22-يونيو-2022
تعقيدات أمام تشكيل الحكومة الجديدة (رويترز)

تعقيدات أمام تشكيل الحكومة الجديدة (رويترز)

أقر الكنيست الإسرائيلي، صباح اليوم، بالقراءة التمهيدية على قرار سيحل بموجبه نفسه، تمهيدًا لإجراء انتخابات مبكرة. وكان المشروع قد قُدم بشكلٍ مشترك من قبل حزب يوجد مستقبل وأمل جديد، بناءً على اتفاق بين رئيس الوزراء الحالي نفتالي بينيت ووزير الخارجية ورئيس الوزراء البديل يائير لابيد، الذي سيتولى المنصب مع حل الكنيست مباشرةً، وحتى تشكيل الحكومة القادمة عقب الانتخابات التي ستعقد في نهاية شهر أكتوبر/ تشرين أول القادم.

أقر الكنيست الإسرائيلي، صباح اليوم، بالقراءة التمهيدية على قرار سيحل بموجبه نفسه، تمهيدًا لإجراء انتخابات مبكرة

وكانت المعارضة في الكنيست بقيادة حزب الليكود، الذي قدم بدوره مشروع قانون آخر لحل الكنيست، تسعى إلى تشكيل حكومة في الكنيست الحالي، دون الذهاب إلى انتخابات من خلال الاعتماد على حزب أزرق أبيض برئاسة وزير الأمن بيني غانتس وأمل جديد بقيادة جدعون ساعر وحزب نفتالي بينيت يمينا، مع الموافقة على إعطاء وزير الأمن غانتس رئاسة الوزراء بالمداورة، وأن يحصل على الفترة الأولى منها. وتبقى احتمالية حدوث مثل هذا السيناريو منخفضةً بشكلٍ كبير في الفترة الحالية، خاصةً أن تجربة شراكة غانتس مع نتنياهو فشلت، ولم يمنحه المداورة في الحكومة وفضل حل الكنيست في حينه. فيما أعلن نتنياهو عن أن الانتخابات القادمة ستكون الدورة الأخيرة التي يشارك فيها.

ومن أجل تجنب أي عروض لعرقلة حل الحكومة وصعود الليكود للحكم مرةً أخرى، راسل غانتس نواب الكنيست من حزبه وطالبهم بتجنب الرد والموافقة على أي عروض من أجل تشكيل الحكومة دون التوجه للانتخابات من قبل المعارضة.

بايدن قادم

ورغم التوجه إلى حل الحكومة، فقد أعلن السفير الأمريكي في إسرائيل توماس نيديس، عن استمرار زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن في 13-14 تموز/ يوليو القادم، لكنه سيلتقي لابيد بدلًا من بينيت. وضمن التزامه بنقل رئاسة الوزراء إلى لابيد، أوعز بينيت إلى رئيس مجلس الأمن القومي إيال حولتا ومستشاره العسكري آفي غيل، بإعداد خطة واسعة ومعمقة ستتناول القضايا الأمنية والسياسية المطروحة على جدول الأعمال تمهيدًا للوصول إلى فترة التناوب ونقل كافة الصلاحيات إلى لابيد. فيما ستستمر كافة الرحلات واللقاءات المخطط لها كما هي، حتى يحصل التناوب بشكلٍ رسمي، وسيحتفظ لابيد بحقيبة وزير الخارجية إلى جانب رئاسة الوزراء، فيما سيكون نفتالي بينيت نائبًا له.

وتعتبر زيارة بايدن لإسرائيل دافعًا لتعزيز الموقف خلال الحملات الانتخابية ليائير لابيد، وبشكلٍ جزئي لبينيت نائب رئيس الوزراء والمسؤول عن الملف الإيراني. بالإضافة إلى زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الأسبوع القادم لإسرائيل. ويحتمل أن يتمكن لابيد من استقباله كرئيس للوزراء. فقد أشارت القناة الـ12 الإسرائيلية إلى أن هذه الزيارات يمكن أن تحمل ازدهارًا سياسيًا، خاصةً أن زيارة بايدن قد تحمل إمكانية إعلان تحالف عسكري، ودفع علاقات التطبيع مع السعودية. أما القضية الأساسية التي يمكن للمعارضة الإسرائيلية استغلالها فهي الأزمة الاقتصادية. ورغم أن إسرائيل من أقل الدول تأثرًا بالتضخم الاقتصادي العالمي، إلّا أن الأسعار تشهد ارتفاعًا فيها، بما فيه أسعار العقارات، التي تشكل قضية رأي عام مؤخرًا في إسرائيل.

