05-مارس-2016

رشا مهدي/ مصر

لأول مرة في مصر، الدولة ضد الدولة، وزارة الثقافة تنظم مؤتمرًا أمس للرد على #محاكمة_الخيال، وحبس الكاتب الصحفي والروائي أحمد ناجي، في لجنة القانون بالمجلس الأعلى للثقافة، يحمل عنوان "الحماية القانونية لحرية الفكر والتعبير.. نحو مجتمع حر ومبدع"، وعنوانًا شعبيًا آخر هو "لا لمحاكمة الخيال"، برعاية حلمي النمنم، وزير الثقافة الحالي، والدكتورة أمل الصبان، أمين عام المجلس.

لأول مرة في مصر، الدولة ضد الدولة، وزارة الثقافة تنظم مؤتمرًا أمس للرد على حبس أحمد ناجي

كان لاستضافة لجنة القانون بـ"الأعلى للثقافة" للمؤتمر دلالة واضحة؛ إذ إنها تناقش قضية حرية الفكر والتعبير لوضعها في السياق الصحيح قانونيًا وإبداعيًا، على اعتبارها العمود الفقري لتطور الفكر الإنساني.

اقرأ/ي أيضًا: مصر.. فرحة سلفية وبرلمانية بحبس الروائي أحمد ناجي

وشارك في المؤتمر نخبة من المثقفين المصريين، والقانونيين والدستوريين والمثقفين والمبدعين، من بينهم: أحمد عبد المعطي حجازي وسيد حجاب والروائية سلوى بكر، والمخرج المسرحي جلال الشرقاوي، والناقد الدكتور جابر عصفور، وزير الثقافة الأسبق، والدكتور عماد أبو غازي، ومن الحقوقيين محمد فايق، رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان، والمحامون نجاد البرعي، وأمير سالم، وحمدي الأسيوطي، إلى جانب الدكتور جابر نصار رئيس جامعة القاهرة، والكاتب الصحفي مكرم محمد أحمد.

تمحور المؤتمر حول النظام القانوني الدولي لحرية الرأي والتعبير ومسئولية الدولة عن انتهاك هذه الحرية، حرية الرأي والتعبير في أحكام الدستورية العليا، حرية الرأي والتعبير في قانون العقوبات المصري وتطبيقاتها القضائية مع إشارة خاصة إلى قضاء النقض، فضلًا عن عدد من الشهادات حول قضية حرية الفكر والتعبير، وكان هدف المؤتمر، حسبما أوضح الفقيه الدستوري نور فرحات، مقرر لجنة القانون بالمجلس، تجميع القانونيين لأخذ رأيهم في مواد القانون والتوصية بتعديلها وصولًا إلى المطالبة بإلغائها.

وبالفعل، أجمع الحضور على أنه يجب إلغاء مادة قانون العقوبات التي يحاكم على أساسها الكتاب في قضايا ازدراء الأديان، ووضع مفاهيم واضحة لبعض الجرائم.. حتى يفهم القاضي كيف يفكر الكاتب.

في المؤتمر وقفت الدولة ضد الدولة فعلًا لا قولًا، حلمي النمنم، وزير الثقافة، يقول إنه من المعيب وجود مادة في القانون تسمى "ازدراء الأديان"، وجابر عصفور، وزير الثقافة السابق، يؤكد: "الفكر السلفي وفقه داعش والتشدد الديني وصلوا إلى عقول أبناء النيابة والقضاة في مصر".

فيما يلي شهادات حضور مؤتمر "الأعلى للثقافة" على حبس المثقفين في مصر:

"النمنم": حبس المثقفين "عيب على مصر"

في البداية قال حلمي النمنم وزير الثقافة: "إن مصر تمر بأزمة حقيقية خلال فترة زمنية قصيرة لا تتعدى الشهرين، إذ تم حبس ثلاثة من المبدعين"، مشيرًا إلى أن ما يحدث على طاولة المحاكم من قضايا ضد المثقفين يعد إصرارًا من البعض على تقييد الحرية.

