14-أكتوبر-2021

شعار "مركز دراسات الوحدة العربية"

أصدر "مركز دراسات الوحدة العربية" في العاصمة اللبنانية بيروت، مطلع تشرين اﻷول/ أكتوبر الجاري، بيانًا يشرح فيه وضعه المالي الصعب في ظل الأزمة الاقتصادية القائمة في لبنان منذ نحو عامين، ويطلب عبره دعم أصدقائه وقرائه إما من خلال طلب منشوراته وتسديد قيمتها بالعملة الصعبة نقدًا، أو حتى عبر تقديم بعض التبرعات النقدية التي قد تمكّنه من تعزيز قدرته على الصمود والاستمرار في ضوء اﻷزمة القائمة. 

تحول اﻷزمة المالية الحرجة التي يمر بها "مركز دراسات الوحدة العربية" دون قدرته على دفع الرواتب الشهرية لفريق العمل لديه

لم يحظ البيان الذي بدا أقرب إلى نداء استغاثة، بالاهتمام المتوقع من قبل وسائل اﻹعلام العربية رغم أهمية ما جاء فيه، حيث أشار، بشكلٍ صريحٍ ومباشر، إلى أن المركز الذي تأسس في منتصف سبعينيات القرن الفائت، يواجه اليوم: "واحدة من أصعب اﻷزمات المالية التي عرفها في السنوات العشر اﻷخيرة"، وهي أزمة أخذت تحول دون: "قدرة المركز على الاستمرار بأنشطته وبرامجه البحثية كالمعتاد، أو على الاستمرار في إصدار الكتب الجديدة، على اﻷقل، على الوتيرة نفسها"، باﻹضافة إلى قدرته أيضًا: "على دفع الرواتب الشهرية لفريق العمل لديه، أو حتى على دفع تكاليف طباعة الكتب، أو إيفاء ما يتراكم عليه من مستحقات مالية لتغطية النفقات الضرورية لسير العمل". 

اقرأ/ي أيضًا: الروائية سالي روني.. لا للترجمة إلى العبرية

وأوضح المركز في بيانه، أنه لا يستطيع الاستمرار دون توفر سيولة نقدية كافية بالعملة الصعبة، خصوصًا وأنه مطالَب: "بسداد مقابل الورق والطباعة والخدمات اﻷخرى بالدولار نقدًا"، وهو أمر غير متاح بسبب اﻹجراءات التعسفية للمصارف اللبنانية التي: "تمارس كل أنواع التضييق والخنق والاقتطاع من أموال المودعين أشخاصًا ومؤسسات، وهي إجراءات تحول دون استعادة هؤلاء المودعين، بمن فيهم المركز، أموالهم بالعملة الصعبة إلا بالتقطير، وبعد اقتطاع نحو 80 بالمئة من قيمتها الفعلية". وأكثر من ذلك، أشار البيان إلى عدم السماح للمركز بالتصرف: "حتى بودائعه بالعملة اللبنانية التي فقدت أكثر من 90 من قيمتها اﻷصلية". 

 

 

أمام هذه اﻷزمة، وفي محاولةٍ منه لتجنب سيناريوهات اﻹغلاق، لجأ "مركز دراسات الوحدة العربية" إلى توفير بعض الموارد المالية من خارج لبنان نقدًا وبالعملة الصعبة، لا سيما تلك التي توفرها له مشاركته في معارض الكتب العربية التي يسعى إلى ضمان حضوره فيها. مع ذلك، وحسب ما جاء في بيانه، جرى حرمانه من: "المشاركة في معرض الكتاب السنوي لدى بعض الدول العربية ﻷسباب غير معروفة"، مما دفعه إلى إصدار بيانه هذا، الذي يطلب فيه من أصدقائه وقرائه دعمه والوقوف إلى جانبه: "لتعزيز قدرته على الصمود والاستمرار في مسيرته العلمية والبحثية المستقلة والموضوعية والملتزمة بقضايا اﻷرض واﻹنسان في مختلف أرجاء الوطن العربي".  

أوضح "مركز دراسات الوحدة العربية" في بيانه أنه لا يستطيع الاستمرار دون توفر سيولة نقدية كافية بالعملة الصعبة

غياب "مركز دراسات الوحدة العربية"، في حال تسببت هذه اﻷزمة بإغلاقه، سيترك بلا شك آثارًا سلبية عديدة على المشهد الثقافي والفكري العربي الذي يعاني أساسًا من قلة مراكز الأبحاث والدراسات، خاصةً وأن المركز، بغض النظر عما آلت إليه أحواله خلال السنوات القليلة اﻷخيرة، يمثِّل أحد أهم التجارب العربية في مجاله، إذ استطاع، في مرحلةٍ معينة جمع أهم الأكاديميين والباحثين والمفكرين والفلاسفة العرب، في مكانٍ واحد. 

اقرأ/ي أيضًا: أرشيفنا الثقافي: زيارة وفد "البرلمان العالمي للكتّاب" إلى فلسطين

ومنذ تأسيسه في منتصف سبعينيات القرن الفائت، تصدى المركز لتغطية ودراسة مختلف المسائل والقضايا المهمة والشائكة في العالم العربي، حيث أصدر في هذا السياق مجموعة من الدوريات المحكمة، مثل "المستقبل العربي" المعنية بشؤون المنطقة العربية وتحولاتها، و"إضافات: المجلة العربية للعلوم الاجتماعية" المتخصصة في العلوم الاجتماعية واﻹنسانية، و"المجلة العربية للعلوم السياسية" المعنية بشؤون السياسة والقضايا الاستراتيجية العربية واﻹقليمية، و"مجلة بحوث اقتصادية" التي تُعنى بشؤون الاقتصاد. ناهيك عن إصداره مئات الكتب اﻷكاديمية التي تناولت مواضيع مختلفة في مجالاتٍ عديدة، منها الاجتماع، والتاريخ، والاقتصاد، والسياسة، واﻷدب، والفلسفة، والتربية، والعلوم. وذلك جنبًا إلى جنب تغطيتها لقضايا شديدة اﻷهمية في المنطقة العربية، ولعل أهمها القضية الفلسطينية. 

 

اقرأ/ي أيضًا:

انطلاق الدورة السادسة من "معرض إسطنبول الدولي للكتاب العربي"

كتاب "المدينة الفلسطينية".. الحياة في خضم التحولات الحضرية