محاولة أخيرة للتغيير

ويناقش الائتلاف إمكانية تمرير ما تبقى من قوانين تحتاج إلى المصادقة عليها في القراءة الثانية والثالثة سريعًا، من أجل إنهاء الملفات العالقة، ومنح الفرصة للأحزاب المشاركة في الائتلاف تقديم مادة انتخابية للناخبين، مع تخوف الائتلاف من صعوبة جمع كافة الأعضاء والحصول على جلسات مكتملة النصاب من أجل تمرير القوانين، مما يتيح الفرصة للمعارضة لمهاجمة الائتلاف في آخر أيامه أيضًا.

وستعمل الحكومة المنتهية ولايتها بحسب التوصيف الإسرائيلي القانوني الرسمي حتى تشكيل حكومة جديدة، وهي فترة قد تمتد حتى نصف عام بما فيها الانتخابات، ويمكن أن تبقى لفترةٍ أطول، وتمتلك الحكومة تقريبًا صلاحيات كاملة في سن القوانين وتبديل الوزراء، فيما يبقى هناك عوائق إقرار ميزانية جديدة وتحويل الميزانيات وإجراء تعيينات جديدة، باعتبارها يمكن أن تؤثر على العملية الانتخابية.

جاءت الحكومة الحالية، تحت عنوان كبير باعتبارها "حكومة التغيير" ويبدو أن التغيير الذي تحقق كان ضئيلًا. وككان أحد أبرز القوانين التي أشير إليها باستمرار عند بداية الائتلاف الحالي هو القانون الذي يمنع ترشح متهم جنائي للكنيست، وهو ما يستهدف نتنياهو على نحو خاص. ولم يطرح القانون طوال فترة تماسك الائتلاف، لكن مع نهايته هناك نية أخيرة لإنفاذ وعود الائتلاف وطرح القانون. فقد أشارت صحيفة يديعوت أحرنوت إلى أن حزب العمل سيدفع بمشروع قانون، يمنع متهمًا جنائيًا من تشكيل حكومة، خاصةً أن القائمة المشتركة أعلنت عن دعمها لمشروع القانون، ومن المتوقع أن يتم طرحه بداية الأسبوع المقبل، وتظهر إمكانية كبيرة لتمرير القانون نظرًا لموافقة غالبية أطراف الائتلاف عليه.

كما يمكن أن يبقى مشروع إعفاء الإسرائيليين من تأشيرة الدخول للولايات المتحدة الأمريكية عالقًا، في ظل أن الإجراءات التشريعية المرتبطة بالقضية ما تزال عالقة، مما قد يساهم في تأخيره حتى منتصف عام 2023. كما يمكن أن تبقى قضية اختيار رئيس جديد لهيئة الأركان لجيش الاحتلال معلقةً، رغم محاولة غانتس البدء بعملية اختيار قائد جديد ليخلف أفيف كوخافي.

إنقاذ المستوطنات

وجاء قرار لابيد وبينيت المشترك بعد تخليهم عن السعي لإصلاح الائتلاف الذي تفاقمت أزماته مع الانشقاقات المستمرة والفشل في تمديد سريان القانون الإسرائيلي على المستوطنين في الضفة الغربية، وحل الكنيست يساهم في تمديد هذا القانون تلقائيًا بشكلٍ مؤقت حتى أول 3 أشهر في عمر الحكومة القادمة. وقال بينيت إن المبادرة بالانتخابات جاءت لمنع الفوضى والإضرار بالأمن الإسرائيلي. وكانت اقتراحات سحب الثقة من الحكومة قد سقطت يوم الاثنين نتيجة غياب القائمة المشتركة عن التصويت.

