31-ديسمبر-2015

تلاميذ تعز يدرسون بأحد المراكز التعليمية(الترا صوت)

في الحرب تمتلئ الشوارع والأزقة بعبوات الرصاص وكبسولات الغاز وشظايا القذائف والألغام لكن أن تمتلئ أطفالًا فهذا غير مألوف إلا في تعز، جنوب غرب اليمن. أطفال ومراهقون خرجوا بحثًا عن الخبز والماء منذ الصباح الباكر. لم يخرجوا للاتجاه صوب المدرسة بعد أن احتضنت مدارسهم جثثًا وقذائف. فالحصار المفروض منع وصول المساعدات الغذائية ورفع أسعار المياه الصالحة للشرب والقصف استهدف جميع المدارس في المدينة والقرى المحيطة بها ما أنتج أكثر من نصف مليون تلميذ وتلميذة دون تعليم نظامي هذا العام في محافظة تعز.

أدى القصف إلى تدمير جميع المدارس في تعز والقرى المحيطة بها مما أنتج أكثر من نصف مليون تلميذ وتلميذة دون تعليم نظامي هذا العام

تشتكي ثريا محمد، تلميذة العشر سنوات، من الوحدة وطول وقت الفراغ الذي كانت تخصصه للمدرسة ورفقة أصدقائها. تقول ثريا لـ"الترا صوت": "أحلم أن أواصل دراستي وأنتقل إلى الصف الخامس، هذا إحساس جميل يشعرني أني كبرت. لم يعد لدي واجبات مدرسية أو صديقات كثر ولا أدري شيئًا عن صديقاتي بسبب الحرب". وتضيف: "كل ما أتمناه أن يتوقف كل هذا ويعود كل شيء كما كان".


هدمت معظم مدارس تعز(الترا صوت)

في ظل ارتفاع سعر الماء الصالح للشرب، يقضي الكثير من الشباب والأطفال يومهم بحثًا عن ماء مجاني، فظروفهم المالية لم تمكنهم من شرائه، الطفل حسام عثمان، أحد أبناء مدينة تعز، كان من المقرر أن ينتقل إلى الصف الثالث الابتدائي لولا الحرب التي أبعدته عن درسه وأنهكته في البحث لساعات طويلة عن القليل من المياه الصالحة للشرب. يقول حسام لـ"الترا صوت": "أعرف أهمية أن يصبح المرء متعلمًا لكن حاجة أسرتي للماء والأكل أهم الآن. كما أحضر بعض الدروس في أحد المراكز التي أقيمت مؤخرًا بشكل تطوعي لكن التعليم النظامي متوقف إلى الآن".

وتعز هي العاصمة الثقافية لليمن، وهي من أكثر المحافظات اليمنية حظًا في التعليم، غير أن الحرب حرمت الطلاب من هذا الحق، ما دفع اثنا عشر منظمة نسائية بالمحافظة، في إطار ما يعرف بـ"تكتل المبادرات النسائية" إلى إنشاء خمسة وعشرين مركزًا تعليميًا لتعليم القراءة والكتابة في شتى المديريات في المحافظة، واعتمدوا في مبادرتهم على بعض المدارس التي لم تهدم بالكامل وبعض المنازل والمساجد.

أنشأ "تكتل المبادرات النسائية بتعز" حوالي خمسة وعشرين مركزًا تعليميًا لتعليم القراءة والكتابة في شتى المديريات في المحافظة أملًا في تعويض التعليم الحكومي

تحدثت الناشطة حياة الذبحاني، وهي عضوة تكتل المبادرات النسائية، لـ"الترا صوت": "تعز هي المحافظة اليمنية الوحيدة دون تعليم نظامي منذ حوالي العام، لذلك انطلقت هذه المبادرة، أملًا في استمرار العملية التعليمية ولإيقاف زحف وتوسع الأمية في المحافظة". وتضيف: "استهدفنا الأطفال بشكل خاص ونسقنا مع بعض أولياء الأمور لتحويل منازلهم إلى فصول للتدريس، وقمنا بتوفير الكتاب المدرسي لآلاف الطلاب الذين يحضرون الدروس، رغم معاناتهم في قطع المسافات تحت القصف المتواصل".

من جهته، أوضح الدكتور عبدالحميد سيف، مدير جمعية معاذ الراعية لمشروع "الفصل الإبداعي" الداعم لهذه المبادرات النسائية: "استشعرنا في ظل الحرب التي تلتهم مدينة تعز منذ أكثر من تسعة أشهر أن هناك فجوة معرفية وسلوكية لدى الطلاب والطالبات فتوجهنا إلى إنشاء مراكز تعليمية تحت شعار "عودة آمنة للتعليم"، والتي تهدف الى إحداث حراك تعليمي في المجتمع لردم هذه الفجوة المعرفية والسلوكية التي ربما تتطور وتتسع في ظل استمرار الحرب". وأشار عبد الحميد إلى "وجود برامج فعالة في الدعم النفسي والاجتماعي لمعالجة بعض الاضطرابات النفسية التي أوجدتها الحرب والتي أصابت صدماتها النفسية الأطفال وبعض الأسر أيضًا".


"الفصل الإبداعي" أحد مشاريع تكتل المبادرات النسائية في تعز (الترا صوت)

أما الناشطة إبتهال الاغبري، التي تعمل في "تكتل المبادرات النسائية" المنفذة لـ"مشروع الفصل الإبداعي" فترى:"آلاف الطلاب الذين شردوا ونزحوا من مناطقهم وقراهم يشعرون بالألم والحزن لأنهم لم يلتحقوا بالتعليم، هم أيضًا يشعرون بالرعب والخوف من الحرب، ما دفعنا إلى فتح خمسة وعشرين مركزًا تعليميًا وتنمويًا، فالهدف رسالة تعليمية متكاملة وإبعاد الأطفال عن أجواء الحرب والخوف وقامت أكثر من اثني عشر منظمة بالعمل على توفير اللوازم المدرسية".

ورغم تعدد الأصوات المنادية بإعادة التعليم إلى مديريات محافظة تعز، تنفي الحكومة اليمنية توقف التعليم النظامي أصلًا وتقلل من أهمية هذه المبادرات. "التعليم النظامي متواصل في تعز"، كررها مرارًا الدكتور عبدالله الحامدي نائب وزير التربية والتعليم في اليمن لـ"الترا صوت". وأوضح: "في مدينة تعز كما في بقية المحافظات اليمنية الأخرى يواصل الطلاب دراستهم يوميًا وبانتظام ووفق الخطة المرسومة من قبل وزارة التربية والتعليم اليمنية، التحق هذه السنة آلاف الطلاب بالمدارس وحتى النازحين أوجدت لهم الوزارة حلًا".

اقرأ/ي أيضًا: 

في اليمن.. الكتب المدرسية في السوق السوداء!

غموض يكتنف مصير طلاب اليمن في الخارج