28-نوفمبر-2019

توشك شركة دي لا رو البريطانية لطباعة النقود على الإفلاس (رويترز)

الترا صوت – فريق التحرير

أعلنت شركة دي لا رو البريطانية، إحدى أكبر شركات طباعة الأوراق النقدية وجوازت السفر في العالم، أنها تواجه أزمة مالية قد ينجم عنها إعلان إفلاسها، في حال فشلت خطط الإنقاذ. 

توشك إحدى أكبر شركات العالم في طباعة الأوراق النقدية والجوازات السفر، على الإفلاس، بعد سلسلة من الخسائر التي منيت بها

وقالت الشركة، إنها خلال الأشهر الستة الأخيرة، كانت تحقق خسارات متوالية، زادت على إثرها ديون الشركة، وسط حالة من القلق والغموض الشديد حول إمكانية استمرار أنشطتها.

اقرأ/ي أيضًا: بريكست والإنترنت والفردانية.. القصة الكاملة لانهيار توماس كوك

ديون أعلى من القيمة السوقية

ووصل صافي ديون الشركة البريطانية لـ170 مليون و700 ألف جنيه إسترليني، بزيادة بنسبة 58%، بعدما كانت في النصف الأول من العام الماضي 107 مليون و500 ألف إسترليني.

ووفقًا لرويترز فإن حجم ديون الشركة أعلى من قيمتها السوقية المقدرة بـ133 مليون إسترليني، في أحدث تقييم سجل قبل يومين،بعد أن سجل هبوطًا في قيمتها السوقية بنسبة 20.6%.

هبوط أسهم دي لا رو

وأوضحت الشركة أن التغييرات في جداول الإنتاج التي أثرت على مدفوعات الأرباح والأجور وتراكم المخزون، أدت لتضخيم ديونها، فضلًا عن وجود قرض بقيمة 275 مليون جنيه مستحق دفعه في عام 2021. 

ويوم الثلاثاء الماضي، 26 تشرين الثاني/نوفمبر 2019، سجلت الشركة هبوطًا في قيمتها السوقية لأدنى مستوى منذ عقدين، بنسبة 24%، وذلك بعد إثارة شكوك حول توزيع الأرباح على المساهمين.

وأدى تراجع أسهم الشركة إلى 140 نقطة لخفض 36 مليون جنيه من قيمتها السوقية، بعدما ذكرت في بيانها أنه "ثمة حالة من القلق والغموض الشديد حول إمكانية استمرار الشركة في أنشطتها". ويرى خبراء في هذا الشأن، أن بيان الشركة دفع المستثمرين للشعور بالقلق، لأنه من الممكن أن يؤدي ذلك إلى استمرار انخفاض أسهمها في السوق.

وشركة دي لا رو، هي ثاني كبرى الشركات البريطانية التي تعلن مرورها بأزمة مالية في أقل من شهرين، بعد مجموعة توماس كوك البريطانية عملاق السياحة والسفر عالميًا التي أعلنت إفلاسها رسميًا لفشلها في الحصول على دفعة مالية لا تقل عن 200 مليون جنيه إسترليني، فضلًا عن حاجتها أساسًا لـ900 مليون أخرى لإنقاذها من الانهيار.

انتكاسات مالية كبيرة

وخلال العامين الماضيين، واجهت شركة دي لا رو انتكاسات مالية كبيرة، ظهرت نتائجها في الأشهر الأخيرة، بعد تسجيلها خسارة بنسبة 87% بقيمة تسعة مليون و200 ألف جنيه إسترليني، خلال الستة الأشهر الممتدة من نيسان/أبريل حتى أيلول/سبتمبر من العام الجاري، إذ بدأت أولى انتكاساتها بفقدانها مناقصة الجوازات البريطانية الجديدة، بعد خروج لندن من الاتحاد الأوروبي، لصالح منافستها شركة جيمالتو الفرنسية الهولندية، وذلك في آذار/مارس الماضي.

وبلغت قيمة المناقصة التي خسرتها الشركة 490 مليون جنيه. وقالت دي لا رو في بيانها، إنها "شعرت بالذهول" لقرار وزارة الداخلية البريطانية بمنح المناقصة لشركة جيمالتو، بما أدى لهبوط أسهم دي لا رو بنسبة 6%. 

من جانبها، أرجعت الحكومة البريطانية سبب منحها المناقصة لشركة أخرى، بما سيوفره ذلك على البريطانيين دافعي الضرائب، نحو 120 مليون جنيه، عندما يبدأ سريان مفعول العقد خلال العام الجاري.