أشار إلى أن الهدف الأساسي لانعقاد المؤتمر لتكون هناك مادة في القانون تسمى "ازدراء الأديان"

وأضاف "النمنم" خلال كلمته بالمؤتمر، إن "حبس المثقفين هو شيء معيب في حقنا كمصريين، لأن الحرية كانت أول مطالب الثورة"، مؤكدًا أنه ضد الحبس في النشر والإبداع.

اقرأ/ي أيضًا: حنة آرندت.. فيلسوفة تفكيك الشمولية

وتابع بأن المثقفين يحاربون منذ التسعينيات من القرن الماضي لإلغاء مواد قانون العقوبات السالبة للحريات وتحارب حرية النشر، ومن العيب بعد ثورتين وجود مادة متعلقة بازدراء الأديان مسلطة ضد الكتّاب".

وأشار إلى أن الهدف الأساسي لانعقاد المؤتمر، هو إمكانية الخروج بتوصيات يمكن رفعها للدولة، مؤكدًا أنه من المعيب في حق الدولة أن يكون هناك مادة في القانون تسمى "ازدراء الأديان".

جابر عصفور: النيابة لا تقل تطرفًا عن تنظيم داعش

وفي كلمته بالمؤتمر، أطلق الدكتور جابر عصفور، وزير الثقافة الأسبق، اتهامات واضحة للقضاء بأنه مخترق من جماعة الإخوان المسلمين ومن السلفيين على السواء، على خلفية الحكم بسجن الروائي أحمد ناجي بتهمة خدش الحياء في كتاباته، معتبرًا أن الخطاب القضائي، ولا سيما الخاص بالنيابة العامة، لا يقل في تشدده وتطرفه عن تنظيم "داعش" الإرهابي.

وذكر "عصفور" من واقع استدعائه للشهادة في قضية "ناجي"، أن القاضي يحكم في ذات القضية من واقع عقيدته، لا بنصوص القانون، إذ حكم واحد منهم ببراءة الروائي، بينما حكم آخر عليه بالحبس.

وأشار "عصفور" إلى الجملة التي قالها الروائي والقاص الراحل "يوسف إدريس" قبل الستينيات، بأن "الحرية الموجودة في العالم العربي كله لا تكفي روائيًا واحدًا"، وقال إن الدولة خلال هذا العهد وقبله، لم تعترف بعد بأن الأدباء والمبدعين ينبغي أن يكونوا أحرارًا، ولم تتعمق في فهمها بعد بأن الحرية ضرورية كالماء والهواء وأنها حق لكل مواطن.

رأى جابر عصفور أن ما يعوق الحرية أمران، الاستبداد السياسي والتعصب الديني

ورأى "عصفور" أن "ما يعوق الحرية أمران، الاستبداد السياسي والتعصب الديني، وعلى الرغم من أن لجنة الخمسين التي كتبت الدستور، نصت صراحة في المادة 68 على أنه لا مساس بالحرية ولا ضرر يحدث لكل الكتاب والمبدعين، لكن القضاء قذف بهذه المادة إلى النسيان، وتعمد القاضي مرتين على الأقل، أن يضرب بها عرض الحائط، لأنه سيتحجج بأن مجلس النواب لم يحولها إلى قانون فاعل ومؤثر، ولهذا حكم القاضي مرة بالأحكام التي هي مضادة للدستور".

وطالت اتهامات التشدد التي أطلقها "عصفور"، رجال النيابة، إذ حكى أن في مرحلة الرئيس الأسبق حسني مبارك، جاءت هوجة الحسبة، وتقدم رجال من السلفيين إلى القضاء بدعوى الحسبة، ولم يكن هناك نص قانوني بتضييق الأمر أو لإلغاء هذه الحسبة، فانتهى مجلس الشعب في ذلك الوقت إلى أن الحسبة يضيق عليها ويكون الأمر في يد النيابة، إذن الآن النيابة هي التي دخل عقول أبنائها التشدد الديني.

نصار: المجتمع المصري فشل في الحفاظ على حريته

أكد الدكتور جابر جاد نصار، رئيس جامعة القاهرة، خلال كلمته، أن الإحساس بالأزمة أمر عظيم؛ لأنه يدفعنا إلى التفكير فنحن أمام مجتمع فشل في الحفاظ على الحرية؛ لأن هناك من باعها وتاجر بها.

