07-فبراير-2016

أفراد من الشرطة المصرية (Getty)

لم يعد مصطلح الفقراء في مصر يقتصر على طبقة محدوة، ولكنها الشريحة التي ينضم إليها كل يوم أعداد جديدة، فمصر التي تعاني من معدلات فقر مرتفعة وتتزايد الأوضاع المعيشية بها تأزمًا يومًا بعد يوم، ويواجه أهلها تحديات على جميع مستويات الحياة من مسكن ومأكل وملبس، يحارب فيها أعمال الخير التي تقدم لأولئك ممن رفعت عنهم الدولة يدها، إلا أنها أصرت أن تمنع كل أيدي المساعدة التي تمتد إليهم.

كسر شوكة المصريين.. الإفقار هو الطريق

الشارع المصري أصبح في قبضة الأمن وبالتالي فإن أي عمل خيري يتطلب التواصل مع المواطنين ونزول الشارع هو تحت وطأة موافقة الأمن

الفقر داء والدواء بأيدي من لا يعانيه، إلا أن في مصر هناك حرص على نشر هذا الداء على أقصى مدى مع تعمد إخفاء الدواء، الأمر الذي جعل منها سياسة متبعة على مر الأنظمة، حيث تقول إسراء هيمن المتطوعة بجمعية صناع الحياة أن الدولة تحارب المواطنين بالفقر، فهم إذا ما تم تلبية مطالبهم فإنهم سيفكرون أول شيء في حقوقهم وهو ما يهدد بقاء النظام وبالتالي فإن الدولة ترى أن الجمعيات الخيرية لا تدعم أهدافها.

المجتمع المتوازن هو الذي تحدث فيه عملية التكافل إلا أن غياب الطبقة الوسطى والتحول إلى طبقتين إحداهما فاحشة الثراء والأخرى شديدة الفقر قلب الموازين، حيث يقول إبراهيم خليفة الذي يعمل بجمعية رسالة: "إن الطبقة الغنية تسعى إلى تحقيق مصالحها عبر الفقراء، فأصحاب سلطة رأس المال يعتبرون حاجة الفقير لهم مكسب في حين أن الفقير لا يفكر في شيء سوى حاجاته الأولية وبالتالى فإنه من السهل توجيهه في أي اتجاه إذا وفر له القليل من حاجاته.

العمل الخيرى تحت "البيادة"

الشارع أصبح في قبضة الأمن وبالتالي فإن أي عمل يتطلب التواصل مع المواطنين ونزول الشارع هو تحت وطأة موافقة الأمن، هذا ما تحكيه بوسى حبشي مسئولة العلاقات العامة بحملة الألف بطانية التي واجهت تحديات عديدة من أجل القيام بأنشطة الحملة الخيرية حيث تم استدعاؤها في قسم الشرطة وطلب بيانات عن الفريق حتى تتمكن من الحصول على الموافقة الأمنية، وكانت البيانات تشمل الحسابات الخاصة بأعضاء الحملة على مواقع التواصل الاجتماعي، وفي نهاية المطاف وبالرغم من الحصول على موافقة الشؤون الاجتماعية في البداية لم تتمكن من الحصول على موافقة الأمن.

التعرض للاحتجاز وتوجيه التهم في حال نزول الشارع ليس مقتصرًا على الجمعيات الناشئة، حيث يروي خليفة عن تكرار حوداث الاحتجاز لأفراد الجمعية في أكثر من مكان، وفي إحدى المرات تم احتجاز قافلة كاملة نحو أربعين شخصًا، وفي واقعة أخرى يقول خليفة بالرغم من أنه يحمل الكارنيه الخاص بجمعية رسالة، إلا أنه تعرض للاحتجاز منذ شهرين لمدة أربع ساعات داخل قسم الشرطة بسبب عدم وجود تصريح من الأمن، ويقول خليفة إن ذلك أدى إلى عزوف كثير من الشباب والفتيات عن المشاركة في أعمال الخير.

العمل الخيرى.. ممنوع اقتراب الشباب

الشباب هم من يتصدرون أعمال الخير في مصر، وظهر ذلك بوضوح بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير، إلا أن ذلك لا يراد للشباب، فالنظام كما تقول سارة عبد الحميد -إحدى المتطوعات في العمل الخيرى- يدرك جيدًا أن الشباب يشعر بالفقراء، ولذلك فهو يخشى أن يؤمن الناس بهم بعد أن رسم لهم صورة في الإعلام بأنهم بلطجية ومرتكبى شغب.

قطع جميع سبل التواصل بين الفقراء والشباب هو آلية يلجأ إليها النظام اليوم حيث تقول حبشي إن الناس أصبحوا يميزون بين من يتاجر بهم ومن يشعر بهم ويريد الصالح لهم، وهذا هو ما تخشاه السلطة، أن يكون وراء الأعمال الخيرية رسائل توعوية حول الفساد والحقوق والواجبات، وبالتالي فإن المواطن المغيَّب سيتحول من خاضع للسلطة إلى مطالب بحقوقه.

اقرأ/ي أيضًا: 

مصر..من قتل الإيطالي "جوليو ريجيني"؟

أطباء مصر في مواجهة أمناء شرطتها