31-يوليو-2020

متحف نابو

ألترا صوت - فريق التحرير

ما هي علّتنا... وإلى أين؟ يبدو هذا السؤال بمثابة عنوانٍ فرعيّ لمعرض "يأس وأمل، عندما يتبصّر الفنّ الحرب والتاريخ" الذي يستضيفهُ مُتحف (نابو) في منطقة الهرّي شمال لبنان حتّى 20 أيلول/ سبتمبر المقبل، ويتمحور حول مسألة تفاقم المشاكل الاجتماعية والديموغرافية والاقتصادية والسياسية التي أضحت المنطقة العربية بفعلها على مفترق طرق. ووفقًا للقائمين عليه، فإنّ المعرض بما يضمّه من أعمال فنّية يأتي من باب التذكير بألم الماضي والواقع فيما يتعلق بأحوال دول المنطقة المضطّربة. 

يأتي معرض يأس وأمل من باب التذكير بألم الماضي والواقع فيما يتعلق بأحوال دول المنطقة المضطّربة من خلال فنون متنوعة حضرت من أكثر من بلد

بالإضافة إلى فتحه باب النقاش فنيًّا حول مسألة انفجار الطائفية في المجتمعات وآثارها على الهوية الوطنية نتيجة الصراعات الداخلية والتدخّل الأجنبيّ وغيرها من العوامل المسؤولة عن هذه الأزمة. كما تطرّقه في الوقت نفسه إلى طُرق وظروف التعبير المُختلفة التي تعكسها الأعمال المٌشاركة في كلّ من فلسطين والعراق وسوريا ولبنان أيضًا.

اقرأ/ي أيضًا: حوار| هيفاء زنكنة: لا تزال المرأة في الصف الثاني في عالم الكتابة

الحرب وظروفها وآثارها وانعكاساتها المُختلفة على حياة الفرد، هي السمة الأساسية للمعرض الذي تُعيد أعماله المُتلقّي إلى حقبة ما بعد انهيار الخلافة العثمانية، مُتيحةً له مُعاينة الاضطّرابات والنزاعات الداخلية والخارجية التي عنونت تلك المرحلة التاريخية الفارقة وصولًا إلى اتّفاقية "سايكس – بيكو" التي خلّف إرثها بدوره انعكاساتٍ لا تزال ارتداداتها قائمة في المنطقة حتّى اللحظة. بالإضافة إلى الحروب والصراعات التي كانت بشكلٍ أو بآخر نتيجةً لها، بدءًا من احتلال فلسطين ونكبتها سنة 1948، وهزيمة حزيران 1967، والحرب الأهليّة اللبنانية، وصولًا إلى الأزمات الراهنة.

عمل لجنان مكي باشو

مثّلت أعمال الفنّان العراقيّ ضياء العزّاوي الحرب الأهلية اللبنانية في "يأس وأمل"، لا سيما مجموعته "نحن لا نرى إلّا جثثًا" (1983) التي تروي بصريًّا حكاية مذبحة صبرا وشاتيلا (1982)، ومن قبلها حصار ومذبحة تلّ الزعتر (1976) أيضًا، وتجسّد بالأبيض والأسود المعاناة الإنسانية للفلسطينيين واللبنانيين التي عبّر عنها أيضًا نصّ الشاعر المسرحيّ الفرنسيّ جان جينيه "أربع ساعات في شاتيلا" الذي كتبهُ عقب زيارته للمخيم الفسلطينيّ المنكوب بعد ثلاثة أيام من المجزرة المأساوية. 

عمل لضياء العزاوي بعنوان: نحن لا نرى إلا جثثًا

الفنّان اللبنانيّ ألفريد طرزي ينطلق من المكان الذي توقّف عنده ضياء العزّاوي، مُحاولًا عبر أعماله الموزّعة على التجهيزات الفنّية والفوتوغراف والكولاج الرقميّ والنحت إعادة الأحداث المأساوية التي أعقبت الحرب الأهلية في بلده إلى الواجهة مُجدّدًا في ظلّ انشغاله أيضًا بتعقّب الأحداث المفصلية في تاريخ البلد الذي تتقاذفه الحروب، وتحليله لما يسمّيه ذاكرة الحرب كخطوة أولى في مشوار إعادة روايتها بعد صياغتها بحيث تكون ملائمة لمشروعه الفنّي – التوثيقيّ. وعلى بعد مسافة بسيطة من أعماله، تظهر مجموعة واسعة من الملصقات والصور الفوتوغرافية التي استخدمتها الأحزاب السياسية زمن الحرب لترويج دعاياتها، بالإضافة إلى مساحة صغيرة خصّصتها إدارة المتحف للانتفاضة اللبنانية التي انطلقت في 17 تشرين الثاني/ أكتوبر الفائت.

عمل لليلى الشوا بعنوان: الشجاعية

ومن الحرب الأهلية اللبنانية ومآسيها ينتقل المعرض بالمشاهد إلى الحرب الإسرائيلية على قطاع غزّة سنة 2014، وتحديدًا إلى حيّ الشجاعية الذي سدّد تقريبًا فاتورة تلك الحرب بأكثر من 74 شهيدًا قضوا في المجزرة التي ارتكبتها مدفعية الاحتلال الإسرائيلي صباح الأحد 20 تمّوز/ يوليو 2014، والحاضرة من خلال عمل فنّي متعدّد الوسائط، قدّمته التشكيلية الفلسطينية ليلى الشوّا التي شيَّدت عملها متّكئةً على مواد مُختلفة متعلّقة بالحادثة. 

إلى جانب الشوّا، تحضر أعمال الفنّانة والنحّاتة اللبنانيّة جنان مكي باشو التي توسّلت الفولاذ والحديد المأخوذ أساسًا من الخردة وبقايا السيّارات لصناعة أشكالًا بشريّة تصوّر مأساة اللجوء الراهنة التي سبق وأن قدّمتها في معارض عدّة، أبرزها "فصول الهجرة اللامتناهية" (2019) التي اشتغلت فيه على تشريح أحوال الجحيم العربيّ، وسرد مأساة الفرد والنطق بشجونه أيضًا في أزمنة المنافي غير الطوعية والهجرات المتعدّدة، مقدّمة طريقًا واحدًا لنجاته: الهجرة والمسير وإن دون وجهة محدّدة.

 

اقرأ/ي أيضًا: 

الأوبئة وتحولات النظام الدولي العالمي

6 تجارب روائية.. الهامش والتاريخ والفرد وهمومه الصغيرة