08-سبتمبر-2023
ماتسو باشو ومختاراته (الترا صوت)

رسم لـ ماتسو باشو وكتاب أنطولوجيا شعر الهايكو الياباني (الترا صوت)

يتّفق نقّاد ومؤرّخو الأدب، الشعر تحديدًا، في اليابان وخارجه، على أن ماتسو باشو (1644 - 1694) هو أحد أهم الشخصيات الأدبية في اليابان وأكثرهم عبقرية في كتابته لما يُعرف باسم شعر "الهايكو"، الذي لم يكتف بكتابته بالطُرق السائدة في عصره، بل اشتغل على تطويره وأوجد لنفسه أسلوبًا جديدًا مختلفًا وثوريًا ميّز أشعاره. 

في تقديمه لكتاب "أنطولوجيا شعر الهايكو الياباني"، يقول هاشم شفيق، مترجم الكتاب، إن عبقرية باشو تتجلى: "في رفع الشعر الياباني في عصره، وبخاصة شعر الهايكو، إلى ذروة البساطة المُطلقة المشفوعة بثروة إيقاعية عميقة، حيث سعى من خلال التقاليد البوذيّة إلى النزوع الصوفي ذي الرؤية التوحديّة الممتزجة مع جوهر الطبيعة، وبهذا كان لباشو دور في القضاء على التصنع والتحذلق الشعريين ليمسي أهم شاعر في جيله وعصره حينذاك". 

وأضاف شفيق: "إنّ روائعه الشعريّة تعكس حياته التي قضاها في الأسفار، مما جعلت منه روحانيًا على نحو مثاليّ، معبّرًا عن ذاته في دقّة ضمن لغة يتخللها الصفاء في التعبير والنقاء والأناقة والتطريز في تجاويف النسيج الشعري". 

القصائد المختارة هنا مأخوذة من مختارات أعدّها هاشم شفيق، وصدرت عن "دار المدى" عام 2018 تحت عنوان "أنطولوجيا شعر الهايكو الياباني". 


في هذا الصباح

أحسستُ بأني إنسانٌ جديد

بردائي الجديد.

*

 

حقول

وجبال الهايكو

في تسعة أيامٍ ربيعية.

*

 

عام جديد

وباشو في صومعته

مع أزيز الهايكو.

*

 

مطرٌ ربيعي: 

وتحت الشجرة

جدول كريستال.

*

 

القطةُ ماءت:

الآن غرفة النوم

ستطال القمر.

*

 

لا تنسَ الخوخَ الذي

يزهر داخل الأجمة.

*

 

بقصيدة هايكو أخرى

ليس وجي الذي يتورَّد

بل الكرز.

*

 

أتظاهرُ أني

أشرب الساكي

من مروحتي المرقّشة

بتويجات الكرز. 

*

 

لو أني امتلكتُ الموهبة

لغنيت مثل سقوط كرز رقيق.

*

 

تحت شجرة الكرز

يتورَّدُ حساءٌ

وتزهر سلاطة.

*

 

تويجاتُ أزهار صفراء

وعدٌ وشلال.

*

 

شعرٌ طويل

ووجه رقيقٌ وأبيض

هو مطرُ حزيران.

*

 

عظامٌ 

بلا وجهٍ أنا

تبعثرتُ في الحقل،

ثمة ريحٌ 

قطعتْ جسدي.

*

 

الشتاء ينكسبُ فيه المطر بغزارة،

حتى القرد

يحتاج إلى معطف مطريّ.

*

 

مطرُ أول هذا الشتاء

اسمي مسافرٌ فيه

يتهادى هناك.

*

 

يحزنُ الشاعرُ

على ارتجافة بردِ القِرَدة،

فكيف بطفلٍ مطرودٍ

إلى رياح الخريف.

*

 

فتىً معدمٌ

يغادر رؤية القمر

إلى مطحنة الرز.

*

 

أيتها الفراشة

إنهضي

تأخَر الوقت

فلدينا أميالٌ

لنقطعها معًا. 

*

 

البنسفج:

يا له من نفيسٍ

في طريق الجبل.

*

 

في الخريف المبكر

حقل الرز والمحيط

يتلوّنان بلونٍ واحدٍ

هو الأخضر.

*

 

قمرٌ مضيء

يتجوّل حول البحيرة:

يا صديقي. 

الفجر قد حلّ.