02-فبراير-2018

في إحدى فعاليات الجمعية

دأبت جمعية "الكلمة للثقافة والإعلام" التي يرأسها الشاعر والإعلامي عبد العالي مزغيش في الجزائر، على تنظيم نشاطات ثقافية ساهمت في إضاءة المشهد الثقافي الجزائري، خاصّة تلك التي كرّمت من خلالها الوجوه الثقافية والأدبية والفكرية والإعلامية والسياسية الوازنة على اختلاف مشاربها، مما خلق تقليدًا جديدًا في الجزائر هو احتفاء الجيل الجديد بوجوه الجيل القديم، في ظلّ وجود هوّة كبيرة بين الجيلين.

عام 2016، دعا والي الجزائر العاصمة إلى مقاضاة جميعة الكلمة لتوزيعها كتابًا يشيد بالربيع العربي الذي يثير حساسية السّلطات الجزائرية

تعرّضت الجمعية عام 2016 إلى هزّة كادت تؤدّي إلى حلّها، تمثّلت في إقدام والي الجزائر العاصمة عبد القادر زوخ على مقاضاتها، بتهمة توزيعها لكتاب يشيد بالربيع العربي الذي يثير حساسية شديدة لدى السّلطات الجزائرية. والمقصود به كتاب "فيسبوكيات" للشاعر والإعلامي الجزائري المقيم في الخليج العربي عيّاش يحياوي.

اقرأ/ي أيضًا: مثقفو الجزائر يدينون حلّ جمعية ثقافية

جعلت هذه السّمعة التي اكتسبتها الجمعية من خلال نشاطاتها ومبادراتها الثقافية المتميّزة، قطاعًا واسعًا من المثقفين والإعلاميين يصاب بالدّهشة من إعلانها عن مسابقة شعرية وطنية في مدح المسجد الأعظم المعروف بمسجد الرّئيس بوتفليقة، والذي شرعت شركة صينية في إنجازه عام 2012، ليكون أكبر مسجد في الجزائر وأفريقيا من حيث المساحة الكلّية والثالث عالميًا بعد الحرمين، متسعًا بذلك لـ120.000 مصلّيًا.

بؤرة الدّهشة الدّاعية إلى السّخرية من وجهة نظر المنتج التّلفزيوني محمّد والي أن الأمر يتعلّق بمشروع لم يكتمل بعد، وحامت حول إنجازه شبهات كثيرة، "ولم تتضح أهميته ومدى تفاعله مع رهانات المجتمع الجزائري بعد". يسأل محدّث "ألترا صوت": إن البلاد تتوفّر على 25 ألف مسجد، بينما لا تتوفر على مستشفى للسّرطان. لماذا لم تتفاعل هذه الجمعية الثقافية مع نداء نشطاء لإقامة مستشفى للأطفال المصابين بالسرطان؟ هل دور الشاعر أن يهتمّ برجل يصلّي أم بطفل يموت؟".

وكتب الإعلامي والنّاشط كمال زايدي على صفحته في فيسبوك ساخرًا إنه أنهى قصيدته الشّعرية في مدح المسجد الأعظم، "وقد تطلّب الأمر جهدًا لغويًا فظيعًا، وانزلاقاتٍ دموية في الدلالات والمعنى، وأعد القراء بأن أنشرها في حلقات". من جهته كان القاص والرّوائي محمّد علّاوة حاجّي مباشرًا: "مع احترامي لجمعية "الكلمة"، أجد تنظيم مسابقة لاختيار أجمل قصيدة في وصف جامع الجزائر الأعظم فكرةً سخيفةً جدًّا".

يبدي رئيس الجمعية الشاعر والإعلامي عبد العالي مزغيش استغرابه من حملة السّخرية هذه، "فالمسابقة منافسة أدبية شعرية موجهة للراغبين من الشعراء في المشاركة بنصوص تحتفي بهذا المسجد بصفته معلمًا دينيًا وحضاريًا سيفتح أبوابه في آجال قريبة بعد الانتهاء من إنجازه، والذي سيشكل - بلا شك - منجزًا كبيرًا تفخر به بلادنا و تتميز بكونه سيصبح عنوانًا من عناوينها ومرجعًا من مراجعها".

أصيب الوسط الأدبي في الجزائر بالدّهشة من إعلان مسابقة شعرية وطنية في مدح المسجد الأعظم المعروف بمسجد الرّئيس بوتفليقة

اقرأ/ي أيضًا: الكاتب السوداني عبد الغني كرم الله في الزنزانة

إن ربط مسابقة شعرية عن بيت من بيوت الله، يقول محدّث "الترا صوت"، بتصفية حسابات سياسية مع النظام الجزائري، هو قمة الابتذال في ممارسة المعارضة الكرتونية في فيسبوك، وكان جديرًا بهؤلاء المعارضين التوجّه إلى ممارسة هذه المعارضة في أمور تتعلّق بدنياهم لا بدينهم، ولهم في مواضيع الفساد المالي، الفقر، تراجع الخدمات في المستشفيات مجال خصب لإبراز مواقفهم". يختم: "لماذا لا يكون للجزائر جامع أعظم كما هو الحال في كل الدّول مشرقًا ومغربًا؟".

يذكر أن الحكومة الجزائرية قدّمت مشروع المسجد الأعظم على أنه سيمثل المرجعية الفقهية الوطنية، في مواجهة المرجعيات التي وصفتها بالغريبة عن المجتمع الجزائري، في إشارة منها إلى الفكر الوهابي السّعودي، الذي هيمن على الشّارع الجزائري في السنوات الأخيرة.

 

اقرأ/ي أيضًا:

الضّريبة على الكتاب في الأردن.. غضب الكتّاب والنّاشرين

أحمد رزّاق.. في هموم المسرح الجزائري