28-يوليو-2019

الاستماع للجسد هو الإستراتيجية الأفضل للتوفيق بين الغذاء والتمارين (Getty)

الترا صوت - فريق الترجمة

"ما الذي يُؤكل قبل وبعد التمارين الرياضية؟"، هو سؤال متكرر، خاصة بين الذين بدأوا لتوهم ممارسة التمارين الرياضية. في السطور التالية، المنقولة بتصرف عن صحيفة واشنطن بوست، نصائح عددٍ من خبراء التغذية والرياضة في هذا الشأن.

كل جسمٍ يختلف في خصائصه عن الآخر فلا بد من التنبه إلى الإشارات التي تصدر من جسمك إذا ما أردت الحفاظ على صحتك


اعتدت أن أبدأ يومي بالتمرن مع صديقةٍ لي في الصباح الباكر، وقبل أن نلتقي كل يوم قبيل مطلع الفجر، أحبّ أن أشرب بعض الشاي الأخضر، أما هي فتحضر معها قطعتي خبر محمص وتدهن عليهما شيئًا من زبدة الفول السوداني. والسؤال هو: من منا، أنا أم صديقتي، نختار الأفضل لنعدّ أجسادنا لبدء التمرين؟

اقرأ/ي أيضًا: ماذا تأكل قبل وأثناء وبعد التمارين الرياضية؟

اكتشفت، وقت دراستي للكيفية التي يعمل بها الجسم في استهلاكه وتحويله الطعام إلى طاقة للقيام بوظائفه المختلفة، أن الموافقة بين توقيت تناول الغذاء والتمرين نفسه هو أمرٌ في غاية الأهمية، ويختلف بناءً على ما تأمل الحصول عليه من تمرينك، فهل تريد أن يعطيك جسمك أفضل أداءٍ ممكن؟ أم ربما تسعى إلى إصلاح أنسجتك وتريد فقط الخيارات الغذائية التي تساعدك على إعلاء كفاءة هذه العملية بأفضل صورة ممكنة؟ وربما كل ما تريده هو الحفاظ على صحتك العامة لا أكثر.

التمارين الرياضية

تعلّمت أيضًا أن كل جسمٍ يختلف في خصائصه عن الآخر، وأنه لا بد عليك من التنبه إلى الإشارات التي تصدر من جسمك إذا ما أردت الحفاظ على صحتك.

كلمة السر في الطاقة

طيب، ماذا الآن؟ هل ألتفت إلى النصائح التي يعطيني إياها العلم، بأن آكل البروتين والكربوهيدرات وبعض الدهون قبل 90 دقيقةً على الأقل من بدئي بالجري؟ أم أنني سأكون أفضل حالًا لو استمعت إلى جسمي الذي يرجوني أن ننام خمس دقائق إضافية، وأن أتلذّذ بطعم الشاي وأؤجّل تناول الطعام إلى ما بعد التمرين؟

كان عليّ أن أنقّب أكثر فيما يخبرنا إياه العلم حول ما علينا، ومتى علينا، أن نأكل كي نُعدّ أجسامنا للتمرين، ولهذا تحدّثت إلى خبيرين اثنين، هما: باربرا ليوين، أحد أشهر وأبرز المختصين الغذائيين الرياضيين على مستوى العالم، والتي عملت مع عددٍ كبيرٍ من الرياضيين لتحسين صحتهم ورفع سوية أداءهم لما يزيد عن الثلاثة عقود. 

وتحدثت مع جي برون، المدرّب الشخصي، الذي يعمل أيضًا مع عددٍ من الفرق الرياضية في العاصمة الأمريكية واشنطن، وهو أيضًا مالك مركز تايدل إيليت للأداء الرياضي في منطقة نورثويست في العاصمة الأمريكية.

تحدّثت أولًا إلى براون الذي أخبرني بكل بساطة أن "الطعام هو الطاقة، فإذا كنت تميل إلى تناول شيءٍ قبل التمرين، فعليك أن تختار ما يعطي جسمك المواد الغذائية التي يمكن استهلاكها والاستفادة منها بسرعة".

والسرّ هنا يكمن في كلمة "الاستفادة"، فصحيحٌ أنك تستطيع أن تأكل أي طعامٍ يمنح جسمك طاقة بفضل السعرات الحرارية التي يحتويها، لكن لا تنسَ أن عملية الهضم تستهلك طاقةً أيضًا.

