29-مارس-2018

أبي أحمد رئيس الوزراء الإثيوبي الجديد يبلغ من العمر 42 عامًا (OBN)

بمجرد إعلان أبي أحمد علي رئيسًا لوزراء إثيوبيا خلفًا لهايلي مريام ديسالين، إلا وثار جدل واسع بشأن ديانته وصغر سنه بالمقارنة مع الحُكام الأفارقة، والأثر المباشر لتنامي قوة إثنية الأورومو ذات الأغلبية المسلمة التي ينتمي إليها. 

يعد أبي أحمد علي أول رئيس وزراء إثيوبي من شعب الأورومو الذي قاد احتجاجات واسعة على مدار السنوات الأخيرة

كما طرحت التساؤلات حول ما إذا كان أبي أحمد علي سينتهج هرم السلطة التنفيذية الجديد، سياسة مغايرة بخصوص سد النهضة والأوضاع في الصومال وحرب النفوذ في البحر الأحمر عمومًا، أم سينكفئ على معالجة الأوضاع الداخلية التي أطاحت بسلفه؟

اقرأ/ي أيضًا: استقالات القادة والحكام.. رمال متحركة تنذر بالربيع الأفريقي

لم يكن صعود أبي أحمد علي أمراً هينًا في دولة معقدة التركيب وذات كثافة سكانية عالية، فقد تأخر إعلانه كثيرًا بعد استقالة ديسالين في شباط/فبراير الماضي، نتيجة لاضطرابات غير مسبوقة اجتاحات البلاد لدرجة إعلان حالة الطوائ، مع إشهار لافتات تنادي بالتنمية والعدالة في توزيع الثروة والسلطة.

وقد وكان للأورومو -أكبر إثنية قومية في البلاد- فضل السبق في إثارة تلك المطالب، الأمر الذي حدا بالحزب الحاكم إلى إنهاء سطوة إثنية التغراي نسبيًا، الممتدة منذ بداية حكم الائتلاف قبل 27 عامًا.

 أبي أحمد علي المولود في منطقة أغارو بمدينة جيما بإقليم الأورومو، لم يتجاوز عمره 42 عامًا، ويجيد التحدث بثلاث لغات، وهو من أب مسلم وأم مسيحية، لكن التأثير الغالب عليه كان لأمه كما يبدو، وفقًا لحسن مكي المدير الأسبق لجامعة أفريقيا، والخبير في قضايا القرن الأفريقي.

وقال حسن مكي لـ"ألترا صوت"، إن أبي أحمد علي مسيحي بروتستانتي، وليس مسلمًا كما أشيع ونشرت بعض وسائل الإعلام، مُوضحًا أن ديانته "أبدًا لم تكن محل خلاف في إثيوبيا، ذات الدستور العلماني"، فمحل الخلاف الأبرز هو قضية تمكين الأورومو من السلطة. 

وأشار مكي أيضًا إلى أنّ "ما يهم في أبي أحمد علي هو خلفيته المخابراتية"، وقد خدم أبي أحمد علي ضمن قوات الجيش الإثيوبي وشارك في مهام قتالية خارجية. كما عادة للتأكيد على أهمية فكرة انتمائه لأكبر عرقية في البلاد، وهي الأورومو، التي قادت الاحتجاجات المناهضة للحكومة على مدار السنوات الثلاث الماضية. 

قاد شعب الأورومو احتجاجات واسعة ضد الحكومة على مدار السنوات الثلاث الأخيرة (رويترز)
قاد شعب الأورومو احتجاجات واسعة ضد الحكومة على مدار السنوات الثلاث الأخيرة (رويترز)

ولا يستبعد حسن مكي أن ينعكس تولي أبي أحمد علي منصب رئاسة الحكومة، على السياسة الخارجية بتغيرات طفيفة، وعلى المستوى الداخلية بتغيرات كبيرة.

ثم يقول مكي: "التغيير الحقيقي قادم"، دون أن يكشف صراحة عنه، لكنه يضيف: "أهم شخصية في إثيوبيا الآن هو رئيس هيئة الأركان سامورا يونس محمد، وهو مسلم، وفي موقع حساس". وبصعود أبي أحمد تكون قد تضعضعت شوكة التغراي، على الأقل ظاهريًا.

