون خلف الرجال".

هل صلاة العيد في مصر باطلة؟

إذا كنت على مذهب الإمام أبو حنيفة ستكون الإجابة بـ"نعم"، فالصلاة بجوار امرأة يبطل صلاة الرجل، ويجعل صلاة المرأة مكروهة، والصحيح أن يكون بينهما حاجز. بالنسبة إلى الشافعية، فهذا ما عهد عليه المسلمون أن يصلوا معًا، ولا بد أن تخرج المرأة للصلاة، وتصلي في أي وضع، والزحام ضرورة ومبرر. لدى موقع "إسلام. ويب" رأي آخر أشد وأقطع، فالاختلاط بين الرجال والنساء لا يباح في أي حال من الأحوال، والاختلاط في مكة حول البيت الحرام "غير مشروع". ويدعو "إسلام. ويب" في فتواه من بيده الأمر إلى "السعي قدر استطاعته لوضع برنامج يمنع الاختلاط المذموم" حفاظًا على حج وعمرة المسلمين.

اقرأ/ي أيضًا:

استعادة متولي الشعراوي.. ماذا بقي لأئمة داعش!

أغرب 5 فتاوى مصرية في رمضان