13-أكتوبر-2017

محمد عبد النبي

محمد عبد النبي روائي ومترجم مصري، من مواليد 1977. يكتب القصة والرواية، ومن أعماله المنشورة: "وردة للخونة" و"رجوع الشيخ" و"في غرفة العنكبوت". كما ترجم بعض الأعمال الروائية عن الإنجليزية.

ينشط عبد النبي في مجالات الكتابة التلفزيونية والمسرحية والصحافية. أثارت روايته "في غرفة العنكبوت" جدلًا واسعًا. هنا حوار معه كقارئ وكاتب.


  • ما هو آخر كتاب عظيم أتيح لك قرأته؟

مبدئيًا لا أدري ما هو تعريف الكتاب العظيم، لكنّ الكتب الجميلة والممتعة والمفيدة التي اطلعت عليها هذا العام على الأقل كثيرة، أذكرُ منها على وجه الخصوص كتابًا للمرشد الروحي Eckhart Tolle، هو "A New Earth" كان فيه درجة عالية من الكشف والصحو الروحي بالنسبة لي على الأقل.

محمد عبد النبي: الأسباب التي قد تمتعني في كتاب تختلف كثيرًا عن أسباب الرضا والإشباع في كتاب آخر

  • ما الذي يؤثر على خياراتك في اختيار الكتب التي تقرأها عادة؟ هل لتوصيات الأصدقاء أو المراجعات دور في اختيار ما تقرأ؟

التأثيرات عديدة، منها قراءاتي السابقة لهذا الكاتب أو ذاك، ومنها احتياجات اللحظة الراهنة إن كنت أعمل على موضوع ما أو أحتاج للتعرّف على عالمٍ ما، ومنها طبعًا توصيات الآخرين ومراجعات الصحف والإصدارات الثقافية، أحيانًا أقرأ عن كتاب فأشعر بأن هذا الكتاب يستحق الاقتناء والقراءة، وأحيانًا مجرد قراءة المراجعة الصحفية تكون كافية لأن أصرف نظر عنه تمامًا.

اقرأ/ي أيضًا: محمد عبد النبي.. أن تكتب الخرس

  • كيف تصف لنا تلك الرواية/الكتابة العربية المعاصرة التي تحقق لك متعة ورضًا بالغين عند قراءتها؟

الحقيقة لا أستطيع أن أصفها من الأساس، لأنَّ المتعة – مِن ناحية – لا تُقال، وهو دور النقّاد وليس دوري كقارئ، رغم أنّ بعضهم يفسد المتعة بكتاباته أحيانًا. ومن ناحية أخرى لأن المتعة ومصادرها متجددة على الدوام، كالحياة تمامًا، فالأسباب التي قد تمتعني في كتاب تختلف كثيرًا عن أسباب الرضا والإشباع في كتاب آخر. أنتظر من كل كتاب أدبي مهم أن يفتح أمامي نافذة، أطل منها على العالَم وعلى نفسي في الوقت ذاته، وأعرف أنه مطلب عسير، وغالبًا ما تطل النافذة على زقاق صغير معتم، ولكن حتّى هذا يكون كافيًا في بعض الأحيان.

  • ما الكتب التي قد يتفاجأ قرّاؤك بالعثور عليها في مكتبتك؟

قد يندهش البعض – أو لا يندهش، لا أدري – إذا وجد عندي كتب تنتمي إلى النوع المعروف بكتب التنمية البشرية ومساعدة الذات، أو كتب عن اليوجا والتأمّل، أو كتب عن نظام غذائي  لتنظيف الكبد وما إلى ذلك. تعلّمتُ مع الوقت ألّا أتعالى على هذه النوعية من الكتب، وأن أنتفع بها باعتبارها أدلة إرشادية لاستعمال جهازٍ ما، آخذ منها ما ينفعني وأترك ما لا ينفعني. وربما تنبعث المفاجأة من عدد كتب السيرة الذاتية الكبير عندي، وأغلبه يحكي عن حياة فنانين وممثلين ومطربين، وليس بالضرورة أن يكون عن كتّاب أو فلاسفة.

