12-مايو-2017

عناصر من قوات سوريا الديمقراطية (جون مور/Getty)

أعلنت قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، المدعومة من التحالف الدولي، أمس الخميس، سيطرتها بشكل كامل على مدينة الطبقة وسد الفرات بريف الرقة المحاذي لها بعد معارك عنيفة ضد تنظيم داعش. وجاءت السيطرة عقب تصريحات مثيرة للجدل صادرة عن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وتهديد هيئة تحرير الشام للفصائل الموقعة على ورقة "تخفيف التصعيد" في اجتماع "أستانا 4".

الإدارة الأمريكية توافق على تسليح "قسد"

بعد ساعات من تأكيد المتحدثة باسم وزراة الدفاع الأمريكية (البنتاغون)، دانا وايت، عزم بلادها تزويد "قسد" بأسلحة متطورة تمهيدًا لبدء معركة الرقة، أكبر معاقل داعش في سوريا والعراق، أعلن المتحدث الرسمي باسم "قسد" طلال سلو، سيطرتهم على مدينة الطبقة وسد الفرات، لتصبح الرقة شبه معزولة، وسط توقعات بمعركة قد تكون أشد عنفًا عن معركة مدينة الموصل العراقية.

جاء تسليح "قسد" مخالفًا لتطلعات تركيا التي كانت تحاول إقناع أمريكا بتأسيس تحالف بعيدًا عن الأكراد

تسليح "قسد" التي تقودها "وحدات حماية الشعب" الكردية، جاء مخالفًا لتطلعات الحكومة التركية التي كانت تحاول جاهدًة إقناع الإدارة الأمريكية بإنشاء تحالف بمعزل عن القوات الكردية، إلا أن وزارة الدفاع الأمريكية على ما يبدو وضعت حدًا للتصريحات المتضاربة، بعد تأكيد المتحدث باسم قوات التحالف الدولي، جون دوريان، أن عملية التسليح ستكون سريعة جدًا، وأن جزءًا منها موجود في المنطقة نفسها، حيثُ تشهد انتشارًا لقوات أمريكية تُقدم الدعم اللوجستي للمقاتلين المدعومين من الولايات المتحدة.

اقرأ/ي أيضًا: عملية الرقة.. هل تحقق حلم أكراد سوريا في الفيدرالية؟

ومن المتوقع أن تحصل قسد على مجموعة من الأسلحة الحديثة، بينها قذائف هاون ورشاشات ثقيلة وأسلحة مضادة للدبابات ومعدات هندسية وعربات مدرعة. وفي محاولة لامتصاص الغضب التركي على قرار تسليح قسد، قال مسؤولون أمريكيون إن الأسلحة المقدمة ستستخدم ضد مقاتلي داعش خلال عملية الرقة فقط، وأنها ستكون لتنفيذ "عمليات محددة"، وأن الولايات المتحدة ستوقف عملية الدعم في حال اكتشفت استخدامها لأهداف أخرى.

وأول أمس الأربعاء، حذرت تركيا من عواقب تسليح قسد المدرجة لديها على لائحة التنظيمات الإرهابية، عبر دعوة الرئيس رجب طيب أردوغان واشنطن لـ"التراجع عن هذا الخطأ"، وكذا أكد وزير الدفاع التركي، فكري إشيق، أن بلاده "سوف ترد على أي تهديد إرهابي مهما كانت مصادره". وكان الجيش التركي قصف في وقت سابق من الشهر الفائت مواقعًا للوحدات الكردية، ما دفع واشنطن لنشر قواتها على الشريط الحدودي بين سوريا وتركيا.

وفي محاولة للتخفيف من المخاوف التركية إزاء عملية التسليح، نشر قيادي في "لواء المعتصم"، عبر صفحته الشخصية على تويتر، تفويضًا من التحالف الدولي يخوله إدارة واستلام المناطق التي كانت انتزعتها قسد العام الماضي من فصائل الجيش السوري الحر في ريف حلب، ويعد اللواء من أبرز الفصائل المشاركة في عملية "درع الفرات" المدعومة من تركيا، ويبدو من هذا التفويض أن الإدارة الأمريكي تريد طمأنة أنقرة من خيارها في دعم قسد التي تضم مقاتلين عرب وأكراد.

وخلاف ما كان متوقعًا من إمكانية التوصل لاتفاق بين واشنطن وأنقرة خلال لقاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع نظيره التركي أدروغان، الأسبوع القادم، فإن الوضع السوري سيكون مطروحًا لجدال ربما لن يفضي لأي تنازل من الجانب الأمريكي على إيقاف دعمها لقسد، وهو ما تظهره القرارات الأمريكية المرتبطة بمحاربة الإرهاب، إن كان في زيادة جنودها في أفغانستان، أو إنشائها وحدة خاصة لتقييم تهديدات كوريا الشمالية النووية في جارتها الجنوبية.

