يعاني السوريون تبعات الانهيار الاقتصادي المتمثل بمشهديات الحياة اليومية لطوابير الحصول على رغيف خبز أو تنكة بنزين أو جرة من الغاز. في الوقت الذي ينشغل فيه النظام السوري بافتتاح متحف في مدينة اللاذقية لعرض مقتنيات باسل الأسد، الابن الأكبر للرئيس السوري السابق حافظ الأسد، وشقيق الرئيس الحالي بشار الأسد.

يشكل عرض جزمة باسل الأسد في متحف  رسالة ترمز إلى تذكير الشعب السوري بسياسة الدعس على الرؤوس واستمرارها

فما هي الغاية من إنشاء هكذا متحف، أخذًا بالاعتبار أن تدشين  المتاحف عادة  ما يجري للشخصيات الفارقة والنوابغ من أصحاب سجلات حافلة في خدمة الإنسانية. لكن أن يفتتح متحف باسم ديكتاتور، إنجازه الوحيد بيولوجي الطابع، كونه ابن طاغية وشقيق طاغية. في زمن تولي شقيق صاحب المتحف منصب الرئاسة يبدو أن هذه الخطوة تعبر عن رسالة واضحة إلى الشعب السوري وإلى العالم عن استمرار رفض النظام للمفاوضة والتطلع إلى مطالب الشعب السوري والحق في الانتقال إلى الديمقراطية.

اقرأ/ي أيضًا: "باسل الأسد".. الاسم الدائم لفرق سوريا الرياضية!

إن عرض جزمة باسل الأسد في متحف هو رسالة ترمز إلى تذكير الشعب السوري بسياسة الدعس على الرؤوس واستمرارها. كما هو ورسالة مفادها استمرار عائلة الأسد في الحكم دون أي إنجازات تذكر سوى تهجير الملايين من أرضهم وحشرهم في المخيمات وفي بلاد الاغتراب. 

افتتح المتحف في 17 تشرين الثاني/نوفمبر 2020، من قبل الاتحاد الرياضي العام التابع للنظام السوري، في مدينة الأسد الرياضية بمدينة اللاذقية. أما عنوان المتحف فهو "متحف الشهيد الفارس الذهبي باسل الأسد"، ومساحته الداخلية تبلغ 350 مترًا مربعًا، كما يتضمن الموقع العام مجموعة من الحدائق بمساحة 8 آلاف متر مربع وقدرت تكلفته بعشرات الملايين من الدولارات.

ويضم المتحف أكثر من 60 صورة وكأسًا وميدالية. إضافة إلى لباس الفروسية والسروج الخاصة بالخيول والصور الشخصية لباسل الأسد، ويضم المعرض أحذية باسل الأسد موضوعة في فيترينة زجاجية وجميع مقتنياته عبر مراحل حياته الشخصية كاملة منذ ولادته وحتى موته في حادثة سير على طريق دمشق في العام 1994.

اقرأ/ي أيضًا: فيلم "الاعتراف".. الخلطة التي يفضلها النظام السوري

في حين ذكرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان أن حكومة النظام السوري بهذا الافتتاح أنفقت ملايين الدولارات في سبيل ترسيخ حكم العائلة عبر افتتاح متحف لباسل الأسد. في الوقت الذي يسيطر غلاء المعيشة وتفاقم الارتفاع المستمر في أسعار المواد الأساسية على حياة السوريين. بينما يعيش أكثر من 80% من السوريين في الداخل السوري تحت خط الفقر بحسب إحصائيات الأمم المتحدة. غير أن النظام لا يكترث ولو مات عشرات الآلاف بسبب فيروس كوفيد-19، أو بسبب الجوع أو بسبب التعذيب والبطش من قبل أجهزته الأمنية.

وفي تصريحات أشبه ما تكون بالساخرة قال أمين فرع حزب البعث في محافظة اللاذقية هيثم إسماعيل أن افتتاح المتحف "رسالة للعالم بأن سوريا بلد محبة وسلام"، وفي تصريح لمحافظ اللاذقية إبراهيم السالم قال أن افتتاح متحف "حكاية شعب ووطن وطالب مدرسة وجامعة وفارس ورياضي ومظلي وضابط ومهندس". وعرض خلال الافتتاح فيلم وثائقي عن حياة "الفارس الذهبي" منذ بداية حياته وإنجازاته.

 

أثارت المسألة حالة من الأخذ والرد بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي إذ سأل أحدهم في الفيسبوك: "ماذا فعل باسل الأسد حتى يقام له متحف؟ ماذا قدم لسوريا؟ عادة تقام المتاحف للقطع الأثرية أو للشعراء والكتاب والفنانين أو حتى متاحف للشمع، لكن أن يقام متحف لسرج الفرس الذي كان يركبه باسل الأسد فهذه قصة إهانة للشعب السوري". وأضاف أخر: "يجب إضافة كلسون باسل الأسد إلى مقتنيات المتحف".

 

وفي منشور أخر ساخر على فيسبوك كتب أحدهم: "متحف باسل الأسد، قسم الصبابيط والشحاطات، تحف فنية عظيمة بملايين الدولارات". وأضاف "وزراء الدولة في سوريا كانوا عم يتمسحوا بالصبابيط ويمسحوا جسمن ويتباركوا من هالتحف الثمينة". وأشار أخرون إلى أنه كان من الأجدى افتتاح معرض لمن سجنهم باسل الأسد بسبب غيرته منهم أمثال الفارس عصام القصار الذي سجن طيلة 21 عامًا في سجون الأسد".

وسخر منشور آخر بالقول "متحف الكراكيب والأحذية في بلد لا يستطيع الموظف شراء حذاء لأطفاله!". وشبه آخرون المتحف بأنه عبادة وثنية وثقافية. فهذا حال "سوريا الأسد" التي أبيد ويباد فيها الإنسان السوري يوميًا بينما تجد الأحذية مكانًا على مسطرة التأريخ الرسمي التي يخطها النظام. 

 

 

اقرأ/ي أيضًا:

شيفرة حافظ الأسد

حذف منشورات نعي الساروت.. فيسبوك يحارب "حارس الثورة السورية"