وفي السياق ذاته، تشير صحيفة "جيروزاليم بوست" إلى أن الفترة القادمة لن تكون الأفضل بالنسبة لمستوطنات الضفة الغربية، فقد افتتح تقرير نشر فيها عن المستوطنات والضفة الغربية بالقول إنه "مع مثل هؤلاء الأصدقاء السياسيين (تقصد غانتس ولابيد)، لا يحتاج المستوطنون حقًا إلى أعداء". باعتبار أن غانتس بصفته وزيرًا للأمن هو المسؤول المباشر عن المستوطنات في الضفة الغربية ويمكن وصفه برئيس وزرائها، ويحصل على الأوامر التي تخصها من لابيد. ورغم إنقاذ المستوطنات على المستوى اليومي بحسب التقرير، إلى أن وجود هكذا حكومة حتى لو كانت انتقالية سيتسبب بالضرر للأجندة الاستيطانية في الضفة الغربية، خاصةً أنه من المتوقع أن تستمر الحكومة لفترة أطول من الفترة الانتقالية.

ويشير التقرير إلى أن وجود بينيت على رأس الحكومة ساهم في خلق موازنة ضمن حكومة وسط ويسار صهيوني، وتم خلالها الموافقة على مشاريع للبناء في المستوطنات، وأعلنت وزارة العدل عن إمكانية ربط البؤر الاستيطانية بالكهرباء، أي أن أجندة اليمين الاستيطاني بقيت سائدة. وفي حين يعلن بينيت عدم دعمه لقيام دولة فلسطينية على حدود 1967، فإن لابيد يدعمه نظريًا رغم تأكيده على عدم الدخول في حوارات السياسية خلال وجوده في الائتلاف، كما أنه يدعم ما أسماه النمو الطبيعي للمستوطنات، ويساند الكتل الاستيطانية لكنه يعارض البؤر الاستيطانية والمستوطنات المعزولة. أما التخوف الذي يظهره التقرير فهو أن لابيد قد يقدم تنازلات للرئيس الأمريكي جو بايدن خلال زيارته لإسرائيل، تشمل إيقاف النشاط الاستيطاني في مناطق ج. بالإضافة إلى أن سيادة لابيد وغانتس على الضفة الغربية واسعة، بحيث يمكنهم رفض دعوة المجلس الأعلى للتخطيط الذي يصادق على زيادة الاستيطان، مما قد يجمده مرحليًا.

هذه المخاوف لا تبدو واقعية، بالنظر إلى ما كشفته صحيفة "يديعوت أحرنوت" اليوم الأربعاء، عن عملية استيطانية ضخمة يخطط لها المستوطنون في الصيف المقبل، أطلقوا عليها اسم "آفيتار عشرة اضعاف"، في إشارة لنيّتهم استنساخ تجربة تشييد بؤرة "افيتار" الاستيطانية التي حاولوا إقامتها على "جبل صبيح" في بلدة بيتا جنوب نابلس.

مستقبل ضبابي لبينيت

يبدو أن مستقبل بينيت السياسي متأرجح خلال الفترة الحالية، خاصةً مع فشله في الحفاظ على تماسك حزبه منذ اليوم الأول لإقامة الائتلاف، والذي خسر معظم أعضائه إما بشكلٍ رسمي أو ضمنيًا مع آخر أيام الائتلاف، ولم يبق على توافق معه سوى ماتان كاهانا. وأشارت مصادر إلى إمكانية تركه السياسة بشكلٍ دائم أو مؤقت من أجل إعادة ترتيب أوراقه وبناء تحالف أكثر متانة. أما السيناريو الثاني فهو الترشح عن حزب يمينا مرةً أخرى، لكن مستقبل الحزب يبدو ضبابيًا أيضًا مع الحديث عن إمكانية عدم قدرته على تجاوز نسبة الحسم، بالإضافة إلى إمكانية انسحاب شريكته السياسية وزيرة الداخلية أيليت شاكيد، نتيجة الخلافات بينهم وعدم استشارتها في قرار حل الكنيست. والخيار الأخير، هو الاندماج مع حزب أمل جديد الذي أسسه وزير العدل الحالي والمنشق عن الليكود جدعون ساعر، مع الحديث عن إمكانية عدم تجاوز حزب ساعر نسبة الحسم. فيما يبقى هذا احتمالًا ضعيفًا نظرًا لعدم تناغم بينيت وساعر خلال عام من العمل المشترك في الائتلاف. وفي محاولة لإعطاء الحزب دفعةً، لم تستبعد المديرة التنفيذية لحزب يمينا ستيلا وينشتاين في مقابلةً صباح الثلاثاء، الانضمام إلى حكومة بقيادة نتنياهو.

