20-أغسطس-2020

لوحة لـ فاطمة ضيا/ لبنان

نحن مخلوقات العالم القديم

متصالحون مع مشاعر الخوف،

والأدرينالين الحادّ.

مع ثقافة النوم قُرب مضارب الذّئاب،

ومثل الذئابِ، بعينٍ واحدة.

وبعينٍ واحدة

نسهرُ قُرب نيران القلق.

 

نحلمُ بعينٍ واحدة

وبعينٍ واحدة

نحاول

استراق النظر

إلى الغد الأُحجية.

 

نحن مخلوقات العالم القديم

اعتدنا الأحزان الباكرة

كالمقابر البابليّة

وذاكرة الكربلاءِ,

وأضحية الدّماءِ

الباردة,

كالمقصلة.

 

في أفراحنا

نشعرُ برغبةٍ في البكاء

فنبكي من شدّة الفرح

في أتراحنا

نرتدي الأحزان سوداءَ,

لأربعين يوماً

سوداءَ

وكلّ عامٍ نذكرُ الأربعين

اسوداً

لنبكي في حضرة الذكرى.

 

في انتظار الأمل

نبكي

في الانكسار

نبكي

في الاحتضار

وقبل كل انتحارٍ

نودّع العالم

برسائل الاستسلام الحزينة

وبالدّموع.

 

متّصلون بالحزن

بحبلٍ سريِّ، ومعه نشأنا,

وتربطنا به صلةٌ تفوق صلة الأمل

والحبّ

ولهذا نشعرٌ بالحنين

لأحزاننا..

ولهذا ربّما، كنّا دائماً ما نحلمُ بالحزن

لتليق بنا الأغنيات،

نحن قبائل العالم القديم

ونعرف كم جميل هو الفرح,

ولكن الانتصار على حزن العقل الباطن معجزة

 

ولكنّنا وحين نعطفُ في الختام

على حزن المدائن

نتذكّر دائمًا، أنّ لا أحدَ يموت كما تموت بيروت

ولا أحد يرتّب رُكام صباحهِ مسرحًا للحُلم

كبيروت

وبأنها

دائمًا ما خرجت كطيور كركلّا

من تحت دمار المدينة البحريّة

فتاةً

في ثلاثينها العاشب خصبًا

تعتادُ موتها كل عامٍ

وكلّ عامٍ تعودُ

وكأنّ موتًا لم يكن.

فتربّي بيوتها على مَهل الانتظار

ومن جديد

بيوتًا لعلّها تقاوم رصاصات الحرب القادمة

ونيران المدفعيّة المُتقطّعة

والتنفُّس المُتقطّع

والانتماء المُتقطّع

والهرب المُتقطّع

وفراسخ الهزيمة.

 

اقرأ/ي أيضًا:

الظّنُّ في بحثه عن الضّالة

أليس ووكر: حزننا يعيدنا إلى المنزل