25-يوليو-2018

يدير ضباط أمريكيون وأستراليون الجيش الإماراتي (Getty)

ألترا صوت - فريق التحرير

لا يبدو أن فرق القتال والمرتزقة التي تستخدمها السلطات الإماراتية في مناطق مختلفة من الوطن العربي، مثل اليمن وليبيا، وحتى في المناطق المطلة على البحر الأحمر من أفريقيا، مجرد خطة مؤقتة أو عابرة. فقد تعددت التقارير التي أوردت في الفترة الماضية، استعانة السلطات الإماراتية بقوات أجنبية، ليس فقط من أجل تدريب جيشها أو تشكيل ميليشيات مساندة، ولكن من أجل إدارة الجيش نفسه.

بقدر ما كان تخطيط  المدن والاقتصاد في دولة الإمارات دائمًا مرتبطًا بالخبرات والعمالة الأجنبية، التي تمولها مؤسسات البترودولار، فإن الجيش لا يختلف كثيرًا

وقد كشف موقع "ميدل إيست آي البريطاني" قبل فترة، عن شخصيات أمريكية وأسترالية تدير مواقع حساسة داخل المؤسسة العسكرية الإماراتية. وقد أوضح تقرير الموقع البريطاني، أنه وبقدر ما كان تخطيط  المدن والاقتصاد في دولة الإمارات دائمًا مرتبطًا بالخبرات والعمالة الأجنبية، التي تمولها مؤسسات البترودولار، فإن الجيش لا يختلف كثيرًا.

وبين الموقع أنه وبجانب الحرب على اليمن، "ومع تطلعاتها لأن تصبح قوة مهيمنة بريًا وبحريًا وجويًا في الشرق الأوسط، "إسبارطة الصغيرة" وفقًا لوصف هآرتس الإسررائيلية، فإن الإمارات تميل بشدة إلى الخبرات الأجنبية لقلب وتوجيه جيشها".

ضابط أمريكي يترأس قيادة الطيران المشتركة في الإمارات

وقد أورد "ميدل إيست آي" وبالأسماء، مثله مثل وسائل إعلام دولية أخرى، تفاصيل عن القيادة الجديدة للجيش الإماراتي. "ففي صحراء موهافي بولاية كاليفورنيا في العام الماضي، وقف رجل أمريكي يرتدي خوذة ودروعًا للجسم أمام مجموعة من الجنود الإماراتيين المسلحين، الذين كانوا في الولايات المتحدة لتلقي التدريب العسكري. وقال للكاميرا بلكنة أمريكية واضحة أنا اسمي الجنرال ستيفن أ. توماجان. أنا القائد العام لقيادة الطيران المشتركة في الإمارات العربية المتحدة". لم تكن هذه مزحة، ولم يكن مقلبًا تلفزيونيًا بالتأكيد. فتوماجان وهو ضباط أمريكي سابق، يحظى بهذا المنصب فعلًا، أما عندما يقابل "نظرائه الأمريكيين" فيتم تعريفه، كجنرال في قوة أجنبية.

اقرأ/ي أيضًا: وجه الإمارات المفضوح في اليمن.. حرب على الشرعية وحقوق الإنسان

لا يبدو أن هذا التكنيك الذي يشبه التعاقد مع مدرب أجنبي لفريق كرة القدم الوطني، أمرًا عفويًا، وله تداعيات أكبر، فالتنافس الإماراتي السعودي مع إيران على تدمير اليمن، لا يتحلى في كل الأحوال بأي نوع من الروح الرياضية. حيث إن "القدرة على الاستعانة بمصادر قتال خارجية تنبئ بحرب أكبر في المستقبل. هذا هو الخطير للغاية فيما يتعلق بهذا الموضوع".

ليس توماجان وحده المكلف بمناصب عسكرية حساسة في الإمارات، حيث يتولى الأسترالي مايك هيندمارش قيادة الحرس الرئاسي، الذي ينشط بشكل خاص في اليمن. ويقول خبراء إن هذه الشخصيات تتواصل بشكل شخصي مع الأمراء الإماراتيين، كما يلعبون أدوارًا حساسة، غير معروفة بالضبط، في حروب الإمارات مباشرة أو بالوكالة.

وتوظف شركة إماراتية تحت اسم Knowledge Point عددًا كبيرًا من الضباط الأمريكيين السابقين المكلفين بتدريب وإدارة القوات الإماراتية. وليس هذا النمط من الاعتماد على القوات الأجنبية جديدًا على الإطلاق، كما يوضح الموقع البريطاني، ففي عام 2010، كلف مؤسس شركة بلاك ووتر، إريك برنس، بتأسيس جيش من المرتزقة في الإمارات لمواجهة أي انتفاضات قد تحصل للعمال أو احتجاجات من أجل الديمقراطية.

تنبئ قدرة الإمارات على الاستعانة بمصادر قتال خارجية بحرب أكبر في المستقبل وجرائم أوسع بحق الشعوب العربية

فيما حصل وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس، قبل انضمامه إلى إدارة الرئيس الأمريكي الحالي، دونالد ترامب، على الإذن من سلاح البحرية، للعمل كمستشار عسكري للإمارات في عام 2015. فيما تُتهم أبوظبي أيضًا بإرسال المئات من مرتزقة أمريكا اللاتينية ليحاربوا في اليمن.