وطالب "نصار" الدولة بالحفاظ على الحرية والمثقفين وليس سجنهم، موضحًا أن حرية الإبداع مكفولة، ويجب ألا تُوقع أي عقوبة سالبة للحرية وفقًا لنص الدستور، مشيرًا إلى أن المشكلة ليست في النصوص، وإنما في الوعي المجتمعي الذي يحتضن النصوص، فنحن نعيش أزمة طاحنة كمجتمع ودولة بسبب المنتجات المتطرفة.

اقرأ/ي أيضًا: "نزهة بحزام ناسف".. تركيب الموت شعرًا

حجازي: يجب الاعتراف بأننا لم نتمتع بحرية التعبير يومًا واحدًا

أما الشاعر أحمد عبد المعطي حجازي، فقال إنه لا بد أن نعترف أننا لم نتمتع بحرية التعبير والتفكير يومًا واحدًا، ولكن عرفنا التسامح الفكري وليس التعبير عن الحرية، مضيفًا خلال كلمته في المؤتمر أن "القرآن نص على الحرية في العقيدة فمن شاء يؤمن ومن شاء يكفر ولكن لا أحد يقدم الحرية".

"مكرم": الأزهر ينتج فكرًا داعشيًا.. والدولة المدنية لا تحبس الرأي

بدوره قال الكاتب الصحفي مكرم محمد أحمد، إن حرية التعبير هي أساس كل الحريات وإن لم تكن هناك حرية للتعبير فلا يوجد مجال للكلام، وعلينا إصدار بيان لتكافل جميع الحريات.

وأضاف مكرم محمد أحمد، خلال المؤتمر: "يجب أن نقول إن الدولة المدنية الصحيحة لا تقوم على حبس حرية الرأي والتعبير، وبالتالي علينا أن نكون في غاية اليقظة، ومن الضروري علينا أن نشكل هيئة تنفيذية من هذا المؤتمر لمتابعة تلك القضايا، فالأزهر مثلًا ينتج فكرًا داعشيًا".

فرحات: نطالب البرلمان بمنع الحبس في قضايا النشر

سرد الدكتور محمد نور فرحات بيان "جمعية الرأي والنقد الأدبي" التي أعلنت تضامنها مع كل الكتاب الذين صدرت ضدهم أحكام قضائية.

دعا المؤتمر إلى إعمال وظيفة الحريات الأساسية التي أصدرها الأزهر الشريف في توافقها مع المواثيق الشرعية

وجاء في البيان "ندعو على وجه التحديد قيام البرلمان بمنع الحبس في قضايا النشر، وإعمال وظيفة الحريات الأساسية التي أصدرها الأزهر الشريف في توافقها مع المواثيق الشرعية، ودعوة وسائل الإعلام لاحتكام المتخصصين في مناخ ديمقراطي وتبصير الرأي العام وليس محاربة الرأي، وناشدت السلطة القضائية مراعاة قضايا الرأي العام، ولهذا تعلن الجمعية تضامنها الكامل مع المبدعين والمثقفين الذين صدرت ضدهم أحكام قضائية.

الإسلامبولي: النظام "يزدري" الدستور

قال المستشار عصام الإسلامبولي، إن حرية الرأي هي من أعطتنا الدستور، ويبدو أن النظام الحالي "يزدري" الدستور الذي وضعه المجتمع المصري، والذي لم يطبق حتى الآن.

وأوضح الإسلامبولي، أن الدستور الجديد يختلف في قضايا حرية الرأي والتعبير حيث وضع للمواد قوة إلزامية للتطبيق، وهناك مادة 71 تحمي حرية النشر أيضًا حتى إذا لم يمثل إبداعًا فمجرد النشر يمنع تطبيق عقوبة بالحبس، ويجب تطبيق حرية الرأي والتعبير.

اقرأ/ي أيضًا:

دليل المبتدئين في صناعة الدكتاتور

قاسم مرواني.. نسيج حكائي للعبث