التمارين الرياضية

الألبان هي مثالٌ مهمُّ على ذلك، فترى أن الكثير من الأجساد تبذل جهدًا كبيرًا لهضم بروتين الكازين الذي تحويه الأطعمة اللبنية، وترى الناس يشعرون بالتخمة أو حتى النعاس بعد تناول الألبان. وبكل تأكيد هذا ليس الشعور الذي تريد لجسمك الشعور به وأنت على وشك البدء بالتمرين.

تقترح ليوين الحدّ من تناول الألياف والدهون قبل التمرين، لأنها "تستغرق وقتًا أطول في عملية الهضم والمعدة الممتلئة قد تُعيقك في التمرين. كما أن عضلاتك لن تستفيد من أي طعامٍ تتناوله قبل التمرين ما لم يتم هضمه".

إذا كنت تستطيع تناول الطعام في أوقاتٍ أفضل من الوقت الذي أختاره أنا قبل التمرين، فتوصي ليوين بأن يسبق تناول الطعام التمرينَ بساعةٍ أو ساعتين، مما يعطي الجسم وقتًا كافيًا لهضم الطعام والاستفادة من العناصر الغذائية الموجودة فيه.

ويضيف براون أن وجبته المفضّلة قبل التمرين هي تفاحة مع بعض زبدة الجوز التي تعطي الجسم جلوكوزًا طبيعًا، وأيضًا البروتين، ودهونًا مفيدة.

أما ما كان يقوله الناس في الماضي، بأن تتناول شيئًا من الكعك أو الباستا أو بعض الحليب والحبوب، فهي نصيحةٌ مغلوطة، فالأفضل أن تأكل ما تأكله عادةً مع الموازنة بين البروتين والدهون المفيدة والكربوهيدرات الطبيعية، ومن ثم أضف على ذلك وجباتٍ خفيفة سهلة الهضم قبل التمرين أو بعده مثل التفاح أو الحساء أو مشروبًا ما إذا دعت الحاجة.

أفضل المجموعات الغذائية لإعطاء الطاقة للجسم قبل التمرين

  • تُنتِج الكربوهيدرات الطاقة في الجسم أسرع من أي نوعٍ آخر من أنواع الغذاء، وهي أيضًا المصدر الرئيسي الذي يعتمد عليه الجسم عندما يحتاج الطاقة. تناول شيئًا من الخضار أو الفواكه والحبوب مثل الرزّ البني ودقيق الشوفان، والكينوا.
  • تُعدّ مجموعة البروتين مصدر طاقةٍ أوسع. وتساعد البروتينات على بناء العضلات والأنسجة وإصلاحها، كما أنها تضبط انقباضات العضلات ونسب الماء في الجسم. لكن إياك أن تنخدع بمن يقول إن عليك تناول كمياتٍ كبيرةٍ من البروتين لبناء العضلات، بل احرص على ألا تتجاوز نسبة البروتين 15% مما تستهلكه من سعراتٍ حرارية. احصل على البروتين من تناول البيض، واللحوم الخالية من الدهون، والسمك، والبازيلاء، والجوز، والبذريات.
  • الدهون هي الأخرى مصدرٌ ثانويُّ للطاقة. يحتوي الجوز والبذريات والسمك واللحوم وزيت الزيتون على مصادر طاقةٍ دهنية، كما أنها تساعد على بناء قوتك الذهنية، مما يساعد على اتخاذ القرارات بصورةٍ أسرع وأنت على أرض الملعب أو خلال جلسات التمرين سريعة الرتم.
  • تلعب الماء دوراً في جميع وظائف الجسد بمختلف أنواعها. تبيّن الدراسات أن الأداء يتأثّر بما يشربه الإنسان، وكمية ما يشربه، وأيضًا وقت الشرب. ويوصي براون بشرب رشفاتٍ سريعة خلال اليوم أو خلال التمرين بدلًا من شرب كمياتٍ كبيرة بعد الانتهاء من التمرين. كما أن أخذ استراحاتٍ قصيرة لشرب الماء بين الحينة والأخرى يساعد الرياضي على التقاط أنفاسه والاستعداد لما سيفعله لاحقًا في تمرينه.

سألت كلا الخبيرين عن أحسن ما يمكن للمرء تناوله بعد التمرين، فأجابتني ليوين بأن وجبةً تساعد على استرداد الطاقة لن تكون مفيدةٍ في معظم الأحيان إلا إذا تمرّن المرء لأكثر من ساعة.