وعلى ما يبدو، فإن حجم التدخل العسكري الذي تخوضه الإمارات لا يتلاءم مع عدد سكانها الصغير، حيث إنها وإلى جانب الحرب في اليمن، كانت حسب مصادر تسعى إلى اتخاذ إجراء عسكري ضد قطر، بعد الحصار الذي فرضته مع السعودية والبحرين ومصر عليها في العام الماضي. أما في القرن الأفريقي، فقد أقامت قاعدة في إريتيريا وتخطط لإنشاء قاعدة في صوماليلاند أو "أرض الصومال"، وهي منطقة تتمتع بحكم شبه ذاتي في الصومال، وتوالي بشكل منفصل عن الحكومة المركزية الإمارات، فيما تبنت موقفًا مناصرًا لحصار قطر على عكس مقديشو.

ولدعم طموحاتها العسكرية، فرضت الإمارات خدمة عسكرية إلزامية لمدة عام على الرجال الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و30 عامًا في 2014. وقامت مؤخرًا بتمديد فترة الخدمة العسكرية إلى ستة عشر شهرًا. لكن هذا لم يكن كافيًا.

التحايل على الشرعية الدولية

ويبين الخبراء القانونيون أنه بالإضافة إلى الحاجة العملية مقارنة بالرغبات التوسعية للإمارات، فإن هؤلاء المرتزقة الأجانب الذين يتم ضمهم إلى الجيش، يسهلون عملية التحايل على الشرعية الدولية بشأن ارتكاب الانتهاكات الحقوقية التي تقوم بها الإمارات، إذ إن أدوارهم ليست واضحة ولا محددة.

ويبدو أن القوات الأمريكية تتساهل بشكل منهجي مع السعي الإماراتي لتجنيد أكثر قدر ممكن من العسكريين الأجانب، حيث إنه وبموجب القانون الأمريكي، يمكن أن يفقد المواطن جنسيته إذا عمل كضابط في جيش أجنبي.

وفي مقابلة مع أنتوني لوينستين، وهو صحفي وباحث ومؤلف كتاب "كارثة الرأس مالية"، مع شبكة The Real News Network، يوضح أن سياسات الاستعانة بالمليشيات الأجنبية، تعززت من خلال إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق، جورج دبليو بوش، بعد أحداث 11 أيلول/ سبتمبر بالتحديد، حيث استعانت القوات الأمريكية بجيش ظل أجنبي من أجل فعل ما يمكن التهرب حقوقيًا منه. وهو بالفعل ما تقوم به الإمارات في حروبها، خاصة في اليمن.

ويبين لوينيستن فيما يتعلق بمايك هيندمارش، الذي يقود الحرس الرئاسي الإماراتي وهو جنرال سابق في الجيش الأسترالي خدم في العراق بعد الاحتلال عام 2003، أنه "كان هناك الكثير من التقارير في أستراليا، بلد ولادتي، عن الرجل الذي ذكرته للتو"، مبينًا أن دوره في اليمن غير واضح. لا أحد يعرف تمامًا ما يفعله بالضبط".

اقرأ/ي أيضًا: الإخفاء القسري في الإمارات.. مساواة في التنكيل ضد الجميع!

ويوضح أن التحالف الذي تدعمه الولايات المتحدة بين الإمارات والسعودية وإسرائيل، باعتباره جبهة ضد إيران، يلعب دورًا حاسمًا في جعل هذا التبادل العسكري غير الرسمي بين أبوظبي وواشنطن يسيرًا. ويستشهد لوينيستن بتاريخ جيمس ماتيس، الذي هو من أكثر الشخصيات المرضي عنها داخل المؤسسة الأمريكية في هذه الأيام، والذي يلعب دورًا حاسمًا في إدارة دونالد ترامب. حيث إن دوره كمستشار سابق للإمارات لم يعرضه للانتقادات، بينما يكون العمل لصالح أي جهة معادية مثل روسيا مثلًا، أمرًا كفيلًا بتقويض شرعية أي سياسي أو عسكري أمريكي. وتبين ازدواجية المعايير هذه، الدور الأمريكي في دعم التحايل الإماراتي على القضايا الحقوقية.

إن حجم التدخل العسكري والعبث بمصائر الدول الذي تقوم به الإمارات لا يتلاءم مع عدد سكانها الصغير

ويقارن الباحث المهتم بالسياسات الخارجية الأمريكية، بين الدور الذي لعبه الضباط الأجانب، مثل الأستراليين والبريطانيين، في السجون الإقليمية الأمريكية بعد أحداث أيلول/سبتمبر، مثل سجن غوانتانامو، وبين نفس النزعة الإماراتية. موضحًا أن نفس الأسئلة يجب أن تطرح حول هذه الانتهاكات الحقوقية.

ويبدو أن للإمارات نزعتها وأسبابها الخاصة، حيث تملك خططًا للتدخل العسكري أكبر بكثير من حجمها، لكن مع ذلك، فإن هناك نزعة حسب ما يوضح لوينيستن، نحو خصخصة التدخلات العسكرية الخارجية، كما يحدث فيما يتعلق بالحرب على أفغانستان هذه الأيام. وهو ما يبدو أنه تبلور بشكل واضح، مع تأسيس إريك برينس، القائد السابق في الجيش الأمريكي، وعراب أكبر مؤسسة عسكرية خاصة في الولايات المتحدة والعالم، باسم بلاك ووتر، التي تولت عملية مأسسة ممنهجة للمرتزقة العسكرية، وقد استعانت بها الإمارات بالفعل.

 

اقرأ/ي أيضًا: 

مخلفات الحرب.. آلاف المعاقين في جنوب اليمن

مسؤول أممي: الأزمة الإنسانية في اليمن هي الأسوأ منذ نصف قرن