قد تمثل التجربة العسكرية لأبي أحمد، إحدى نقاط القوة، خاصة لدى المؤسسة العسكرية التي تتولى الآن إدارة حالة الطوارئ في البلاد

وبينما يرى بعض المراقبين أن التجربة العسكرية لأبي أحمد علي خاصة فى مجال الاستخبارات والمعلومات، ستمثل إحدى نقاط قوته داخل المؤسسة العسكرية، التي تتولى الآن إدارة حالة الطوارئ فى البلاد، بجانب الالتزام الكبير لأي رئيس وزراء برأي المؤسسات وعلى رأسها المؤسسة العسكرية، إذ تتوافق جميعها فيما يخص مصالح أثيوبيا العليا؛ تذهب أصوات أخرى إلى أن حكومة أبي أحمد سوف تأخذ بعض نقاط تقصير الحكومات السابقة بعين الاعتبار، فيما يخص الأوضاع الداخلية والعلاقة المتأزمة مع الجوار، والتدخل في الصومال وإدارة التفاوض بشأن سد النهضة.

اقرأ/ي أيضًا: أزمة جيوسياسية كبيرة حول السيطرة على النهر العظيم

وأشارت الأصوات إلى أن تماسك الجبهة الداخلية قد يُمكّن الحكومة من تقوية تحالفاتها الخارجية، والوصول إلى موانئ البحر الأحمر لإنقاذ إثيوبيا من العزلة، سواء كان ذلك عبر الصومال وجيبوتي أو إريتريا، وهو نفسه السبب الذي جعل أديس أبابا تدخل في شراكة مع شركة موانئ دبي في الصومال، قبل رفض البرلمان الصومالي لتلك الشركة بالأساس، واعتبار أنها "تعدٍّ سافر على سيادة الدولة". 

ولرئيس الوزراء الجديد أبي أحمد علي سابقة في إطفاء نيران الصراع الطائفي في إثيوبيا، فبعد انتخابه عضوًا بالبرلمان الإثيوبي عن دائرته أغارو، بمنطقة جيما في إقليم الأورومو، عام 2010، وخلال فترة خدمته البرلمانية؛ شهدت منطقة جيما بعض المواجهات الطائفية بين المسلمين والمسيحيين، وتحول بعضها إلى عنف دموي، ليسفر عن خسائر في الأرواح والممتلكات، ما اضطر أبي أحمد علي إلى الاستعانة بالمؤسسات ورجال الدين لإخماد الفتنة الناجمة عن تلك الأحداث وتحقيق مصالحة تاريخية في المنطقة، كان هو بطلها.  

ويرى الصحفي السوداني المهتم بالشأن الأفريقي، عبدالمنعم أبو إدريس، أن أبرز التحديات التي سوف تواجه أبي أحمد علي، هي "تحقيق الاستقرار بحل الإشكالات التي أدت إلى اندلاع الاحتجاجات في إقليم أورومو"، وكذلك "المحافظة على علاقات إثيوبيا الخارجية إقليميًا وعلى مستوى العالم، أن تظل متوازنة".

وفيما يخص الجدل حول ديانته، أشار أبو إدريس في تدوينة على صفحته بفيسبوك، إلى أن أبي أحمد علي انتُخب رئيسًا للوزراء من خلال تحالف فيه تعدد ديني وإثني، "ما يجعل أمر ديانته لا يعني شيئًا فيما ينتظره من تحديات".

ومن جهة العلاقات الخارجية الإقليمية، ففي حين يثير التقارب بين الحكومة المصرية ودولة جنوب السودان حفيظة السودان الشمالي وإثيوبيا، فقد مرت العلاقة بين جوبا وأديس أبابا بمنعطفات شديدة خلال السنوات الماضية، بسبب اتهمات لسلفاكير ميادريت رئيس دولة جنوب السودان، بدعم المعارضة الإثيوبية والسودانية معًا، هذا إلى جانب قضية المفاوضات المتعثرة حول سد النهضة.

تم انتخاب أبي أحمد علي رئيسًا للوزراء من خلال تحالف فيه تعدد ديني وإثني، ما يجعل أمر ديانته لا يعني شيئًا فيما ينتظره من تحديات

والغريب في الأمر، أنه لم يصدر أي تعليق من قِبل الحكومة المصرية أو السودانية بانتخاب أبي أحمد علي رئيسًا لوزراء إثيوبيا، وذلك التأخر في الترحيب، يرسل أكثر من علامة استفهام.  

 

اقرأ/ي أيضًا:

مصر والسودان.. آفاق النزاع الكبير حول كيفية التعامل مع سد النهضة

سواكن السودانية.. محطة جديدة لحروب الإمارات لاستعمار موانئ البحر الأحمر