التمارين الرياضية

تنصح ليوين شخصيًا بشرب حليب الجوز المدعم بالفواكه والبروتين، بحيث تكون نسبة الكربوهيدرات إلى البروتين فيه هي 4:1، بمعنى أنه مثلاً لو كانت نسبة البروتين 20%، فستكون نسبة الكربوهيدرات 80%، وهكذا. 

وتنصح أيضًا بتناول هذه الوجبة بعد 20 إلى 30 دقيقة من تمرين مجهد، وهو ما يساعد الجسد كثيرًا على سدّ نقص الجليكوجين. كما أنها تفضّل استهلاك السوائل مثل المشروبات لأن ذلك يساعد الجسم أيضًا على استعادة مستويات رطوبته.

عندما تحدّثت مع براون، كان يقوم بإعداد وجبته المفضّلة بعد التمرين التي تتكوّن من البروتين الموجود في مصل اللبن (السائل الذي يبقى بعد ترويب الحليب)، وزبدة الجوز، وحليب اللوز، وزيت الدهون الثلاثية، والقهوة المثلّجة.

ويبدو أن الخبيران أجمعا على أن شرب ما يحتوي معدّلاتٍ بسيطةٍ من الكافيين قبل التمرين لمن تستطيع أجسادهم التعامل مع الكافيين هو أمرٌ يُنصَح به، ولكن كلاهما أيضًا أكّدا أنهما لا ينصحان بذلك للأطفال، كما أنهما لا ينصحان بشرب كمياتٍ كبيرة من الكافيين.

وقد أجمع ثلاثتنا أيضًا على أن حليب الشوكولاتة ليس خيارًا مرغوبًا فيه بعد التمرين، ولو أنه يحتوي على معدّلاتٍ بروتينات وكربوهيدرات مناسبة تساعد على إعادة تشيط العضلات. فشرب حليب الشوكولاتة، بما يحتويه من بروتين الكاسين صعب الهضم ومعدّلات السكر العالية له آثارٌ جانبيةٌ، خصوصًا إذا كنت تعاني من مرض السكر أو عندك مشاكل في نسب السكر في دمك.

الاستماع للجسد

ويؤكّد براون أن تناول الكميات المناسبة من البروتين على مدار اليوم "هو أفضل ما يمكن لك فعله لتوفير المواد الغذائية لعضلاتك كي تُصلِح نفسها وتنمو".

التمارين الرياضية

وتتفق معه ليوين التي تؤكّد أن "النظام الغذائي الذي يتناوله المرء يجب أن يعكس المغذيّات التي يحتاجها جسمه، وليس فقط الوجبات التي يتناولها لاسترداد طاقته. أنا لا أحبّذ وجود الكثير من السكريات البسيطة في أنظمة الناس الغذائية اليومية، فقد يؤدّي السكر إلى الالتهابات، كما أنه يسبّب الإدمان".

وختمت ليوين قائلةً: "صحيحٌ أن هناك بعض الحقائق العلمية الكونية، ولكن أجسام الناس تتفرّد بخصائصها في النهاية"، فعندما نأكل ما نأكله لأننا نعتقد أن علينا تناول هذا الطعام أو ذاك، بدلًا من تناول الطعام عندما تأنّ أجسامنا جوعًا، أو عندما نشعر بأننا نحتاج إلى تجديد قواتنا؛ فسنخسر هذا الترابط الفريد بيننا وبين أجسامنا. فالاستماع إلى جسدك الذي سيخبرك في معظم الأوقات ما يحتاجه سيبقى دائمًا الإستراتيجية الأمثل.

إن الاستماع إلى الجسد الذي سيخبرنا في معظم الأوقات ما يحتاجه، سيبقى دائمًا هو الإستراتيجية الأمثل للتوفيق بين الغذاء والتمارين

ولهذا السبب تحديدًا أنا راضيةٌ أن أجري بمعدةٍ ليس فيها سوى الشاي الأخضر، تماماً مثلما تحبّ صديقتي أن تجري بعد تناول الخبر المحمّص وزبدة الفول السوداني. ربما نحن بذلك نخالف العادات الصحية المثبتة علميًا، ولكننا نشعر أن هذا هو الخيار الصحيح لنا.

 

اقرأ/ي أيضًا:

هل يؤثر الإفراط في التمارين الرياضية سلبًا على الصحة النفسية؟

تعرف إلى أهم 5 عادات صحية تزيد عمرك عقدًا من الزمن

ماذا يقول العلم عن حاجتنا اليومية من التمارين الرياضية؟

3 طرق مجربة لعلاج التشنج بعد التمارين الرياضية