حكومة الأزمات

والحكومة الحالية، التي تعتبر من أكثر الحكومات تمايزًا في تاريخ إسرائيل، من ناحية تنوع واختلاف أعضائها، مرت في أزمات كثيرة ومتعددة وتمكنت من الاستمرار لحوالي العام من الحكم وإنهاء سيطرة نتنياهو على رئاسة الوزراء بعد أكثر من 10 سنوات. رغم ذلك يمكن القول إن مسيرة الحكومة هي عبارة عن عام من الاهتزازات والانشقاقات.

بدأت الحكومة يومها الأول مع تمرد عضو الكنيست عن حزب يمينا عميخاي شيكلي، بتصويته ضد منح الثقة للحكومة، لرفضه الجلوس في حكومة فيها حزب عربي وأحزاب العمل وميرتس، لتعمل منذ اليوم الأول بأغلبية ضيقة تقوم على 61 عضوًا. أما الأزمة التالية فقد جاءت مع سقوط تجديد قانون منع لم الشمل للفلسطينيين، الذي لم يستطع الائتلاف تمديده عند طرحه الأول، قبل أن تجمع الأحزاب الصهيونية في الحكم والمعارضة على دعمه.

وكانت نقطة ذروة تصاعد أزمات الائتلاف، في نيسان/أبريل عند إعلان عضوة الكنيست عن يمينا ورئيسة الائتلاف عيديت سيلمان الانشاق وترك الائتلاف رسميًا، وخلال تلك الفترة بدأ عضو يمينا أيضًا نير أورباخ بإصدار إنذارات تهديد بالانشاق للائتلاف وابتزازه من أجل الاستمرار فيه، قبل أن يتخلى عنه رسميًا قبل أيام. كما تمردت غيداء ريناوي- زعبي من ميرتس ومازن غنايم من القائمة الموحدة بالإضافة إلى مايكل بيتون من حزب أزرق أبيض. فيما كان قانون تمديد سريان الأنظمة واللوائح الإسرائيلي على الضفة الغربية، من أبرز القوانين التي ساهمت في سقوط الحكومة الحالية.

يبدو أن مستقبل بينيت السياسي متأرجح خلال الفترة الحالية، خاصةً مع فشله في الحفاظ على تماسك حزبه منذ اليوم الأول لإقامة الائتلاف

استمرار اللاحسم

وبحسب واحد من أول الاستطلاعات الانتخابية التي صدرت صباح الثلاثاء عن راديو 103 الإسرائيلي عقب اتفاق لابيد وبينت على حل الكنيست، فقد منح حزب الليكود 36 مقعدًا في الانتخابات، ويليه يوجد مستقبل 20 مقعدًا، ويحل ثالثًا حزب الصهيونية الدينية بقيادة بتسلئيل سموترتيش وايتمار بن غفير 10 مقاعد. فيما أظهر الاستطلاع محافظة حزب أزرق أبيض على مقاعده الـ 8 وحزب العمل على 7 مقاعد، والقائمة العربية المشتركة على 6 مقاعد. ومنح الاستطلاع حزب شاس 7 مقاعد بخسارة مقعدين، وحصل يهودا هتوراة على 6 مقاعد بخسارة مقعدين أيضًا.

وتوقع الاستطلاع ارتفاع مقاعد حزب يمينا من أربعة مقاعد إلى سبعة. ومن المتوقع أن ينخفض حجم حزب يسرائيل بيتنا بقيادة وزير المالية أفيغدور ليبرمان من 7 مقاعد إلى خمسة، فيما يتوقع أن تجتاز القائمة العربية الموحدة بقيادة منصور عباس وأمل جديد بقيادة ساعر الحد الأدنى من المقاعد، بالحصول على 4 مقاعد. ولا يتوقع الاستطلاع أن يجتاز حزب ميرتس نسبة الحسم، رغم أنه يشغل 6 مقاعد حاليًا، مع التأكيد على أن الأحزاب الثلاثة الأخيرة في الاستطلاع تتصارع على نسبة الحسم ويمكن أن تتغير نتائجها في لحظات. والاستطلاع كما هو متوقع لا يعطي أي كتلة إمكانية حسم الكنيست وتشكيل حكومة في حال بقيت المعسكرات السياسية كما كانت قائمة في الائتلاف الحالي.