  • رواية "في غرفة العنكبوت" ما زالت بعيدة عن يد "الرقيب" ولم تلق- للآن على الأقل- المصير الذي لاقته بعض الروايات العربية التي تناولت قضية مثيرة للجدل في الوسط العربي كالمثلية الجنسية، بل بالعكس لقيت صدى إيجابيًا واسعًا حتى الآن. هل للأمر علاقة بأسلوب "حكايتك" وشخصية هاني النرجسية والمكبوتة في الرواية؟   

هذا سؤال معقّد ومُربك، ربما يتعلّق الأمر فقط بحُسْن الحظ، لا أكثر ولا أقل. أفضّل الآن، بعد مرور أكثر من سنة على نشر الرواية أن أنساها وأن أتجنب الحديث عنها بقدر الإمكان، كما أفضّل أن يجيب عن هذا السؤال آخرون غيري من قراء أو نقّاد.

  • شهدت مصر مؤخرًا "مسرحية" ضخمة مناهضة للمثلية الجنسية وحملات قمع واعتقالات واسعة، فهل ترى أن حالة "الخرس" كما صار مع هاني في الرواية ستظل مسيطرة على المشهد الأدبي والروائي عربيًا، ولاسيما مع أخبار عن مصادرة روايات تناولت قضية المثلية الجنسية مثل "جريمة في رام الله" وملاحقة كاتبها عباد يحيى؟

لا أرى حالة من "الخرس" بدليل الروايات التي "تتحدّث" عن موضوعات شائكة مثل المثلية، ربما تكون حالة من "محاولات الإخراس"، وهذه هي طبيعة الأمور على الدوام، معارك متوالية على مستويات عديدة، وكل معركة لا نتيجة نهائية لها، فلا نصر ولا هزيمة، بقدر ما هي حلقة في سلسلة طويلة وممتدة، بُغيتها النهائية تحقيق كمال الوضع الإنساني المثالي، وهو طموح مستحيل طبعًا، لكن المسيرة ذاتها هي الجديرة بالتعب، والخطوات ذاتها هي الممكنة.

محمد عبد النبي: لو كنت وجدت تلك الرواية التي تشبعني من هذه الناحية لما فكرت في كتابة "في غرفة العنكبوت"

  • من هنا أود أن أسألك عن رأيك في الروايات التي بحثت قضية المثلية الجنسية في المجتمع العربي، وهل نجحت أي منها في التأثير بك؟

ربما لو كنت وجدت تلك الرواية التي تشبعني من هذه الناحية لما فكرت في كتابة "في غرفة العنكبوت" من الأساس، فعلى قول توني موريسون – على ما أذكر – إننا نكتب الرواية التي نودّ قراءتها ولا نجدها على أرفف المكتبات. ربما بعض الأعمال غير العربية، كتابات وأفلام روائية ووثائقية هي ما ترك أثرًا أهم عليَّ في مراحل التحضير للرواية، أذكر منها هُنا عالَم الكاتب الفرنسي جان جينيه، وفيلم Brokeback Mountain  على سبيل المثال فقط.

اقرأ/ي أيضًا: رواية "أورشليم".. تاريخ الرعب الإنساني

هنالك أخبار بأن روايتك قد ترجمت إلى الإنجليزية وأنها في طريقها إلى النشر؟ كيف تتوقع أن يستقبل القارئ الأجنبي روايتك؟

صحيح، تمت الترجمة الأولية لكن العملية قد تستغرق شهورًا أخرى حتى يظهر العمل ككتاب في السوق، ولا أعرف كيف يمكن أن يستقبله القارئ هناك، ولا كنتُ أعرف أصلًا كيف قد يستقبله القارئ العربي، أنت تطرق الباب ولا تعرف ماذا ينتظرك وراءه، ما أتمناه – كما تمنيتُ عند كتابتها في مبدأ الأمر – ألّا يتم تلقيها كرواية موضوع، موضوع شائك يعني، والنظر إليها بعدسة سياحية تهوى الاطلاع على خفايا المجتمع المصري في هذا السياق، بقدر ما تُقرأ كرواية أي كعمل فني، بصرف النظر عن أهمية أو دقّة موضوعها، فهي ليست بحثًا أنثروبولوجيًا في نهاية الأمر.

 

اقرأ/ي أيضًا:

لماذا عليك الآن قراءة رواية "أسوار" لمحمد البساطي؟

كازو إيشيغورو: الأفكار أهم من القوالب التي تكتب من خلالها