يبدو أن الولايات التمحدة لن تتنازل عن خطتها لدعم قسد تحت أي ظرف

ولعل التقارير التي تحدثت، بعد التصريحات المتبادلة بين أنقرة وواشنطن، عن نية تقديم الأخيرة الدعم لتركيا في حربها ضد حزب العمال الكردستاني في مناطق جبل سنجار شمال العراق، وهو ما يمكن أن يتوصل إليه ترامب وأردوغان خلال لقائهما المرتقب، وتأكيد مسؤولين أمريكيين زيادة بلادهم لـ"الجهود الاستخباراتية" في هذا المجال، قد يسمح لتخفيف حدة التوتر المتصاعد بين البلدين.

هيئة "تحرير الشام" هدف أمريكي

وفي نفس السياق، وهو ما اعتبره مراقبون تطورًا مفاجئًا يحمل هدفًا في القضاء على هيئة تحرير الشام، رصدت وزارة الخارجية الأمريكية مبلغ 10 ملايين دولار أمريكي، مكافئة لمن يدلي بمعلومات تحدد مكان تواجد زعيم جبهة فتح الشام (جبهة النصرة سابقًا)، والقائد العسكري لهيئة تحرير الشام أبو محمد الجولاني، والتي تعتبر ثاني أكبر فصيل إسلامي "متشدد" في سوريا، ولديها صلات على مستوى القيادات الأولى بتنظيم القاعدة.

وجاء إعلان الخارجية الأمريكية بعد أقل من يوم واحد على البيان الصادر عن مجلس الفتوى في الهيئة، والذي هدد مضمونه من وصفهم المجلس بـ"فلول الفصائل المفسدة"، بالقضاء عليهم في حال قرروا دخول مناطق نفوذ الهيئة في محافظة إدلب، رافضةً ما توصل إليه المجتمعون في "أستانا 4" من اتفاق على مناطق تخفيف التصعيد.

في اجتماع "أستانا 1" شنت فتح الشام هجومًا عنيفًا على مقار فصائل المعارضة التي شاركت في الاجتماع

وشنت جبهة فتح الشام خلال انعقاد اجتماع "أستانا 1" في كانون الثاني/يناير، هجومًا عنيفًا على مقرات فصائل المعارضة في ريفي حلب وإدلب، بسبب ذهابها للعاصمة الكزخية، ما دفعهم للاندماج مع حركة "أحرار الشام الإسلامية"، فردت عليها فتح الشام بإعلانها تشكيل هيئة تحرير الشام الناتجة عن اندماج خمسة فصائل متشددة.

ويأتي بيان الهيئة بعد نحو أسبوع من إعلان جيش الإسلام القضاء عليها في منطقة الغوطة الشرقية بريف دمشق، والحديث الجاري عن إخلاء مقاتليها لمواقعهم في حي القابون الدمشقي، بعد إبرامها اتفاقًا على خروجهم إلى محافظة إدلب، حيثُ تحاول أن تكون مركزًا يجتمع فيها كافة مقاتليها المنتشرين في مختلف مناطق سيطرة المعارضة في سوريا.

اقرأ/ي أيضًا: تطورات "أستانا" السوري.. ملف المعتقلين لأول مرة

ولوحت هدية يوسف، الرئيس المشترك في مناطق "الإدارة الذاتية"، خلال تصريح صحفي في وقت سابق، أن مقاتلي "قسد" قد يتوجهون إلى محافظة إدلب، بعد أن يسيطروا على مدينتي الرقة ودير الزور، لطرد مقاتلي الهيئة منها، كما أن العشرات من قيادييها قتلوا بغارات طائرة من دون طيار تابعة للتحالف الدولي استهدفتهم في محافظة إدلب.

ولطالما حاولت تحرير الشام منذ تشكيلها أن تحصل على شرعية من جميع الفصائل، تخولها الدخول لطاولة المفاوضات، إلا أنها اصطدمت بمعارضة جميع فصائل المعارضة بسبب حروبها السابقة ضد معظمهم، لذا قد يكون من الخيارات المتاحة للإدارة الأمريكية تقديم الدعم لفصائل الجيش السوري الحر، لتسمح لهم بشن حرب في محافظة إدلب تقضي على تواجد الهيئة في الشمال السوري، وتكون ضمن مناطق إدارتهم مقابل الدعم الذي سيصل لـ"قسد" خلال الأيام القادمة.

 

اقرأ/ي أيضًا:

تقدير موقف: المشهد السوري بعد أستانا

سوريا.. التحالفات الإقليمية ستغير الخارطة العسكرية