أما الانتكاسة الثانية التي تلقتها الشركة قبل حتى أن تتخطى الانتكاسة الأولى، فكانت بإخطار بنك فنزويلا المركزي، فشله في تسديد فواتيره المقدرة بـ18 مليون إسترليني في أيار/مايو الماضي، الذي شهد أيضًا تنحي رئيس التنفيذي مارتن ساذرلاند ورئيس مجلس الإدارة والفريق التنفيذي، بسبب الانتكاسات التي تعرضت لها. إضافة إلى بدء مكتب الاحتيال الخطير، التحقيق في تهم الفساد التي تلاحق الشركة في جنوب السودان.

شركة دي لا رو
يعمل بشركة دي لا رو أكثر من 2500 موظف

ويسود اعتقاد لدى مجلس الإدارة في الشركة، بأن التغييرات التي طرأت خلال الأشهر الماضية، بتعيين كليف فاشر رئيسًا تنفيذيًا جديدًا للشركة، وكذلك مع باقي المناصب الشاغرة بالشركة، وفق مخطط لإعادة هيكلتها مجددًا؛ كان له دور في الانتكاسات المالية التي تعرضت لها، بحسب ما أشارت الشركة في بيانها، حيثُ يرى محللون أن ما تمر به دي لا رو في الوقت الراهن أدى لوجود فرق كبير بين توقعات الأداء مقارنة بالعام الماضي.

ولإنقاذ نفسها من شبح الإفلاس الذي توقعت الشركة أنه سيكون أسوء الاحتمالات، فليس أمامها الآن إلا إعادة التفاوض على شروط قروضها المصرفية، أو مطالبة المساهمين بضخ المزيد من الأموال في الشركة، لتفادي شبح الإفلاس، بالأخص بعد أن أعادت هيكليتها الاقتصادية، بتوقفها عن سداد الأرباح، وخفضها للكلفة الإنتاجية.

أكثر من 200 سنة طباعة

تصنف شركة دي لا رو كواحدة من أقدم الشركات، التي لا تزال نشطة في العالم، بعد مرور أكثر من 200 عام على تأسيسها، فقد تأسست على يد توماس دي لا رو في لندن عام 1813،حيثُ كانت بدايتها بطبع صحيفتي لاميرور وبولوتيك في جزيرة غيرنزي البريطانية قرب الحدود الفرنسية. وتوسع نشاطها لتبدأ بطباعة أوراق القمار في عام 1821، بعد طرحها تصميم خاص بها لأوراق القمار لا يزال معتمدًا حتى اليوم.

كما نشطت الشركة خلال تلك الفترة في طباعة الطوابع البريدية للمقاطعات الخاضعة لنفوذ بريطانيا. وسجلت طباعتها للأوراق النقدية لأول مرة في عام 1860، عندما أصدرت الأوراق النقدية الخاصة بجمهورية موريشيوس، وبعدها بعامين بدأت بتزويد الولايات الفيدرالية الأمريكية بالطابع الوحيد الذي سيكون مطبوعًا خارج الولايات المتحدة.

شركة دي لا رو
مقر شركة دي لا رو في بدايات القرن الـ20

وبحسب ما يذكر الكاتب كلاوس بيندر، كانت الشركة قد استُبعدت من طبع أوراق النقد البريطانية، إلا أثناء فترة الحرب العالمية الأولى. لكن سُمح لها بطبع أوراق الجنيه الإسترليني لكل من إسكتلندا وأيرلندا الشمالية، مشيرًا إلى أنه في فترة الثلاثينات كان الطلب على منتجاتها من المناطق الخاضعة للسيادة البريطانية، خاصة الهند؛ أقوى بكثير، سواء أكانت هذه المنتجات طوابع دمغة وبريد أم أوراق نقد.

وشهدت الشركة نشاطًا متزايدًا في طبع الأوراق المالية خلال الحرب العالمية الثانية، عندما كانت تطبع النقد لدول الكتلة الشرقية التي احتلتها القوات الألمانية، وتسلمها لهم عن طريق سلاح الجو الملكي في أغلب الأحيان. وفي عام 1957 طرحت الشركة في الأسواق أول آلة عد نقود.

في الخمسينات طرحت شركة دي لا رو البريطانية لطباعة النقود، أول آلة عد نقود، وفي عام 1967 قدمت للعالم أول صراف آلي

ثم في عام 1967 قدمت الشركة للعالم أول صرّاف آلي، عندما قام رئيس مجلس الإدارة جون بارون بطرح أول صراف خارج بنك باركليز بمنطقة إينفيلد شمال لندن. وتشير التقارير إلى أن الشركة، التي يعمل بها 2500 موظف، تطبع في الوقت الراهن ثلث إجمالي الأوراق النقدية في العالم، إضافًة لطباعة جوازات السفر لـ40 دولة.

 

اقرأ/ي أيضًا:

توماس كوك ليست الأولى.. أشهر 9 شركات تعرضت للإفلاس

العملات الرقمية.. فقاعة اقتصاديّة أم مستقبل للتداول المالي عالميًا؟